الجمعة 24 يونيو 2022 / 09:31

صحف عربية: الحرب في أوكرانيا "تفرّخ" أزمات عالمية

مع مرور ثلاثة أشهر على الحرب الأوكرانيّة، بدأت تظهر الانعكاسات الخطيرة للقرار الذي اتخذه فلاديمير بوتين القاضي بغزو بلد أوروبي آخر في القرن الحادي والعشرين.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، يتطور النزاع العسكري في أوكرانيا إلى حرب استنزاف قد تطول لسنة أو أكثر مع تداعيات بدأت تصل شظاياها إلى منطقة الشرق الأوسط وسيكون لها تأثير في الصراعات القائمة فيها.

تحولات الحرب
في صحيفة النهار العربي، رسم الكاتب رياض قهوجي مسارات الحرب في أوكرانيا مع مرور ثلاثة أشهر على بدئها، مشيراً إلى أن "الهجوم الروسي يجدد زخمه إنما ببطئ، في وقت يتسارع تقديم المساعدات العسكرية النوعية لأوكرانيا لتعزيز موازين القوى ومنع تحقيق أي انتصار لموسكو. في حين تعيد الإدارة الأميركية حساباتها في الشرق الأوسط الذي يبدو أنه على موعد مع تغيّرات دراماتيكية في شكل وطبيعة العلاقات العربية - الإسرائيلية يترافق مع استعادة أميركا لدورها كقوة عسكرية مهيمنة في المنطقة".

وأضاف "تحولت الحرب في أوكرانيا الى حرب مدفعية وصواريخ بعيدة لإنهاك القوات الأوكرانية التي لا تملك عدد قطع المدفعية وراجمات الصواريخ مقارنة بما تملكه روسيا. ومن هنا الدعوات المتكررة للقيادة الأوكرانية لحلفائها في الغرب أن لتزويدها بمدافع هاوتزر ذاتية الحركة وراجمات صواريخ ثقيلة تكون أيضاً ذاتية الحركة. فمدافع الهاوتزر المقطورة تشكل هدفاً سهلاً للطائرات من دون طيار الهجومية والصواريخ الدقيقة التي تملكها روسيا. ويتوقع العديد من المراقبين أن تتمكن القوات الروسية خلال الأسابيع القليلة المقبلة من السيطرة على المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا نتيجة تفوق قوة نيرانها".

أما الباحث جيفري كمب، فرأى في صحيفة الاتحاد الإماراتية، أنه برغم عدم استخدام الأسلحة النووية في حرب أوكرانيا حتى الآن، إلا أن روسيا لم تستبعد هذا الاحتمال بعد. وقال "قد تعرّضت محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، بما في ذلك المفاعلات المعطلة في تشيرنوبيل، لبعض الهجمات العسكرية، لكن حتى الآن، لم يحدث تسرب خطير للإشعاع. ومع استمرار الحرب، تشعر الدول المجاورة لأوكرانيا بقلق متزايد من نوايا روسيا طويلة الأمد والتهديد الذي يمكن أن تشكله على أمنها".

أزمات وأزمات
واستعرض الكاتب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا في مناطق أخرى من العالم، فأكد أن الغزو زاد المخاوف من احتمال أن تفكر الصين في القيام بتدخل عسكري في تايوان، واحتمال أن تتجاسر كوريا الشمالية على اتخاذ إجراءات أكثر عدوانيةً ضد كوريا الجنوبية، وأن تكثف إيران جهودَها في تطوير سلاح نووي. وأوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط وجنوب آسيا لا تجد مفراً من تعزيز إنفاقها الدفاعي، والقوى النووية الحالية ستواصل تحديث قواتها.

وخلص إلى القول "من عواقب الأوقات التي تحيطها الشكوك أن تصبح الدول الأكثر عرضةً لمخاطر من جاراتها الأقوى أكثر استعداداً للانضمام إلى التحالفات العسكرية مثل الناتو أو أكثر استعداداً لاسترضاء أعدائها وتعلّم كيفية التعايش مع العواقب. لكن ربما يكون هناك خيار ثالث يتمثل في إعادة النظر في تعزيز قدراتها العسكرية، مما قد يشمل قراراً بتطوير أسلحة دمار شامل، قد تتضمن أسلحة نووية. ولبحث هذا الخيار الأخير، ستحتاج هذه الدول إلى المال والأصدقاء والمعرفة الفنية لتنفيذ مثل هذا البرنامج. خلال الحرب الباردة، طوّرت بعض الدول التكنولوجيا التي كان من الممكن أن تنتج أسلحةً نوويةً".

