قافلة عسكرية روسية في أوكرانيا (أرشيف)
قافلة عسكرية روسية في أوكرانيا (أرشيف)
الجمعة 1 يوليو 2022 / 14:41

هل يستطيع الغرب إرغام روسيا على الخروج من أوكرانيا؟

بعد أن أصبح الغزو الروسي لأوكرانيا أمراً واقعاً يتطور شهراً تلو الآخر رغم الجهود الغربية المكثفة لتضييق الخناق على موسكو بالضغط الاقتصادي من ناحية، وإمداد أوكرانيا بالعتاد من جهة أخرى، يظل التساؤل الذي يطرح نفسه، هل يفلح الغرب في إرغام روسيا على الخروج من أوكرانيا؟

ويقول عضو مجلس إدارة المجلس الأطلنطي الإعلامي المغربي أحمد الشرعي، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، إن الحرب بدأت في ذهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمفهومين خاطئين كبيرين. ولن يتحقق السلام إلا عندما يعترف الرئيس الروسي بأنه كان مخطئاً.

ويضيف الشرعي أنه اعتقاداً من بوتين أنه يستطيع الاستيلاء على كييف في غضون يومين، غزا أوكرانيا في 24 فبراير (شباط).

كان يعتقد أن أوكرانيا عبارة عن نسخة مكبرة من بيلاروسيا، حيث القومية فاترة، وغير منظمة. وتوقع أن تواجه قواته مقاومة رمزية، وأن قيادته الكاملة لن تستغرق سوى القليل من الوقت لتأسيسها.

وإذا كانت المقاومة الأوكرانية عنيفة، فإنه يتوقع تكرار الاستيلاء على شبه جزيرة القرم في 2014، وهي حرب دموية ولكنها قصيرة حيث أطلق الغرب فقط المساعي الدبلوماسية، بدل شحن الصواريخ وقذائف المدفعية بالأطنان.

كما تصور بوتين أن استعراضه المذهل والفظيع للقوة من شأنه أن يخيف أو يشتت الاتحاد الأوروبي، وبالتالي حلف شمال الأطلسي.

وكان يعلم أن صادرات الغاز الروسية تمثل أهمية حيوية لبعض أعضاء الاتحاد الأوروبي، خاصة ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا وأكبر كتلة في البرلمان الأوروبي.

وراهن بوتين على أن الأوروبيين لن يتراجعوا أبداً عن إغلاق المحطات التي تعمل بالفحم والمحطات النووية، أو توسيع نطاق واردات الغاز الطبيعي، من الولايات المتحدة، وقطر، أو يخططون لخطوط أنابيب جديدة من شمال إفريقيا، أو الشرق الأدنى.

وكان يعتقد أن المشاعر الأوروبية المؤيدة للبيئة جعلت هذه التحولات غير واردة. 

ويقول الشرعي، إنه أكثر ما صدم تفكير بوتين قبل الحرب هو الانعكاس المفاجئ لأكثر من 70 عاماً من الإجماع على الإنفاق العسكري في ألمانيا، واليابان البعيدة.

ولطالما حرصت الدولتان على أن تظهرا للعالم أنهما لن تكونا أبداً قوتين عسكريتين على غرار الحرب العالمية الثانية، لكنهما أعلنتا فجأة ميزانيات أكبر لقوتهما المسلحة، بما في ذلك أكبر الزيادات التي شهدها البلدان منذ نهاية الحرب الباردة.

إذن، كيف يمكن للعالم أن يؤثر على بوتين للانسحاب، وليس التصعيد؟

يقول الشرعي إنه أولاً، على العالم أن يتحد لدعم أوكرانيا دولة مستقلة وذات سيادة وديمقراطية. ولا بد أن ينهي إعلان ألمانيا أخيراً دعم وحدة أراضي أوكرانيا، "بما فيها شبه جزيرة القرم"، كل الحديث عن مقايضة أوكرانيا للأراضي من أجل السلام.

وبعد ذلك، يجب تعزيز النمو العسكري والاقتصادي وتغذيته. إن أوكرانيا الضعيفة والمعرضة للخطر لن تفضي إلا إلى تجدد العدوان الروسي.

وستتطلب إعادة إعمار أوكرانيا استثمارات كبيرة من القطاع الخاص. ولكن استثمارات القطاع الخاص تعتمد على بيئة آمنة عموماً.

ولدى الولايات المتحدة فرصة تاريخية لبناء أفضل رادع ضد العدوان الروسي في المستقبل مع حلفائها، والمساعدة في معالجة ثقافة الفساد المتوطنة في أوكرانيا عبر خطة مارشال مصغرة مدروسة جيداً.

إن ما يتآكل منذ بضع سنوات هو التزام القادة الأمريكيين بالدفاع عن نظام دولي، والإبقاء عليه والدفع به قدما، تلتزم فيه الدول بالقواعد والمعايير المشتركة، واحتضان النظم الاقتصادية الليبرالية، والتخلي عن غزو الأراضي، واحترام السيادة الوطنية، واعتماد نظم حكم تشاركية وديمقراطية.

وفي ظل البيئة العالمية متزايدة التعقيد اليوم، لا يمكن للولايات المتحدة تحقيق هذا الهدف إلا بالاستفادة من قوتها عبر سياسة خارجية متماسكة تستجيب للتحديات التي تفرضها روسيا والصين. ولذلك عليها أن تعمل عمداً على تعزيز وتنمية العلاقات المثمرة مع حلفائها وشركائها والدول الأخرى ذات المصالح المشتركة.

وعلى الولايات المتحدة أن تقدم بدائل سياسية واقتصادية وأمنية جذابة لنفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وإفريقيا، وما وراءها.

وفي الوقت نفسه، على الولايات المتحدة الحفاظ على حوار استراتيجي مثمر مع الصين من شأنه أن ينقل بوضوح المخاوف الأمريكية الحيوية مع مساعدة القادة الأمريكيين على فهم المصالح والأهداف الصينية.

ويمكن الجمع بين المبادئ العالمية والاعتراف بتاريخ المناطق الأخرى وثقافاتها ووجهات نظرها لأمنها.

وقال الشرعي، إنه في 2014، كتب هنري كيسنجر: "يجب أن يسير الاحتفال بالمبادئ العالمية جنباً إلى جنب مع الاعتراف بتاريخ المناطق الأخرى وثقافاتها ووجهات نظرها لأمنها". يجب أن نتعلم من هذه الكلمات الحكيمة، ونتجنب مفاهيمنا الخاطئة الكبيرة.