الخميس 7 يوليو 2022 / 10:49

صحف عربية: صيف ساخن بانتظار ليبيا

دفعت الاحتجاجات الشعبية في ليبيا خلال الأيام الماضية، الفرقاء في البلاد إلى إطلاق "مبادرات سياسية محمومة" تهدف إلى طرح حلول للخروج من الموقف المتأزم والاتجاه إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة مجدداً.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الخميس، حذر مراقبون من الأيادي التي تعبث في هذا الحراك وتسعى إلى توجيهه إلى مسار معين في ظل صراع بين أبناء الزعماء الليبين الراحلين، وهو ما أثار علامات استفهام عدة، حول من يديرهم، وكأن يداً خفية تحرك الأمور إلى ما تريد تنفيذه من أجندات سياسية خبيثة.

خطة بلا تفاصيل
 صحيفة "النهار" اللبنانية كشفت أنه بعد فشل الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي في جنيف بين رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة خالد المشري، في وضع حد للخلافات بشأن وثيقة دستورية تمهد لإجراء الاستحقاقات الانتخابية، بدا أن التظاهرات التي خرجت الجمعة في معظم المدن الليبية، ومستمرة حتى الآن وإن خف مستوى المشاركة فيها، احتجاجاً على تفاقم الوضعين المعيشي والسياسي في البلاد، أعطت المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، قوّة دفع لتنفيذ تحذيراته السابقة باستخدام سلطاته الرئاسية واستصدار - منفرداً - قاعدة دستورية وقوانين منظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم إعلان عدد من الأحزاب والتكتلات السياسية دعمها المسبق لمضي المنفي في تنفيذ تلك الخطوة، لم تكشف القوى المتحكمة في مفاصل المشهد الليبي عن موقفها، وإن كانت الترجيحات تذهب نحو رفض غالبية هؤلاء، خصوصاً في الشرق الليبي، انفراد المجلس الرئاسي بصنع القرار التشريعي، الذي سيُعد بالتبعية بمثابة حل لمجلس النواب والأعلى للدولة.

كما تحدثت الصحيفة عن عودة سيف الإسلام القذافي إلى بؤرة الضوء مجدداً، بطرحه مبادرة لمعالجة أزمة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتضم خيارين، إما "وضع جهة محايدة الترتيبات القانونية والإدارية لتنفيذ انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة، بلا إقصاء لأحد، يشارك فيها الجميع، مع ترك القرار للشعب من دون وصي"، واصفاً هذا الخيار بـ"الأمثل وإن كان بعيد الاحتمال في الظروف الحالية".

ورفض مستشار المنظمة الليبية لدراسات الأمن القومي رمزي الرميح، بشدة مبادرة المنفي. وقال لـ"النهار العربي": "الليبيون أعطوا الفرصة تلو الأخرى للمسؤولين، وانتظروا إجراء الانتخابات قبل انتهاء موعد خريطة الطريق ولم يحدث، ثم انتظروا أيضاً أن تخرج اجتماعات جنيف بتوافق ولم يحدث أيضاً، وبالتالي فلا شرعية لأي جسم (مؤسسة) من الأجسام الموجودة الآن، سواء كان مجلساً رئاسياً أو نواباً أو أعلى للدولة".

وحذر الرميح من أنه إذا لم يستجب المجلس الأعلى للقضاء، وإذا لم تستجب هذه الطبقة السياسية، التي وصفها بـ"الفاسدة"، لمطالب الأمة الليبية، فقد تتحول التظاهرات إلى "انتفاضة دماء".

 فيما أكد المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوي، بدوره، أن الاحتجاجات تحمل مطالب الشعب الليبي الذي يعاني الذل والويلات، لكنه لمّح إلى توجيه المجلس الرئاسي التظاهرات لتنفيذ أجندته. وقال لـ"النهار العربي": "هناك أيد تعبث في هذا الحراك وتسعى إلى توجيهه إلى مسار معين، وعلامات استفهام عدة، حول من يموّله ويديره، هناك يد خفية تحرك الأمور".

إنهاء الانقسام
ومن جانبه قال الدكتور ناصر زيدان في صحيفة "الخليج" إن الليبين يبحثون عن رغيف الخبز وسط عتمة دامسة بسبب غياب الكهرباء، والبلاد تطفو فوق بحرٍ من الخيرات النفطية ولديها ثروات زراعية وسمكية كبيرة، بينما يتمدّد الانقسام الى مربعات جديدة في العاصمة طرابلس، وبين النواحي المختلفة في مساحات جغرافيتها الشاسعة.

وأوضح زيدان أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي أعلن عن إطلاق مبادرة جديدة تنهي الانقسام، وتستند إلى ركائز، هي: وقف الحرب التي عادت مجدداً بين الفصائل المختلفة تحت سقف وحدة البلاد، والحدّ من التدخلات الخارجية، ووضع خطة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أسرع وقت. والمجلس الذي يرأسه المنفي يحافظ على وحدته، وهو يضم ممثلين عن كافة الأطياف والجهات الليبية، تمَّ تعيينهم في فبراير(شباط) 2021، من قبل ملتقى الحوار الذي جرى برعاية الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، وبرعاية عربية ودولية واسعة.

