أعلام الدول المشاركة في تحالف شمال الأطلسي (أرشيف / د ب أ)
أعلام الدول المشاركة في تحالف شمال الأطلسي (أرشيف / د ب أ)
الإثنين 4 يوليو 2022 / 10:58

صراع مفتوح


عندما يضع حلف "الناتو" في استراتيجيته الجديدة روسيا والصين في قارب واحد، الأولى تمثل التهديد الأكبر والمباشر لسلام وأمن أعضائه، والثانية تشكل تحدياً لمصالح دول الحلف وأمنها، إنما يقرر إعلان حرب باردة جديدة، اعتقد كثيرون أنها ولّت إلى غير رجعة.

الحلف بهذه الاستراتيجية يعلن أن الصراع مع روسيا والصين بات مكشوفاً، ولم يعد يخضع لقواعد العلاقات الدولية التي تفرض إبقاء أبواب الدبلوماسية والحوار مفتوحة، وأن هناك قضايا دولية يمكن الاتفاق حولها، خصوصاً أنها المرة الأولى التي يدرج فيها حلف "الناتو" الصين في استراتيجيته، ما يعني أن هناك تحولاً كبيراً في مسيرة العلاقات الغربية، وتحديداً الأوروبية مع بكين التي تعتبر الشريك التجاري الأول لها.

كان رد فعل الصين أن الدول الغربية تمعن في تشويه صورتها، وقال المتحدث باسم وزارة خارجيتها جاو ليجيان "إن تضخيم تهديد الصين المزعوم عقيم كلياً.. والحلف يشكل التحدي الفعلي للسلام والاستقرار العالميين". أما موسكو فرأت أن الدول الغربية تعيد العالم إلى زمن الحرب الباردة.

حيال هذا التحول.. كيف يمكن أن تتصرف بكين وموسكو؟ وهل يمكن أن تقبلاً بفرض الأحادية القطبية من خلال العمل على إقصائهما أو "شيطنتهما"، وافتعال أزمات حول العالم باعتبارهما تشكلان تهديداً لمصالح الحلف؟

المرجح أن يكون الرد مشتركاً لأنهما باتتا في نظر التحالف الغربي تشكلان تهديداً له، وذلك بأن تنتقلا من مرحلة الشراكة الاستراتيجية القائمة بينهما حالياً إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والعسكري، وبذلك تكون الدول الغربية قد فرضت "تحالف الضرورة" على بلدين باتا يشعران أنهما مستهدفان، وهذا سيؤدي بدوره إلى مرحلة استقطاب دولية ينقسم فيها العالم إلى محورين، واحد مؤيد للتحالف الغربي، وآخر مؤيد لتحالف الصين وروسيا.

هذا الأمر إذا تحقق يعني أن العالم سوف يشهد المزيد من الأزمات والصراعات والحروب، كما سيؤدي إلى إضعاف الأمم المتحدة ودورها ومؤسساتها، ويحوّل ميثاقها إلى ورقة للتاريخ، ويعطل أي جهد ممكن لمواجهة التحديات المصيرية الأخرى التي يواجهها العالم مثل الأوبئة والمناخ والفقر والجوع، الذي يطرق أبواب العالم من جراء الحرب الأوكرانية.

الاستراتيجية الغربية الجديدة هي إعلان صريح برفض التعددية القطبية والشراكة العالمية من أجل الاستقرار والسلام، وإصرار على القطبية الأحادية التي تحدد مصير العالم وتفرض الحلول للأزمات الدولية وفقاً لمصالحها.

لا شك أن قمة الناتو شكلت نقطة تحول مهمة من حيث استراتيجيتها الجديدة، وتوسيع الحلف شرقاً من جديد بقبول عضوية السويد وفنلندا، وتحويل روسيا من شريك إلى "تهديد" جيوسياسي وعسكري، وتصنيف الصين كتحدٍ كبير، وهذا يرفع من سقف التصعيد بما يهدد الأمن والسلام العالميين.