صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الخميس 23 يونيو 2022 / 10:54

صحف عربية: السعودية تختبر نوايا أردوغان

يبدو أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا ستكون بمثابة اختبار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ما إذا كان سيغير طريقته في النظر إلى العالم بما يضمن بناء علاقات دائمة مع السعودية وغيرها.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الخميس، ينظر السعوديون بريبة إلى مواقف الرئيس التركي وتغير مواقفه من النقيض إلى النقيض، خاصة تأكيده المستمر على أن هدفه من الانفتاح على المملكة والخليج ككل، هو النهوض بالجانب الاقتصادي، وهو ما يثير مخاوف من أنه قد يعود إلى سالف عهده إذا لم يحصل على ما يريده، وأنه قد يستعمل ذلك كطريقة للابتزاز.

اختبار سعودي
وكشفت مصادر سياسية تركية مطلعة أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أبدى خلال لقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغبته في عودة تدريجية للعلاقات الثنائية من أجل إعطاء الفرصة لتصويب الأسباب التي قادت إلى القطيعة التامة في السنوات الأخيرة، معتبرة أن الرسالة كانت موجّهة إلى الرئيس التركي لإثبات حسن نواياه تجاه السعودية.

وقالت المصادر لصحيفة "العرب" إن الرئيس التركي لم يحصل على ما يريده بشكل كامل من زيارة ولي العهد السعودي فيما يتعلق بالجانب المالي الذي كان يريد أن يحصل عليه بشكل سريع، إذ لم تصدر من الأمير محمد بن سلمان ولا الوفد المرافق له تصريحات بشأن حجم الاستثمارات التي ستعلن عنها الصناديق السيادية السعودية، وكذلك بشأن تبادل العملات، وهو ما يراهن عليه أردوغان من خلال الزيارة بهدف إنقاذ الليرة وإرسال إشارات إيجابية للمستثمرين الأجانب وللمؤسسات المالية الدولية.
واستقبل أردوغان ولي العهد السعودي استقبالاً رسميا في القصر الرئاسي في أنقرة وتصافحا وتعانقا قبل مقابلة أعضاء الحكومة التركية ثم عقدا اجتماعا قالت وكالة الأناضول إنه استمر لساعتين.

وأشار المراقبون إلى أن التغيير الذي يبديه أردوغان أجبرته عليه الظروف وليس نابعا من طريقة تغيير شخصية لأنه ظل كما هو في قضايا أخرى؛ من ذلك أنه داخليّا حافظ على موقفه المتشدد من حرية التعبير ومن خصومه السياسيين، كما أن نزوعه إلى الصدام وتوتير العلاقات الخارجية لم يتغير في تصريحاته ضد اليونان وفرنسا وخلق أعداء جددا بافتعال معارك هامشية مثل ما يجري مع السويد وفنلندا بمعارضته عضويتهما في حلف الأطلسي.

واعتبر هؤلاء أن التغيير الحاصل تجاه دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، يعود بالأساس إلى حجم الخسائر التي لحقت بتركيا واقتصادها، وهناك قطاعات مثل العقارات والسياحة والمسلسلات التاريخية تضررت بشكل كبير بعد عزوف الخليجيين عن زيارة تركيا.

ولا يعرف إلى أيّ حد يمكن أن ينجح أردوغان في إقناع السعوديين بحسن نواياه وتبديد مخاوفهم، وإقناعهم بتغيير موقفهم من بلاده وكسر المقاطعة الشاملة رسمياً وشعبياً ضدها.

تنسيق المواقف
فيما تناولت صحيفة "الشرق الأوسط" تفاصيل الجولة الإقليمية للأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والتي شملت كلا من: مصر والأردن وتركيا، حيث أجرى محادثات مع قادة تلك الدول، تناولت تعزيز وتنمية العلاقات، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، كما شملت عددا من الملفات الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية بين المملكة وتلك البلدان.

وعقد الأمير محمد بن سلمان، لقاءً ثنائياً مع نظيره التركي رحب في بدايته الرئيس التركي بولي العهد في بلده الثاني، ونقل ولي العهد، تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس التركي، فيما حمله الرئيس التركي تحياته وتقديره لخادم الحرمين الشريفين.

