الأربعاء 13 يوليو 2022 / 23:59

كلمة محمد بن زايد.. فإن المسك بعض دم الغزال

تعلقت الأبصار والقلوب اليوم، بكل المحبة والولاء بدقات الساعة، منتظرة حلول السادسة من مساء أبوظبي، كي تتابع كلمة رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في خطاب من القلب إلى شعب دولة الإمارات العربية المتحدة والمقيمين على أرضها.

حدد خطاب سموه بكلمات دقيقة تلامس شغاف القلب نهج الدولة، وما تتطلع إلى تحقيقه في العقود المقبلة، وكان في الوقت نفسه دعوة للتعاضد والتكاتف من أجل مستقبل يليق بما أسسه الآباء ووضعوا قواعده ومكَّنوا له.

أرانا الخطاب، عبر كلماته المتبصرة، المستقبل ماثلاً أمامنا؛ رأينا طموحاتنا تتحقق، وإنجازاتنا تتزايد، ورأينا بناء الاتحاد، الذي أرسى دعائمه الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ومكَّن له وزاده رفعة الشيخ خليفة بن زايد، طيب الله ثراه… رأيناه يزداد سمواً، برؤية الشيخ محمد بن زايد حفظه الله، ليبلغ عنان السحاب راسماً خارطة واضحة الملامح نحو المستقبل، واضعاً الركائز الأساسية ومنهاج العمل، فاتحاً الباب واسعاً لكل محب لهذا الوطن ليعمل ويبدع - كلٌّ في مجاله- في إطار هذه الرؤية الفريدة.

تضمن خطاب اليوم دعوة بارعة لقلوب مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة وعقولهم للمشاركة- على أسس من الوعي والمحبة والفخر- في دعم مسيرة التنمية الشاملة التي أكدت الكلمات بثقة وعزم ويقين أن مفهومها الرئيس هو "سعادة المواطن ورعايته".

جاءت الكلمة سامقة في تأكيدها الواضح محورية دور المواطن شريكاً وهدفاً، يقول رئيس الدولة: "اعتزازنا وفخرنا بالإنسان الإماراتي لا حدود له". لقد شعر كل منا بأن هذه الرسالة وسام شخصي له. إنها رسالة كريمة من قائد كريم. وهي لا تغفل عن كل شركاء النجاح والأمل والعمل؛ فإذا كان المواطن هو محور التنمية وهدفها، فإن الإمارات تزهو بكل مشاركة من المقيمين على أرضها من كافة الجنسيات والخلفيات الثقافية والعقائدية من كافة دول العالم، وتعتز بإسهاماتهم المستمرة في البناء والتطوير منذ قيام الاتحاد.

وبإيجابية مشرقة أكدت الكلمة ضرورة التكامل بين القطاعين العام والخاص، وأهمية دور القطاع الخاص ووجوب تنشيطه وزيادة مساهمته في تنمية الاقتصاد، مبشراً سموه الجميع بمستقبل زاهر قائم على تنويع الاقتصاد، بوصفه ضرورة استراتيجية أساسية لتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية للدولة والاستمرار في تحقيق أفضل المؤشرات العالمية في هذا المجال، في ضوء حزمة من أولويات العمل التنموي، معلياً من شأن العلوم والتكنولوجيا وضرورة "تنمية القدرات وتطويرها، لتحقيق فوائد لجميع قطاعات الاقتصاد والمجتمع".

وعلى صعيد علاقة الإمارات بالعالم، رسّخ الشيخ محمد بن زايد مبدأ إماراتياً أساسياً حين قال: "إن يد الإمارات ممدودة بالسلام للعالم كله"؛ فالسلام هوية الإمارات وديدنها، تقدمت به وسبقت به، وسيظل السلام عهدها الدائم تمنحه للجميع وتعين الجميع على تحقيقه، فـ "سياسة دولة الإمارات ستظل داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، وعوناً للشقيق والصديق، وداعية للحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدمها، وسنستمر في نهجنا الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع".

حدد الخطاب مفاتيح الطريق إلى المستقبل، فجاء في مقدمتها السلام، والتنمية الشاملة، والشراكة والتعاون في البناء، والثقافة والتسامح والعطاء والعمل والعلم والتكنولوجيا… بهذه المفاتيح نجحت الإمارات في ريادة الآفاق وتقدم الصفوف، لتصبح مثالاً يقتدي به العالم، شعوباً وحكومات وقادة.

وهكذا تجلت في هذا الخطاب المفعم بالايجابية رؤية القيادة الإماراتية الحكيمة، وسعيها الدائم إلى تحويل التحديات إلى فرص تضمن للأجيال القادمة مستقبلاً مشرقاً وآمناً ومستقراً، حتى صار في مبناه ومعناه معبّراً عن انشغال حقيقي بمستقبل الوطن، وبمستقبل كل فرد في أسرة الوطن.

إننا ونحن نعيد سماع الكلمة المرة تلو المرة، ونحن نتذوق معناها وأهدافها ورسائلها والآمال التي زرعتها فينا ودروب المستقبل التي رسمتها لنا، ندرك تماماً أنها صارت جزءاً منا وأننا صرنا جزءاً منها، حتى صار ينطبق على صاحبها قول الشاعر أبي الطيب:

فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ مِنهُمْ
فإنّ المسكَ بَعضُ دَمِ الغزالِ