الخميس 7 يوليو 2022 / 11:28

ضربة قاضية لإخوان تونس.. النهضة لن تنهض

24 - أحمد إسكندر

بدأت النيابة العمومية التونسية التحقيق في مخالفات مالية عديدة لقيادات حزب النهضة وحلفائها، خصوصاً في ما يتعلق بتمويلات من الخارج خلال الحملة الانتخابية لبرلمان 2019، والتي فاز فيها زعيم الحركة راشد الغنوشي، قبل أن ينتخب داخلياً كرئيس للبرلمان، وتزامن ذلك مع حديث الرئيس التونسي قيس سعيّد، عن سرقة 460 شخصاً نحو 4.8 مليار دولار خلال سنوات حكم "النهضة الإخوانية".

التقارير الرسمية تتحدث عن تحول تونس إلى مسرح لممارسة الفساد في كامل مفاصل الدولة، وغياب المحاسبة نتيجة الحصانة البرلمانية التي كان يتمتع بها أعضاء حركة النهضة

ونشرت الصحافة التونسية على مدار الأشهر الماضية، عدداً من التقارير حول فساد حركة النهضة، وهي التقارير التي لم يجرِ التحقيق فيها، ومن بينها ما ذكرته صحيفة "الصباح" التونسية، عن وجود شبهة فساد بميزانية حركة النهضة، والتي تجاوزت 2.3 مليون دينار تونسي، فضلاً عن تقارير أخرى تحدثت عن أوجه إنفاق لمخصصات في غير محلها.

ثراء فاحش
المقارنة بين أوضاع قيادات حركة النهضة المالية الآن وقبل 10 سنوات، تستحق البحث والتقصي، بعدما تحولوا إلى "الثراء السريع"، خلال العقد الماضي والذي شهد العديد من ملفات الفساد المالي التي لم يتم التحقيق فيها جدياً، ورصدت ملاحظات مالية من قِبل اللجان القضائية، لكن هذه الملاحظات لم يتم التحقيق فيها بشكل كامل، لا سيما ما ورد في تقارير "دائرة المحاسبات"، الذي أوضح الدعم المالي الخارجي للقوائم الانتخابية التابعة لحركة النهضة الإخوانية وحلفائها، ما استوجب إعلان بطلان فوزهم في الانتخابات البرلمانية.

الأدلة والبراهين على الفساد المالي داخل حركة النهضة، أطلقت "عجلة التحقيقات" في ملفات النهضة فما كان مسموحاً ومتاحاً قبل 25 يوليو(تموز) لم يعد كذلك، حيث بات الأمر لا يتعلق بالفساد المالي فقط؛ ولكن أيضاً بقضايا اغتيال معارضين التي لم تتحرك قضائياً في الفترة الماضية، وعلاقة الاتهامات المالية باستغلال تشريعات تم استصدارها للحصول على أموال الدولة، مثل الأموال التي جرى تخصيصها لمن تعرضوا إلى الضرر من نظام بن علي، والتي أُنفقت في البداية من صناديق خاصة، وبعد نضوب هذه الصناديق تم اللجوء إلى خزانة الدولة ومواردها التي تعاني ضغطاً شديداً وعجزاً منذ سنوات.
رأس الهرم
وبحسب ما ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية أفادت تقارير محلية في تونس، الأربعاء، بأن القضاء المختص في قضايا الإرهاب دعا زعيم حركة النهضة للمثول أمام قاضي التحقيق باعتباره متهماً حيث تلقى "رأس الهرم" الإخواني إخطاراً من السلطات القضائية لاستجوابه بصفته متهماً في القضية المرتبطة بالتمويلات المشبوهة لجمعية "نماء" الخيرية مع أكثر من 30 شخصية أخرى، وتزامن ذلك مع أصدر البنك المركزي التونسي، الثلاثاء، مذكرة للبنوك التونسية تقضي بتجميد أرصدة بنكية لسياسيين من بينهم راشد الغنوشي.

وشمل الإخطار الذي حمل توقيع محافظ البنك المركزي قائمة بـ 10 أسماء، ومن بين هذه الأسماء وزير الخارجية الأسبق صهر الغنوشي رفيق عبدالسلام والأمين العام المستقيل من حركة النهضة رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي. وجاء في القائمة أيضا معاذ ابن زعيم حركة النهضة. ويأتي القرار استجابة لمراسلة من قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وفق ما ورد في مذكرة البنك المركزي.

فساد ممنهج
تبين التحقيقات القضائية التي فُتحت بعد محاولات "النهضة" في الفترة الماضية التعتيم عليها، المعركة السياسية الدائرة في الوقت الحالي، مع الإشارة إلى أن استقلال القضاء من المتوقع أن يكشف عن عمليات "فساد مالي ممنهج" خلال الفترة الماضية، خصوصاً في ضوء قرارات الرئيس رفع الحصانة عن نواب البرلمان بالكامل، والتي كانت تعيق إجراء تحقيقات معهم.

وأضافت التقارير الرسمية تتحدث عن تحول تونس إلى مسرح لممارسة الفساد في كامل مفاصل الدولة، وغياب المحاسبة نتيجة الحصانة البرلمانية التي كان يتمتع بها أعضاء حركة النهضة الإخوانية خلال حكمهم البلاد، وغيرها من طرق الحماية، والتي أدت إلى أزمة ثقة بين المواطن والسلطة، ما يقود إلى احتمال توقيف عدد من قيادات "النهضة" خلال الفترة المقبلة على خلفية هذه الاتهامات.

مع كل ما يحدث اليوم، أصبح "المسار القضائي" أحد أسباب تبديد أحلام النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، في العودة إلى السلطة مرة أخرى؛ بل وفي تدمير مستقبل النهضة سياسياً، والذي على الرغم من كونه حزباً عقائدياً، فإن ما ارتكبه خلال الفترة الماضية من انتهاكاتٍ للقانون سيجعله يتفكك داخلياً في ظلِّ العزلة السياسية التي يواجهها، ليس فقط من التونسيين، ولكن أيضاً من الأحزاب التونسية التي سترفض التعاون معه.