الجمعة 1 يوليو 2022 / 13:51

هل يواجه بوتين في أوكرانيا مصير بريجينف ونيكولا الأول؟

24-زياد الأشقر

قال أستاذ الحكومات والسياسة في كلية شار للسياسة والحكومات بجامعة جورج مايسون والزميل الأول غير المقيم في المجلس الأطلسي مارك، إن نهاية الحرب الروسية الأوكرانية لم تتضح بعد، إلا أن الثابت أن الهجوم الذي أطلقه الرئيس فلاديمير بوتين في فبراير (شباط) لم يحقق النصر السريع وقليل الكلفة، الذي يبدو أن كثيرين ومن بينهم بوتين نفسه، توقعوه.

كما أنهت حرب القرم انتصارات نيكولا الأول، والاحتلال السوفييتي لأفغانستان انتصارات بريجينيف، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا، يمكن أن يضع حداً لانتصارات بوتين.

وبعد إخفاق المحاولة الأولى للسيطرة على معظم، إن لم يكن على كامل أوكرانيا، وإسقاط حكومة فولوديمير زيلينسكي، ركزت روسيا جهودها على توسيع سيطرتها على شرق، وجنوب شرق أوكرانيا.

لكن وبصرف النظر عن المدة التي ستستغرقها الحرب، يرى الكاتبان أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستنتهي. والواضح أن الحرب كانت أقل نجاحاً عند موسكو ومكلفة أكثر على صعيد الأرواح من كل النزاعات السابقة التي خاضها بوتين.

وفي واقع الأمر، فإن بوتين قبل 2022، حقق نجاحاً ملحوظاً في تدخلاته العسكرية السابقة في الشيشان بين 1999 و2009، وجورجيا في 2008، والقرم في 2014، وسوريا في 2015.

وكانت تدخلات بوتين عبارة عن انتصارات صريحة، في الشيشان، وجورجيا، والقرم، أو حققت الهدف الرئيسي لبوتين، دعم الإنفصاليين المؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا، والرئيس بشار الأسد في سوريا ومساعدته على استعادة أراض خسرها، إن نجاح تدخلات بوتين السابقة، ربما عززت آماله في تحقيق نجاح مماثل في أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.

بريجنيف

ليس بوتين الزعيم الروسي الأول الذي أشرف على حروب ناجحة، قبل الفشل، فهناك مثال سابق الزعيم السوفييتي ليونيد بريجينيف، الذي بقي في السلطة بين 1964 و 1982، الذي أطلق القوات السوفياتية وحلف وارسو للسيطرة بسهولة على تشيكوسلوفاكيا في 1968. وبعد عامين من الانسحاب الأمريكي من الهند الصينية في 1975، اجتاحت القوات الفيتنامية الشمالية جنوب فيتنام.

ومنعت القوات الكوبية المدعومة من السوفييت نظام الحركة الشعبية لتحرير أنغولا من السقوط في مواجهة منافسيها المدعومين من الولايات المتحدة، وجنوب إفريقيا، والصين في أواخر 1975. وساعدت القوات السوفييتية والكوبية النظام الماركسي في أثيوبيا على صد الهجوم على إقليم أوغادين من الصومال التي كانت حليفة لموسكو سابقاً، بين 1977 و1978.

وساعد السوفييت القوات الفيتنامية في السيطرة على كمبوديا وطرد نظام الخمير الحمر المؤيد للصين، وتنصيب حكومة موالية لهانوي في بنوم بنه في 1987. وتحوّل الهجوم السوفياتي على أفغانستان الذي بدأ في ديسمبر (كانون الأول) 1979، إلى مستنقع لموسكو، كما حصل لاحقاً في أنغولا، وأثيوبيا، وكمبوديا، لحلفاء موسكو الماركسيين فيها.

نيكولا الأول
هذا النمط وجد أيضاً في عهد القيصر نيكولا الأول بين 1825 و1855. ففي عهده، هزمت روسيا الفرس، واستولت على أراض كانت تحت سيطرتهم بين 1828 و1829، وسحقا تمرد بولندا في 1831، وساعدت الإمبراطورية العثمانية، مقابل تنازلات مهمة، على هزيمة حركات تمرد بدأت في مصر منذ 1833، وتدخلت في الإمبراطورية النمساوية لقمع الثورة الوطنية في المجر التي كانت تهيمن عليها في 1849. ثم تورطت روسيا في حروب القرم بين 1853 و 1856 ضد الإمبراطورية العثمانية.

لا توجد ضمانة، طبعاً، بأن تأخذ الحرب في أوكرانيا مساراً سيئاً يعادل الذي اتخذته حرب روسيا القيصرية إبان حروب القرم، أو على النحو الذي واجه الاحتلال السوفييتي لأفغانستان.

ومع ذلك هناك وجه شبه وحيد بين الحرب في أوكرانيا والحربين السابقتين، وهو الدعم الخارجي الهائل الذي يحظى به الطرف الذي يقاتل روسيا.

وعندما بدأ نيكولا الأول محاولة الاستيلاء على أراض من الإمبراطورية العثمانية الضعيفة تحولت العملية إلى حرب بين روسيا من جهة والإمبراطورية العثمانية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وبيمونت المملكة الإيطالية الأقوى قبل توحيد إيطاليا، من جهة ثانية. ولم يكن في إمكان نيكولا الأول الانتصار ضد هذا الإئتلاف.

أفغانستان
وعلى نحو مشابه، وبعد أن أحكم السوفييت السيطرة بسرعة على معظم أفغانستان، فإن المقاومة الداخلية تلقت دعماً واسعاً من قوى خارجية عدة، بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وباكستان، والسعودية، وإيران، والصين، وغيرها. ورغم التنافس بين مختلف الفصائل الأفغانية المقاومة وتصادم مصالحها مع داعميها الخارجيين، فإن موسكو لم تكن قادرة على هزيمتها.

وكما أنهت حرب القرم انتصارات نيكولا الأول، والاحتلال السوفييتي لأفغانستان انتصارات بريجينيف، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا، يمكن أن يضع حداً لانتصارات بوتين.