الأربعاء 6 يوليو 2022 / 13:12

أتلانتيك: ماذا يحصل إذا فقدت أمريكا اهتمامها بحرب أوكرانيا؟

اعتبر الكاتب الأميركي توم ماكتاغو أن الحرب الروسية على أوكرانيا تُثير مخاوف المسوؤلين الأوروبيين حول ما تؤمن به الولايات المتحدة، وتحديدًا عمّا سيحصل إذا فقدت واشنطن اهتمامها بالحرب بين الجارتين السوفيتيتين السابقتين.

بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى على غرار فرنسا، فان الدور الأمريكي هو مصدر للتبعية، وليس مجرد عار، بل وضعف


وكتب ماكتاغو، في تحليل لمجلة "اتلانتك"، أنه على الرغم من أن الحرب تدور في أوروبا، وتشترك فيها قوى أوروبية، وبتداعيات مهمة على أوروبا، إلا أن أمريكا تظل شريكًا مهمًا في أوكرانيا. وبالنسبة لدول أوروبا الشرقية والإسكندينافية وبريطانيا، بالتحديد، فان الحرب في أوكرانيا خاسرة لو لم يكن الدعم الأمريكي فيها أصيلًا وضروريًا لما تبقّى من النظام الذي تقوده الولايات المتحدة.

وأضاف أنه بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى على غرار فرنسا، فان الدور الأمريكي هو مصدر للتبعية، وليس مجرد عار، بل وضعف. وربما اهتمت أمريكا اليوم بتقديم السلاح لأوكرانيا، إلا أن الوضع قد يتغيّر إذا وصل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية مرة أخرى.

أوروبا عالقة
وأكد أن أوروبا باتت عالقة بين كارثتها المباشرة على أبوابها وأهواء الناخب الأمريكي.
واعتبر أن السؤال يتمحور حول ما إذا كانت أمريكا لا تزال قادرة على الدفاع عما كان يسمّى سابقاً "العالم الحر" في، وما إذا كانت لا تزال ستلتزم بدعمها لأوكرانيا إذا أعيد انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب.

قوة للخير

وأضاف أنه بالنسبة للعديد من صنّاع السياسة الأمريكية، فمن البديهي أن الولايات المتحدة هي قوة للخير في العالم، وقوة لا يمكن الاستغناء عنها. وصحيح أن الولايات المتحدة قد تقصّر في جانب من الجوانب، وربما تضطر أحياناً للقيام بأمور قذرة تنفذها بعض الدول العظمى، لكنها تظل أفضل من القوى العظمى الحالية والسابقة؛ لأنها تؤمن أن ما هو خير لها خير للآخرين، وتؤكد أوكرانيا هذه الفكرة.

وهذه الفكرة منتشرة وقوية، وتمزج النظام الأمريكي بالهدف الأخلاقي والمبرر، وبالتالي تدفع البلد نحو العظمة والكارثة. وهي فكرة تقنع قادة الولايات المتحدة بأنهم لا يضطهدون ابداً، بل يحرّرون، وأن تدخلاتهم العسكرية في البلاد الأخرى لن تكون أبداً تهديداً للقوى العظمى الجارة، لأن أمريكا ليست إمبريالية.

حسابات خاطئة

لكن الكاتب أكد أن هذه المغالطة تكمن في أكثر حساباتها الخاطئة تكلفة على السياسة الخارجية، على غرار الصين، والعراق وأفغانستان، وفيتنام.
وبشكل متساو، لم تنظر الدول القريبة مثل باكستان وإيران والصين لوصول القوات الأمريكية بأنها قوى غير مهدّدة. ولم تقتنع هذه الدول، مهما أنفقت أمريكا من أموال، بأن وجودها مفيد لها.

بالنسبة لأوكرانيا، ستظل الولايات المتحدة قوة تحرير، لكن هذا لا يمنع تكرار التاريخ نفسه. فماذا لو لم تكن أوكرانيا اليونان أو كوريا الجنوبية، حيث ضمنت أمريكا حرية الآخرين، وإن تكن في أفغانستان حاولت وفشلت وقررت الخروج؟ وعلى الحدود مع أوكرانيا، دولة تنتهج سياسة لا يمكن مواءمتها مع السياسة الأمريكية. ولذلك، لن تنجح سياسة العصا والجزرة بإقناع روسيا بتغيير ما تراه مهمًا لمصالحها. ما يجعل من المستحيل على الغرب إعادة بناء أوكرانيا حرة وديمقراطية.

ماذا بعد؟
قال ماكتاغو: "الولايات المتحدة تستمر بارتكاب أخطاء فادحة في العالم. وهذا يعني أن الولايات المتحدة ستستمر في التراجع عندما تدرك أن أسطورتها اصطدمت بواقع مختلف".

فأوكرانيا ليست عضوًا في حلف الناتو، ولا تتمتع بضمانات أمنية أمريكية، ومن دون أهمية مركزية للولايات المتحدة، واستطاعت مواجهة الغزو الروسي، بسبب دعم أمريكا التي قرّرت أن من مصلحة الغرب فشل روسيا. ومن أجل نجاة أوكرانيا، لا يُمكن للغرب الذي تقوده أمريكا، التراجع عن هذه الحسابات، أو عن فكرة أمريكا عن نفسها.

وأكد الكاتب أنه عادة ما تكون البساطة الأمريكية الغبية مثيرة للغضب ومنفصلة عن الواقع، وحتى كارثية ومدمّرة إلى درجة السذاجة. ومع ذلك، لو توقّفت أمريكا عن الإيمان باسطورتها، وعادت إلى أمن قارتها، وقرّرت أنها مجرد دولة طبيعية، فقد تبدأ الرياح الباردة في أماكن أصبحت متواطئة مع أمنها. وعندما يتمّ نزع البساطة الغبية، تبدأ تعقيدات العالم بالنمو من جديد.

وختم ماكتاغو قائلاً: "هذا ما تخشاه أوكرانيا، وتتوقّعه الدول الأوروبية الأخرى. لكن في النهاية، ما يهم حقاً هو القصة التي تؤمن بها أمريكا، وإلى متى".