وأشار الكاتب إلى أن ما يزيد من خطورة الوضع في ليبيا الاختلافات الدولية التي استجدت بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، بحيث أصبحت روسيا على طرف نقيض مع فرنسا وألمانيا اللتين لعبتا دوراً أساسياً في رعاية الحل الذي حصل في فبراير(شباط) 2021، وهذا الاختلاف المستجد أربك المبادرة العربية للحل التي تقودها مصر والإمارات العربية المتحدة، كما أن روسيا تحاول إعاقة الاستفادة الغربية من النفط الليبي كتعويض عن صادراتها إلى أوروبا، وليس مصادفةً أن تتمركز الميليشيات المدعومة من الخارج بالقرب من المنشآت النفطية الليبية في الوسط والجنوب.

وقال زيدان "تبدو ليبيا في ليلٍ سياسي واقتصادي مُعتم، والبلاد التي تعتمد على استيراد 85% من حاجاتها الغذائية، محاطة بالنكبات المتتالية التي تمنع قسماً كبيراً من هذه الحاجيات من الوصول إلى أسواقها. وقد ساهمت الأزمة الأوكرانية في تفاقم مشكلة المواد الغذائية في ليبيا، لأن واردات القمح إلى أسواقها تراجعت، كما أن صراع الحكومتين المختلفتين يتركز على منع كل منهما الأخرى من استخدام الموانئ لتعزيز صادراتها النفطية، وتعطيل قسم من الموانئ يؤدي حكماً إلى تراجع الواردات من المواد الغذائية".

صيف ليبي ساخن
فيما تناولت صحيفة "الشرق الأوسط" محاولات استغلال سيف اسلام القذافي الفرصة وإطلاق مبادرة جديدة تقوم على دعوة جميع الساسة في ليبيا للانسحاب من المشهد العام، على أن يكون في مقدمتهم، والمسارعة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز وجوها جديدة يختارها الليبيون.

وأوضحت الصحيفة أن هذا التحرك جاء تلبيةً لمطالب تيار "بالتريس الشبابي" الذي قاد مظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد، دعت جميع الأجسام السياسية في ليبيا إلى الاستقالة، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال.

ورأى سيف الإسلام أن مقترحه الذي يقوم على خيارين، هو "الحل السلمي الأخير للأزمة الخطيرة التي تعيشها ليبيا الآن"، في وقت استقبل أنصاره مبادرته بالترحيب والتأييد.

وأوضح خالد الزائدي، محامي سيف القذافي بحسب الصحيفة، أن الخيار الأول يعتمد على وضع "جهة محايدة" للترتيبات القانونية والإدارية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة "غير إقصائية" يشارك فيها الجميع مهما كانت الاعتبارات والمبررات وترك القرار للشعب من دون وصي عليه، معتبراً أن هذا هو "الخيار الأمثل وإن كان بعيد الاحتمال في الظروف الحالية".

ويرى سياسيون أن ليبيا ستُمضي صيفاً ساخناً، لا سيما مع دخول العلاقة بين البرلمان والمجلس الرئاسي مرحلة جديدة من التوتر لم تكن معهودة سابقاً، وذلك على خلفية اتهام صالح للمنفي بالضلوع في حرق مقر مجلس بطبرق.

العودة للملكية 
فيما آثارت صحيفة "العرب" اللندنية فكرة المطالبات بعودة الحكم الملكي إلى ليبيا كحل للأزمة السياسية الطاحنة التي تشهدها البلاد منذ اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي جدلا واسعا بين الليبيين.

وتأتي هذه الدعوات بعد نصف قرن من إطاحة القذافي بالملكية التي كانت تحكم ليبيا عام 1969، حيث أفادت مواقع وصفحات ليبية بأن مجموعة مؤيدة لعودة الملكية في ليبيا تحشد للخروج إلى الشوارع يوم 31 أغسطس (آب) تحت مسمى "ثورة عودة دستور الاستقلال". وتسعى هذه المجموعة إلى تنصيب "الأمير" محمد الرضا السنوسي "ولي عهد المملكة الليبية السابقة" ملكًا على الليبيين.

وأنشأت صفحات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للملكية الدستورية وزيادة شعبية "الأمير" محمد الرضا السنوسي.

فيما نقلت الصحيفة عن أشرف بودوارة، المنسق للمؤتمر التمهيدي للمطالبة بعودة دستور الملكية، قوله "إن هذه المرحلة الخطيرة والظروف الصعبة التي يمرّ بها الوطن تعيشها الأمة الليبية بمعاناة ومأساة رهيبة أخلت ببلادنا ومواطنينا والتي تهدد مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة، وفشل المتصارعون على السلطة والمال خلال مباحثاتهم في وضع حلّ وإيجاد مخرج حقيقي للأزمة الليبية يحفظ استقلال وسيادة ووحدة الوطن وأبنائه".