المستنقع
بينما ذهب الكاتب في صحيفة العرب اللندنية، خير الله خير الله، إلى أن الرئيس الروسي "استطاع إدخال بلده في حرب طويلة غير محسومة النتائج". وأضاف "هذا ما نراه حالياً يقضم الأرض الأوكرانيّة ببطء بعدما اعتقد في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، لدى بدء الهجوم على أوكرانيا، أنّ مجرد دخول الجيش الروسي إلى الأراضي الأوكرانيّة سيؤدي إلى سقوط العاصمة كييف وقيام نظام جديد موال لموسكو. لم تسقط كييف ولم يسقط النظام. صحيح أن أوكرانيا لم تعد في وارد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكنّ الصحيح أيضا أنّ دولا محايدة مثل السويد وفنلندا اتخذت خطوات في اتجاه الانضمام إلى الأطلسي".

وأضاف "في غضون أيّام قليلة أو أسابيع، سيتمكن الجيش الروسي من السيطرة على قسم من الأراضي الأوكرانيّة وستعلن موسكو، كما هو متوقع، ضمّ هذه الأراضي المرتبطة بشبه جزيرة القرم إلى روسيا بشكل نهائي. يظلّ مثل هذا الاحتمال واردا جدّا في ظلّ حرب غير متكافئة كشفت رفض الشعب الأوكراني للاحتلال الروسي واستعداده لبذل تضحيات كبيرة لمنع سقوط البلد وعودته مرة أخرى إلى مجرد مستعمرة تحكم من موسكو حيث نظام متخلّف لا يعترف بأي نوع من الحرّية لدى المواطن. لكنّ الذي حصل في الأيّام القليلة الماضية أنّ معنويات الجنود الأوكرانيين بدأت بالهبوط في وقت تستخدم القوات الروسيّة القصف الكثيف الذي لا يفرق بين المواقع العسكريّة والمدنيّة كي تؤكد أنّها مستعدة لكلّ شيء، من أجل استعادة الأمجاد الغابرة لروسيا".

وخلص إلى القول "في المدى الطويل، سيتبيّن أن الرئيس الروسي ارتكب سلسلة من الأخطاء القاتلة التي لن يعوضها احتلاله لجزء من أوكرانيا. يعود ذلك إلى سبب في غاية البساطة. يكمن هذا السبب في أنّ ليس في أوروبا من هو مستعد بعد اليوم أن تكون لديه أي ثقة من أي نوع بروسيا ما دام فلاديمير بوتين يتحكّم بها. ستكون أوروبا كلّها مستنفرة في وجه الرئيس الروسي الذي يصرّ على أنّ في استطاعته استعادة وضع القطب العالمي، كما كانت عليه الحال قبل انهيار الاتحاد السوفياتي رسميا في مطلع 1992، في حين أنّه انهار عملياً مع سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989".

تصعيد خطير
بينما ركزت افتتاحية صحيفة الخليج على "أزمة جديدة متفجرة تنفتح لتضع العالم أمام مواجهة قد تكون أعنف وأخطر"، وهي أزمة جيب كالينينغراد الروسي، الحبيس بين بولندا وليتوانيا وبحر البلطيق، والمعزول عن الوطن الأم الذي لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال سكك الحديد، وهو يضم أكثرية روسية وبيلاروسيين وأوكرانيين، وعدد سكانه حوالى أربعة ملايين ونصف المليون ومساحته تصل إلى حوالي 15 ألف كيلومتر مربع.

ووفق الصحيفة فإن "الجديد في هذه الأزمة أن ليتوانيا فرضت حظراً على مرور البضائع عبر أراضيها إلى هذا الجيب بحجة الالتزام بالعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا، التي اضطرت لاستدعاء سفير الإتحاد الأوروبي لديها مركوس أديديرللاحتجاج على الخطوة الليتوانية".

ورأت أن أي تصعيد للأزمة قد يطال كل أوروبا هذه المرة، باعتبار أن ليتوانيا هي عضو في الاتحاد الأوروبي وفي حلف الناتو، وأي صدام بين موسكو وليتوانيا سوف يعني جّر القارة إلى الصراع بموجب معاهدة الدفاع الجماعية.

وخلصت الصحيفة إلى أن "الخطوة الليتوانية ليست منفردة، ولا تجرؤ ليتوانيا على اتخاذها منفردة لولا أن هناك غطاءً أوروبياً وضوءاً أحمرأمريكياً لفرض المزيد من الضغوط والحصار على روسيا لاجبارها على وقف حربها في أوكرانيا والتسليم بالمطالب الغربية".