محتاجون أمام ملجؤهم (أرشيف / يونيسيف)
محتاجون أمام ملجؤهم (أرشيف / يونيسيف)
الأربعاء 6 يوليو 2022 / 11:56

ديون.. وفقر

بينما تستعر الحرب الأوكرانية بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية والمعيشية السلبية على العالم، ويتم رصد مليارات الدولارات لآلة الحرب والدمار، ومع كل ما يحمله ذلك من نُذر مواجهات أوسع وأخطر، فإن هناك وجهاً سلبياً آخر، يتمثل باتساع رقعة الفقر والجوع والديون التي تشمل عشرات البلدان الفقيرة في آسيا وإفريقيا التي لا تستطيع مواجهة هذه الأعباء والتحديات التي تصاعدت حدتها مع انتشار وباء "كورونا" قبل ثلاث سنوات، وهي الآن مع الحرب الأوكرانية تزداد حدة، وتصل إلى حد الكارثة.

المنظمات الإنسانية رفعت الصوت، في الآونة الأخيرة، محذرة من كارثة جوع وجفاف قد تضرب دولاً عدة، خصوصاً في القارة الإفريقية.

البنك الدولي مثلاً، يتوقع إضافة 100 مليون شخص إلى عدد الفقراء في العالم خلال العام الحالي، بعدما كانت جائحة "كورونا" قد وضعت 115 مليون شخص في دائرة الفقر، وأغلب هؤلاء في جنوب آسيا ودول جنوب الصحراء الإفريقية، وهي زيادة لم يسبق لها أي مثيل في التاريخ المعاصر، كما انكمش النشاط الاقتصادي من جرّاء الجائحة في نحو 90 في المئة من بلدان العالم، وانكمش الاقتصاد العالمي بنحو 3 في المئة، وفقاً لتقرير التنمية في عام 2022. ومع الحرب الأوكرانية، سوف ترتفع هذه الأرقام، ويتراجع النمو، وتزداد معدلات التضخم، ومعه ارتفاع الأسعار، وبطبيعة الحال أعداد الفقراء، وترتفع الديون، ويتهدد أمن الغذاء العالمي.

لسوء الحظ، فإن الدول الفقيرة ستكون الأكثر تضرراً؛ لأنها لا تستطيع توفير ما يلزمها من احتياجات حياتية ضرورية، فهي متخمة بالديون وغير قادرة على سدادها، في حين تضخ الدول الغنية مليارات الدولارات على الحروب والأسلحة.

في عام 2020 ارتفعت ديون الدول الفقيرة المنخفضة الدخل إلى مستويات قياسية، وبلغت 860 مليار دولار، وفقاً للبنك الدولي. وحتى قبل الجائحة، فإن بلداناً عدة كانت في وضع هش؛ حيث ارتفعت أرصدة الديون الخارجية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مجتمعة بنسبة 5.3 في المئة في عام 2020، لتصل إلى 8.7 تريليون دولار، وقد ارتفعت بالتأكيد خلال عام 2021 والعام الحالي بنسبة كبيرة.

نحن أمام أوضاع لا تُبشر بالخير، وعلى الدول الغنية والمؤسسات المالية العالمية، مثل البنك الدولي، وصندوق النقد، التحرك بسرعة، والتخلي عن أنانيتهما، وسياستهما التي تقوم على فرض شروط سياسية واقتصادية مجحفة على الدول الفقيرة، من خلال اتباع سياسة إنسانية، ونهج يقوم إما على إلغاء الديون، وإما تقليصها، وإما تخفيف عبئها، أو مقايضتها بشرط التزام الاستثمار في البنية الصحية والاجتماعية والبيئية، من خلال التقيد بمعايير الشفافية، وإعادة الهيكلة، لوضع هذه الدول على طريق التعافي.