الأربعاء 6 يوليو 2022 / 13:24

ناشونال إنترست: غزو أوكرانيا يسرّع ظهور عالم متعدد القطب أكثر خطورة

24-زياد الأشقر

كتب أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون تشارلز أي. كوبتشان في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن الغزو الروسي لأوكرانيا يسرّع ظهور عالم متعدد القطب أكثر خطورة يستند إلى القواعد التقليدية لسياسة القوة.

الإلتزام بإبقاء باب الناتو مفتوحاً أمام أوكرانيا، يشكل موقفاً مبدئياً يستحق الثناء في مواجهة جهود روسيا لإحداث مزيد من الإنتهاك لسيادة أوكرانيا وتعطيل مؤسساتها الديمقراطيةج


وقال إن التنافس الصريح بين القوى العظمى في مرحلة ما بعد الحرب الباردة كان غائباً، لأن التفوق الأمريكي الذي لا منازع له، عطل التنافس الجيوسياسي. وأضاف أن النظام القائم على القطب الواحد بدأ ينتقل إلى عالم أكثر توزعاً للسلطات، لكن هذا التغيير كان يحدث تدريجياً-بالتزامن مع صعود الصين ومعها الشرق.

وأضاف أن الغزو الروسي يؤكد أن عالماً أكثر إزعاجاً قد بدأ قبل آوانه. فالغزو أعاد إشعال التنافس العسكري بين روسيا والغرب. وتعني إستراتيجية الشراكة بين موسكو وبكين أن الحرب الباردة الثانية في طريقها إلى وضع الغرب في مواجهة الكتلة الصينية-الروسية، التي تمتد من غرب المحيط الهادئ إلى شرق أوروبا.

تحديث الاستراتيجية

وتحتاج الولايات المتحدة وحلفاءها إلى تحديث إستراتيجيتهم الكبرى تبعاً لذلك. وهم كانوا ركزوا منذ انتهاء الحرب الباردة، على طموحات مثالية وعلى عولمة النظام الليبرالي. ولكن يتعين طي تلك الأيام. إن الإلتزام بإبقاء باب الناتو مفتوحاً أمام أوكرانيا، يشكل موقفاً مبدئياً يستحق الثناء في مواجهة جهود روسيا لإحداث مزيد من الإنتهاك لسيادة أوكرانيا وتعطيل مؤسساتها الديمقراطية وعرقلة طموحها في الإنضمام إلى الغرب.

و يحتاج الغرب إلى التقليل من طموحاته المثالية، وأن يركز على دعم إستراتيجية كبرى مستندة إلى السياسة الواقعية. وعلى غرار ما كان عليه الأمر إبان الحرب الباردة، يتعين تبني إستراتيجية احتواء صبورة، تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الجيوسياسي عوض الدفاع عن توسيع النظام الليبرالي العالمي. وستكون الولايات المتحدة بحاجة إلى تعزيز وجودها في المسرحين الأوروبي وآسيا-المحيط الهادئ، مما يتطلب ليس زيادة في النفقات الدفاعية فحسب، وإنما العمل على تفادي حروب مكلفة غير ضرورية وخوض مغامرات بناء الأمم في الشرق الأوسط أو في مناطق هامشية أخرى.

وبينما يتصاعد التنافس بين كتلة ليبرالية ديموقراطية بقيادة الولايات المتحدة وكتلة رأسمالية استبدادية تقودها روسيا والصين، فإن دولاً أخرى ستمتنع عن الانحياز إلى هذه الكتلة أو تلك. إن نحو 40 دولة فقط انضمت إلى نظام العقوبات ضد روسيا، مما يفترض أن دولاً عدة-خصوصاً في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية-ستقف إلى جانب السياج عوض اتخاذ موقف. وبما أن ثلثي دول العالم تقيم علاقات تجارية مع الصين أكبر منها مع الولايات المتحدة، فإن عدم الإنحياز ربما يكون هو خيار معظم الدول، مما يفسح المجال عملياً أمام قيام عالم متعدد الأقطاب أكثر من عالم ثنائي القطب.
إلى ذلك، يجب أن يسعى الغرب إلى إضعاف الكتلة الصينية-الروسية الآخذة في التبلور، من طريق وسائل تؤدي إلى إحداث مسافة بين موسكو وبكين. وبما أن غزو أوكرانيا جعل روسيا تعتمد اقتصادياً واستراتيجياً على بكين، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يقبل بأن يكون تابعاً للرئيس الصيني شي جين بينغ. لذا، على الديمقراطيات الأطلسية استغلال إنزعاج الكرملين من أن يصير شريكاً ثانوياً للصين، من طريق التلميح لروسيا بأن لديها خياراً أوروبياً. وتحتاج روسيا إلى الصين أكثر من حاجة الصين إلى روسيا، ولذلك يتعين على الغرب السعي إلى جر بكين بعيداً عن موسكو. ويفترض رد الصين الحذر على غزو أوكرانيا، قدراً من عدم الإرتياح الإقتصادي والجيوسياسي الناجم عن الهجوم الروسي على أوكرانيا.