بوريس جونسون أمام 10 داونينغ ستريت مقر رئيس الوزراء البريطاني الرسمي (أرشيف)
بوريس جونسون أمام 10 داونينغ ستريت مقر رئيس الوزراء البريطاني الرسمي (أرشيف)
الخميس 7 يوليو 2022 / 17:35

بوريس جونسون: خرج من أوروبا ليدخل التاريخ...فطُرد من 10 داونينغ ستريت

بوريس جونسون، بطل بريكست، كان يحلم بدخول التاريخ ضمن رؤساء حكومات بريطانيا الذين بقوا في السلطة لأطول مدة، لكنه تعثر بعد ثلاثة أعوام مضطربة.

فالفضائح والأكاذيب أضرت بهذا السياسي غير النمطي، المتفائل أبداً، الذي منح المحافظين في 2019 أغلبية تاريخية في مجلس النواب، وقاد بريكست لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

كانت نهايته مساء الثلاثاء مع استقالة وزير المالية ريشي سوناك ووزير الصحة ساجد جاويد بفارق دقائق، بعدما سئما من الفضائح المتكررة. وحذا حذوهما نحو خمسين من أعضاء الحكومة ما حرم بوريس جونسون من المناورة، وهو الذي أراد مواصلة مهمته "الضخمة" على رأس البلاد.

في يونيو (حزيران)، كشفت مذكرة لسحب الثقة خيبة أمل متزايدة بين أعضاء البرلمان المحافظين الذين رفض 41% منهم منحه هذه الثقة.

وبتفاؤله المعتاد أراد بوريس جونسون، 58 عاماً، أن يرى في التصويت "فرصة...للمضي قدماً"، لكن وعلى مدى أشهر، صورت استطلاعات الرأي والتعليقات قصة مختلفة.

ومن فضيحة الحفلات في مقر رئاسة الحكومة داونينغ ستريت خلال الحجر الصحي للحد من تفشي فيروس كورونا، وتوضيحاته المتباينة إلى تحقيق الشرطة، الذي خلص إلى أنه انتهك القانون والتحقيق الإداري الذي يدين ثقافة التساهل في داوننغ ستريت، اهتزت ثقة البلاد فيه، بالتزامن مع تضخم بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عامًا وتوتر اجتماعي وارتفاع للضرائب.

وجاءت الفضيحة الأخيرة وهي قضية نائب المسؤول عن الانضباط البرلماني لنواب حزب المحافظين، المتهم بالتحرش، والذي كان جونسون يعرف ماضيه عندما عينه في فبراير (شباط)، لتدق المسمار الأخير في نعشه.

انتكاسات
بوريس جونسون الذي كان "آلة" الفوز الهائلة خلال بريكست في 2019، أصبح ورقة خاسرة عند للمحافظين بعد عدة انتكاسات في الانتخابات الفرعية المحلية والتشريعية.

وتراجعت شعبيته من 66 % من الآراء المؤيدة في أبريل (نيسان) 2020 إلى 23 %في نهاية يونيو (حزيران) وفق استطلاع معهد يوغوف. وأراد بين 69 و72% من البريطانيين منه أن يستقيل حسب استطلاعين، خلال الأسبوع الجاري.

لكن هذا اللاعب السياسي الذي يتمتع بثقة هائلة في النفس ولم يكن الكذب يمثل مشكلة عنده، رفض ذلك بعناد لفترة طويلة، مدافعاً عن حصيلة أدائه من تراجع البطالة إلى أدنى مستوياتها، إلى حملة التطعيم الفعالة ضد كورونا، ودعمه القوي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ولكن في جميع الشؤون الداخلية، التضخم، والهجرة، والضرائب، والإسكان، والاقتصاد، والصحة، والنقل، وبريكست، والتعليم، والجريمة، والبيئة ترى غالبية البريطانيين أن عمل حكومته كان سيئاً وفق استطلاع لمعهد يوغوف أخيراً.

ويأتي السقوط قاسياً على الرجل لذي اتبع قبل أن يصبح نائبا في البرلمان في 2011، مسار النخبة البريطانية، والتحق بكلية إيتون ثم بجامعة أكسفورد.

في ذلك الوقت، اشتكى بعض المعلمين من نقص جديته وميله إلى اعتبار نفسه فوق القواعد. كما اتهم بالاستخفاف والارتجال في إدارة الجائحة، حتى أصيب هو نفسه في أبريل (نيسان) بعد تفاخره بمصافحة الناس في المستشفيات.

ألكسندر بوريس دي فيفيل جونسون المولود في نيويورك في 19 يونيو (حزيران) 1964 والذي أراد، حسب شقيقته، أن يصبح "ملك العالم" عندما كان طفلاً، نجح في تخطي مختلف الصعاب.

فبركات صحافية
أمضى جونسون سنوات حياته الأولى في بروكسل، حيث عمل والده في الاتحاد الأوروبي، ثم التحق بمدرسة إيتون للنخبة في بريطانيا قبل دراسة الحضارات القديمة في جامعة أكسفورد.

عمل بعدها صحافياً في صحيفة تايمز التي فصلته بسبب فبركة تصريحات، وانتقل ليصبح مراسلاً في بروكسل لصحيفة ديلي تلغراف اليمينية من 1989 إلى 1994. وهناك اشتُهر بكتابة "خرافات أوروبية" عبر المبالغة في تصوير ما يحدث في الاتحاد الأوروبي.

وعلى المستوى الشعبي عرف في التسعينات لدى استضافته خبيراً في برنامج تلفزيوني ساخر، حيث ساهمت فطنته وانتقاده نقاط ضعفه في تقيمه شخصية وطنية عُرفت باسمه الأول "بوريس".

انتُخب عضواً في البرلمان في 2001. ولم تمر سنواته الأولى في السياسة بسلاسة، فأقيل في 2004 من منصب وزير الخزانة في حكومة الظل للمحافظين بسبب الكذب عن علاقة أقامها خارج إطار الزواج.

لكن في 2008، فاز في انتخابات رئيس بلدية لندن على مرشح حزب العمل وجعل منصبه منصة حظي من خلالها بسمعة دولية بما حققه من نجاحات رمزية، مثل تنظيم الألعاب الأولمبية، وبإخفاقاته، مثل مشروع بناء جسر حديقة فوق نهر التايمز الذي كلف عشرات الملايين من الجنيهات دون أن يتحقق.

وتتسم حياته الخاصة بالاضطراب أيضاً، وبعد زواجين وطلاقين، وخمسة أبناء أحدهم على الأقل ولد خارج الزواج، يعيش حالياً مع شريكته كاري سيموندز خبيرة الاتصالات التي تصغره ب24 عاماً، وأنجبت منه ابنًا اسمه ويلفريد في أبريل (نيسان).