صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الأربعاء 22 يونيو 2022 / 10:55

صحف عربية: المسار الدستوري في ليبيا نحو المجهول

فشلت البعثة الأممية في ليبيا مجدداً وانتهت وعود المستشارة السياسية للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز إلى فراغات لن يكون من اليسير ملؤها بعد انهيار الجولة الثالثة من المفاوضات المنعقدة بالقاهرة والإعلان رسمياً عن عجز وفدي مجلسي النواب والدولة في التوافق حول جملة قوانين المرحلة الانتقالية المؤدية للانتخابات.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، ما زال الوضع في ليبيا على ما هو عليه، وتبدو الأمم المتحدة أعجز من أي وقت مضى عن إيجاد الحلول المناسبة، ولاسيما أن جزءاً مهماً من عملها هو المناورة لفائدة أطراف بعينها في غرب البلاد، مع تجاهل تام لإرادة الشعب، ولمبدأ المصالحة الوطنية الذي تخشاه بعض القوى الخارجية نتيجة ما قد يؤدي إليه من وصول أطراف غير مرغوب فيها للحكم.

مسار بلا أفق
وقال الكاتب الحبيب الأسود في مقاله بصحيفة "العرب" اللندنية إن الآجال القانونية للشرعية التي حظيت بها حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي وفق مخرجات اجتماعات تونس في نوفمبر 2020 انتهت، واجتماعات جنيف التي تلتها، والتي كانت تعد بانتخابات رئاسية وبرلمانية خلال فترة انتقالية مدتها 18 شهراً، لكن العبث السياسي من قبل الأطراف الداخلية والخارجية والجماعات المتمعشة من تأبيد الصراع أنهى خارطة الطريق وأطاح بأولوياتها لفائدة جملة من الشعارات الوهمية، ليجعل من يوم الثاني والعشرين من يونيو 2022 يوماً جديداً في سياق مختلف تماماً.

وأوضح الحبيب الأسود أن المسار الدستوري لم يكن مفاجئاً لأحد من المراقبين، فما قامت به ويليامز كان يشير إلى أنه مسار بلا أفق في ظل واقع يسيطر عليه صراع الإرادات؛ وفد مجلس الدولة مثلا كان يعبر عن إرادة الإخوان وأمراء الحرب وقادة الميليشيات والتيار الثوري الراديكالي وأصحاب الأجندة الانعزالية الجهوية ممن يهدفون إلى تدوين دستور على مقاس تطلعاتهم للانفراد بالسلطة والثروة والسلاح، الغاية من ورائه إيجاد قاعدة دستورية للانتخابات تحظر على المنافسين الجديين الترشح للرئاسيات.

وأشار الكاتب إلى أن الأكثر إثارة في الموضوع أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة والذي يرفع شعار "نعم للانتخابات ولا لعودة الحرب" هو الذي يوفّر كل الظروف الملائمة للعودة إلى مربع الصراع بإصراره على البقاء في الحكم والاستفراد بالسلطة، وقد حوّل مراكز القرار إلى إمبراطورية خاصة به وبالمقربين منه، ولا يزال يعتمد على آلياته الشعبوية في الترويج لصورته ليس فقط كزعيم سياسي غير قابل للخروج من دائرة الضوء، ولكن كمؤتمن على الديمقراطية وكراع للمسار الانتخابي الذي قد يتأخر لسنوات أخرى.

كما أكد الحبيب الأسود أن الوضع في ليبيا على ما هو عليه، وتبدو الأمم المتحدة أعجز من أي وقت مضى عن إيجاد الحلول المناسبة، ولاسيما أن جزءً مهما من عملها هو المناورة لفائدة أطراف بعينها في غرب البلاد، مع تجاهل تام لإرادة الشعب، ولمبدأ المصالحة الوطنية الذي تخشاه بعض القوى الخارجية نتيجة ما قد يؤدي إليه من وصول أطراف غير مرغوب فيها للحكم.

ودعا الكاتب التونسي الوطنيين الليبيين إلى الالتفاف حول حكومة الاستقرار التي تباشر عملها من سرت، وتوحيد صفوفها لتحقيق المصالحة الوطنية بين القوى المستعدة لها على أن يترك الباب مشرعا لكل من يرغب في الالتحاق بركب الوفاق، وأن يتم التأكيد من جديد على جملة الأولويات القادرة على ضمان تجاوز الأزمة ومنها حل الميليشيات وإجلاء المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية وطي صفحة الماضي بالإعلان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق دستور يتحدد من خلال مشروع المصالحة الشاملة لا من خلال حسابات الفرقاء وتناقضات مصالحها.

خارطة طريق جديدة
وأيد الكاتب وحيد عبد المجيد نفس الرأي السابق، وقال "لم يعد مُستغرباً تخبط القوى الدولية المعنية بالأزمة الليبية، وعجز الأمم المتحدة عن احتوائها ووضعها على طريق حلٍ مستدام وفق خطة مُتوافقٍ عليها وقابلةٍ للتطبيق. هذا هو الحال في سوريا واليمن أيضاً".