وذكرت الصحيفة أن الجانبان استعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه التعاون والسبل الكفيلة بتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، غادر بعدها الأمير محمد بن سلمان مختتماً زيارته لتركيا وجولته في الدول الثلاث.

وخلص بيان ختامي مشترك صدر حول زيارة الأمير محمد بن سلمان لتركيا، إلى المقومات الاقتصادية الكبيرة التي يزخر بها البلدان بصفتهما عضوين في مجموعة العشرين، كما تناول البيان المباحثات التي استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين من مختلف الجوانب، وتم التأكيد بأقوى صورة على عزمهما المشترك لتعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، وتبادل الجانبان وجهات النظر حيال أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وفي الشأن الدفاعي، اتفق الجانبان على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجالات التعاون الدفاعي، وتعزيزها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، واتفق الطرفان على تعزيز التعاون العدلي، والعمل على تبادل الخبرات بين المختصين في المجالين القضائي والعدلي.

كما أكد الطرفان سعيهما لتكثيف التعاون والتنسيق وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية وبما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعم الحلول السياسية لكل الأزمات في دول المنطقة مع التأكيد على عدم المساس بسيادة أي منها والسعي لكل ما من شأنه إبعاد دول المنطقة عن التوترات، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها.

أردوغان أدرك الدور السعودي
وقال الكاتب رامي الخليفة العلي في صحيفة "عكاظ" إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حمل ملفاته ويمّم وجهه شطر العاصمة السعودية الرياض؛ لأنه أدرك أن المملكة هي المبتدأ وهي الخبر في حل كل أزمات المنطقة وهمومها وشجونها، وهناك عادت أنقرة إلى شروط المصنع في رسم سياستها الإقليمية؛ حيث الاقتراب من الرياض يعني أن تركيا يمكن أن تلعب الدور الذي تريده وفق هامش المصالح المشتركة التي تضعها القيادة السياسية في المملكة.

وأوضح الكاتب أنه من المفيد التذكير أننا كنا نرى تلك اللحظة التي يعود فيها الجميع إلى الرياض رأي العين، في ذروة موجة الهجوم على المملكة قبل سنوات خلت؛ لأن هذا هو منطق التاريخ والجغرافية والحضارة والسياسة، حيث تقاطر المسؤولون من مختلف دول العالم خلال الأسابيع الماضية إلى العاصمة السعودية وهم يدركون أن المملكة أصبحت بيضة القبان في التوازنات الإقليمية والدولية، وهم يدركون أن المدينة النجدية تتقاطع فيها خطوط الشرق والغرب، تستقبل لافروف كما تستقبل بلينكن، يحط المسؤولون الصينيون رحالهم فيها كما مسؤولو الدول الغربية، تصبح رقماً صعباً في معادلات الطاقة، فتتحول إلى اللاعب الأبرز الذي ينتظر الجميع قراره.

وأشار الخليفة إلى أن الرياض لا ترى مصالحها وحدها وإنما ترنو بعينيها إلى أشقائها العرب، فيبدأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جولة تقوده إلى القاهرة وعمّان وأنقرة، لتنسيق الجهود ولبناء رؤى مشتركة تجعل الدول العربية تتحدث بلسان واحد في التحديات القادمة.

وأوضح العلي أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد طبع السياسة الخارجية في المملكة بطابعه، حافظ على النمط التقليدي للسياسة السعودية من خلال النفس الطويل في التعامل مع التحديات، بالمقابل الندية وحديث المصالح المشتركة هي سمة سعودية انتقلت لتكون طابع السياسة العربية، ولعل ذلك يتبدى في التعامل مع التناقضات والتباينات والتوترات على المستوى الدولي، فالمملكة لديها أفضل العلاقات مع الصين وروسيا كما مع الولايات المتحدة، المملكة كما الدول العربية الأخرى أخذت موقف الحياد الإيجابي من الصراع في أوكرانيا.