الثلاثاء 2 أغسطس 2022 / 10:17

أيمن الظواهري.. طبيب عاش حياة القط والفأر واختبر العنف والدم

أيمن الظواهري، الجراح المصري المولد الذي تحول إلى "جهادي"، والذي تولى قيادة تنظيم "القاعدة" بعد مقتل أسامة بن لادن وقتل عن عمر 71 سنة في غارة بطائرة بدون طيار في كابول، أفغانستان، خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقاً لمسؤولين أمريكيين، عاش حياة غارقة في السرية والخيانة والتآمر والعنف، وأخطرها في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ضد الولايات المتحدة في عام 2001.

لئن كان ينظر إلى بن لادن، الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2011 على أنه العقل المدبر الإرهابي لتلك الهجمات، اعتبر العديد من خبراء مكافحة الإرهاب أن مسؤولية الظواهري كانت أكبر

لئن كان ينظر إلى بن لادن، الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2011 على أنه العقل المدبر الإرهابي لتلك الهجمات، اعتبر العديد من خبراء مكافحة الإرهاب أن مسؤولية الظواهري كانت أكبرولئن كان ينظر إلى بن لادن، الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2011 على أنه العقل المدبر الإرهابي لتلك الهجمات، اعتبر العديد من خبراء مكافحة الإرهاب أن مسؤولية الظواهري كانت أكبر.

عمامة بيضاء ولحية كثيفة
بعمامته البيضاء ولحيته الرمادية الكثيفة، وجبهته التي طبعتها الكدمات، لم يكن للظواهري كاريزما بن لادن ولا الثروة الأسطورية لزعيم "القاعدة". لكن تم تصويره على نطاق واسع على أنه العمود الفقري الفكري للتنظيم. كان رئيس عملياتها، ومدير العلاقات العامة فيها، وذا نفوذ عميق ساعد بن لادن على التحول من واعظ يتمتع بشخصية كاريزمية إلى إرهابي قاتل له امتداد عالمي.

الاكثر نفوذاً
وفي مقابلة أجريت في مايو (أيار) 2011 مع المشروع الاستقصائي حول الإرهاب، وهو فريق بحثي، قال توفيق حميد، وهو متشدد إسلامي سابق تحول إلى باحث، إن الظواهري كان بين الرجلين الأكثر نفوذاً، و"عندما تستمع إليه، يمكنك أن تقول بوضوح إنه رجل طموح، وإنه مكرس بنسبة 100 في المائة لتحقيق هذه المهمة".

خلال قيادته لـ"القاعدة"، تضاءل النفوذ العالمي للتنظيم مع "داعش". لكن الجماعة ظلت تشكل تهديداً حيث نفذت الجماعات التابعة لها هجمات في عدة دول هجمات. والظواهري، الذي أقسم الجميع بالولاء له، كان لا يزال أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم حتى مقتله.

حياة الفأر والقط
منذ سنوات مراهقته في إحدى ضواحي القاهرة الراقية، عاش الظواهري حياة القط والفأر، حيث نفذ أحكاماً بالسجن في مصر وروسيا وطارده خصومه بما في ذلك سلطات مكافحة الإرهاب الأمريكية التي رصدت مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يقتله.

ومع ذلك، بدا أنه دائماً متقدم بخطوة، مختبئ في المعاقل الوعرة لأفغانستان ومناطق القبائل الباكستانية.

مع مرور الوقت، تطورت أهدافه وأيديولوجيته من الكراهية العميقة للحكم العلماني في مصر، حيث كان من بين الذين حوكموا بتهمة التآمر في اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981، إلى حملة شرسة لضرب ما يسمى "العدو البعيد"، الولايات المتحدة، وهي الهدف المفضل لـ"القاعدة".

هجمات "القاعدة"
كانت القوة التكتيكية للتنظيم تكمن خصوصاً في قدرته على شن هجمات مذهلة، بدءًا من الهجمات المتزامنة على السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا عام 1998 والتفجير الانتحاري للمدمرة الأمريكية "كول" في اليمن عام 2000، وبلغت ذروتها في الهجمات على نيويورك وواشنطن عام 2001 التي أدت إلى الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق.

وفي العقد التالي، لاحقت سلطات مكافحة الإرهاب الأمريكية بن لادن والظواهري، نائبه وخليفته المختار. ودمرت ضربات الطائرات بدون طيار قيادة "القاعدة" في محاولة مستمرة لإضعاف التنظيم والانتقام لهجمات 11 سبتمبر. وفي مناسبة واحدة على الأقل، قيل إن الظواهري قتل، قبل أن، فقط ليعود إلى الظهور في الفيديو المتقطع والأشرطة الصوتية التي تنشر رسالته.

"الدم بالدم"
وفي مايو (أيار) 2011، قتل فريق من البحرية الأمريكية بن لادن في غارة على مجمعه في أبوت آباد بباكستان. ولأكثر من شهر، التزم "القاعدة" الصمت بشأن قيادته المستقبلية، قبل أن يطل الظواهري في مقطع فيديو مدته 28 دقيقة مع بندقية في الخلفية ويتوعد بأن بن لادن سيستمر في "ترويع" أمريكا بعد وفاته، قائلاً: "الدم بالدم".

وبحلول ذلك الوقت، كان جيل جديد من الجهاديين قد نما، أولاً في فوضى العراق بعد الغزو الأمريكي، ثم انتشر إلى سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك في عام 2011.

بين "القاعدة" و"داعش"
وفي الفوضى التي تلت ذلك، برز تنظيم "داعش" إلى الصدارة كمنارة جديدة للحماسة الجهادية، حيث استقطب عشرات الآلاف من المتابعين بحنكته الإعلامية، ورسائل عصر الإنترنت، ومقاطع الفيديو المروعة لعمليات قطع الرؤوس، والاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في التي أعلنت خلافة جديدة لمسلمي العالم.