وأضاف في مقاله بصحيفة "الاتحاد" أن أداء المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفاني دي مستورا ونظيره في اليمن هانس غروندبرغ لا يختلف عن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز إلا في التفاصيل الخاصة بكلٍ من هذه الأزمات.
وتساءل الكاتب وحيد عبد المجيد "ما الذي يمكن أن تفعله ويليامز إزاء صعوباتٍ لم يقدر على مثلها 7 مبعوثين دوليين إلى ليبيا؟

وقال سؤالُ في محله، وجوابه أن في إمكانها الطلبَ إلى الأمين العام عقدَ اجتماع عاجل بمناسبة انتهاء أجل خريطة الطريق مع وزراء خارجية القوى الدولية الأكثر تأثيراً في مسار الأزمة، ووضعها أمام مسئولياتها، والتلويح بإطلاع الرأي العام العالمي على مدى إسهام كل منها إيجاباً أو سلباً في السعي إلى خريطة طريقٍ جديدةٍ تضمنها المنظمة الدولية بكل ما تملكه من أدوات، حتى إذا اقتضى الأمرُ تشكيلَ قوة سلام دولية بقرارٍ من مجلس الأمن للتعامل مع عقباتٍ ستواجه مرةً ثانيةً إجراء الانتخابات التي تعتبرها الأممُ المتحدةُ السبيلَ الوحيدَ لحل الأزمة.

أمراض مستوطنة
أما الكاتب سالم العوكلي قال في صحيفة "الوسط" الليبية إن الملف الليبي الشائك تنقّل بين عديد المدن في القارات عبر عقد من الزمان، وتقلب في مبادرات واتفاقات عدة، وتمرغ بين هيآت ولجان وأجسام مختلفة، لكن الإيعازين الغالبَين في كل هذه المحاولات للخروج من النفق كانا: محلّك سر، أو للوراء در.

وأوضح أنه في كل مرة تقف أمراض هذا الكيان المستوطنة، أو بتعبير ألطف، خصائصه البنيوية حائلا دون محاولات علاجه بالمراهم أو المسكنات أو بالكي أحيانا، لكن ثمة ظاهرة طغت في هذه السنوات الأخيرة، وهي شخصنة الأزمة، حيث فُرِّغت قضية هذا الكيان المصيرية في مصالح أشخاص بعينهم، ولم تعد مسألة وطن ولا أمة تحاول أن ترسو على بر، بل إن هذه الشخصنة كانت خلف صياغة معظم التشريعات الدستورية والقانونية التي صدرت خلال هذا العقد.

وأشار الكاتب الليبي إلى أن الإعلان الدستوري منذ البداية وقانون الانتخابات صِيغَ على مقاس أشخاص أو جماعة متطفلة على المشهد السياسي والاجتماعي في ليبيا، وصيغ قانون العزل السياسي ليقصي شخصا، وصيغ قانون العفو العام ليُدمج شخصا، وكل المبادرات التي اقتُرِحت والاتفاقات التي وقِّعت أجهِضت بسبب أنها لا تلبي رغبة شخص أو أشخاص.

وأكد أنه رغم وجود ليبيا في تلك الفترة تحت الوصاية الأجنبية، إلا أن الحل كان (ليبيّاً/ ليبيّاً) إلى حد كبير، وكل اللجان والاجتماعات عُقدت داخل ليبيا، كما تحاشى المفوض التدخل المباشر، واقتصر عمله على تقديم التسهيلات اللوجستية والاستشارة وترطيب الأجواء، وهو ما يُستبان من كتاب أدريان بيلت (استقلال ليبيا ـ حالة تفكيك ممنهج للاستعمار)* ، الذي نجح في مهمته وأصبحت إحدى قصص النجاح في أرشيف المنظمة.

رسالة للعالم الديمقراطي
ومن جانبه رأى الكاتب رمزي حليم مفراكس أن ما لا يعرف الآخر عن ليبيا، بأن لنا دستور شرعي كان يمهد لنا الطريق الشرعي الى التسوية السياسية والانتخابية، طريق يكون مخرجاً لتسوية السياسية والانتخابية، فلم يأخذوا الشعب الليبي رأيه في الاستفتاء عليه مرة أخرى كما هو أو العمل على تفعيله بإقامة التعديلات بما يناسب المرحلة الحالية لدولة الليبية العصرية.

وقال مفراكس في مقاله بموقع "بوابة أفريقيا" الليبي إن الاستفتاء الأخير كان صورة من صور تزيف أصالة المجتمع الليبي في الدستورية الشرعية التي يطالب بها الشعب الليبي وتشويه نمط الديمقراطية الشعبية الليبية في اختيار ومشاورة الشعب واخذ رأيه في حالة الرجوع وتفعيل دستور ليبيا لعام 1951 ميلادي.

ووجه الكاتب رسالة الى العالم والعالم الديمقراطي التي تتشاور نيابة عن الشعب الليبي في تقرير مصيره، وانه لا مجال لأي نجاحات حتى تعود ليبيا الى ما كانت عليها، ليبيا دولة دستورية شرعية بإطار دستور ينظم لها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، رسالة موجه تعطي الصورة الصحيحة التي تأوي وتستقطب كل ليبي يعمل من خلال الدستورية الشرعية الليبية وليس بانقلابات عسكرية أو جماعات مسلحة أو كتائب مسلحة أو مصالح خارجية تعمل على تصعيد عدم وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها.

وختم مقاله قائلاً "إذا ما أردنا دولة جيدة أمنت بها شعب امن يجب آن يأخذ طريقنا الى الطريق الدستوري، الصفة الشرعية القانونية، أما في حالة رفض الدستورية الشرعية والرجوع الى الانقلابات العسكرية سوف نزل مرة أخرى الى العصور المظلمة في تاريخ ليبيا الانقلابي".