وفي المقابل، اضطر "القاعدة" المحروم من زعيمه الأيقوني إلى التخلي عن هيكله القيادي المركزي، فيما بايع منتسبون له، ولا سيما في اليمن وسوريا، الظواهري في نزاع حاد ودام مع تنظيم "داعش" الذي بدأ أصلاً كفرع من تنظيم "القاعدة" في العراق.

كلتا المجموعتين متجذرة في التطرف الإسلامي. لكن الفروق بينهما كانت كثيرة. في حين سعى "داعش" للهيمنة بين الجماعات الجهادية وكان متعطشًا للتوسع الإقليمي، أظهر المنتسبون للقاعدة استعدادًا متزايدًا للتعاون مع الجماعات الأخرى وقليل من الشهية للاحتلال.

وانتقد الظواهري تنظيم "داعش" وقادته على ممارستهم لقتل المدنيين الشيعة، خوفاً من أن تلوث أعمال القتل هذه القضية الجهادية بين المسلمين. وبينما عزز أتباع "داعش" سمعة الجماعة الوحشية من خلال مقاطع فيديو لقطع رؤوس الرهائن الغربيين وأعمال وحشية أخرى، عارض الظواهري مثل هذه العروض، على ما يبدو لتجنب تنفير المؤيدين المحتملين.

وكتب ساجان غوهيل، المتخصص في الإرهاب الدولي ومقره لندن، أن الظواهري كان سعيدًا بترك "داعش" تواجه هجمات من قبل قوات التحالف المدعومة من الولايات المتحدة في العراق وسوريا، مما أعطى القاعدة مساحة "لإعادة بناء بنيتها التحتية وشبكات عبر العالم الإسلامي "وإحياء هدفها بعيد المدى بضرب أهداف في الغرب.

حمزة بن لادن
وعام 2015، لعب الظواهري ما اعتقد أنه ورقة رابحة في إحياء جماعته، وقدم لأتباع التنظيم حمزة بن لادن، نجل مؤسس القاعدة، ووصفه في تسجيل صوتي بأنه "أسد من عرين القاعدة".

وحض حمزة بن لادن الجهاديين على تنفيذ "أكبر عدد من الهجمات" على المدن الغربية. وبعد عام ، في رسالة موجهة إلى أمريكا بعنوان "كلنا أسامة"، أصدر حمزة بن لادن نداءً شخصيًا للانتقام لوالده. وقال: "سيكون حسابكم قاسياً.. نحن أمة لا تهدأ على الظلم".

كان حمزة بن لادن من بين مجموعة من أقارب بن لادن الذين لجؤوا إلى إيران بعد هجمات 11 سبتمبر، ووضعوا تحت الإقامة الجبرية بترتيبات متفاوتة. ويعتقد بعض المحللين أن حمزة لم يكن أكثر من رمز صوري يهدف إلى استقطاب الجهاديين الشباب من "داعش".

وبحسب غوهيل، كانت لحمزة بن لادن زوجتان على الأقل، إحداهما ابنة الظواهري التي أنجبت طفلين، الأمر الذي ربط بين العائلتين في "تحالف زواج استراتيجي".

وأفاد مسؤولون أمريكيون أن حمزة بن لادن قُتل في عملية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان في وقت ما في 2017 أو 2018.

كذلك، تمت تصفية نواب الظواهري. وقُتل أبو الخير المصري في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار في سوريا عام 2017. وقتل خلفه عبد الله أحمد عبد الله، الذي كان يحمل الاسم الحركي أبو محمد المصري، على يد عناصر إسرائيليين في طهران عام 2020.

وعام 2021، بعد ما يقرب من 20 عاماً من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان لطرد "القاعدة"، استعادت "طالبان" السيطرة على البلاد ومنحت حليفها "القاعدة"، ملاذاً آمناً. وعاد الظواهري إلى قواعده.

أصول الظواهري
أيمن محمد ربيع الظواهري، واحد من خمسة إخوة، مولود في 19 يونيو (حزيران) 1951 في المعادي إحدى ضواحي القاهرة. كان والده أستاذًا في علم العقاقير وعمه الإمام الأكبر للأزهر.

كان والد والدته رئيساً لجامعة القاهرة، ومؤسساً ومديراً لجامعة الملك سعود بالرياض وسفيراً في المملكة العربية السعودية ودول أخرى. ومن أقاربه كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية.

وانخرط الظواهري الابن في المجتمع الإسلامي المتطرف بمصر في سن مبكرة، ونشر العديد من الكتب عن الأصولية الإسلامية التي كانت بالنسبة للكثيرين رمزاً للحركة الإسلامية الراديكالية.

وفي منتصف الثمانينيات، غادر الظواهري مصر متوجهاً إلى بيشاور في شمال غرب باكستان حيث كانت تتمركز المقاومة ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان.

وفي ذلك الوقت وبينما كان آلاف المقاتلين الإسلاميين يتدفقون إلى أفغانستان حدث اللقاء بين الظواهري وبن لادن. وعام 1998 كان واحداً من خمسة موقعين على "فتوى" بن لادن التي تدعو لشن هجمات ضد الأمريكيين.

وذكر موقع "سايت" الذي يعني بالحركات الاسلامية المتطرفة أن بعض الإرهابيين يشككون بصحة التقرير عن مقتل الظواهري، بينما يعتقد آخرون أنه قد حقق رغبته في "الاستشهاد".

وعن مستقبل "القاعدة" من دونه، قال موقع "سايت" إن معنويات الإرهابيين كانت مرتفعة، حيث كتب أحدهم: "لو مات الشيخ أيمن الظواهري، هناك ألف أيمن غيره".