رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي (أرشيف)
رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي (أرشيف)
السبت 6 أغسطس 2022 / 00:55

الصين تعلّق التعاون مع واشنطن.. وتفرض عقوبات على بيلوسي

علّقت الصين أمس الجمعة التعاون مع الولايات المتحدة في مجموعة من القضايا الأساسية بما في ذلك تغيّر المناخ، في قرار اعتبرته واشنطن "غير مسؤول" داعية بكين إلى وقف المناورات العسكرية في محيط تايوان لتهدئة الوضع.

وبعد أيام على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان، قالت وزارة الخارجية الصينية إن "بكين ستعلّق المفاوضات الصينية الأمريكية بشأن التغير المناخي، وتلغي لقاء بين مسؤولين عسكريين، فضلاً عن اجتماعين حول الأمن".

ولامت الخارجية بيلوسي على تعاملها بـ "ازدراء" مع موقف الصين المعارض لزيارتها تايوان، وقد تعهّد أكبر بلدين مسببين للتلوث في العالم العام الماضي العمل معاً لتسريع التحرّك من أجل المناخ خلال العقد الحالي، وأكدا بأنهما سيعقدان اجتماعات دورية "للتعامل مع أزمة المناخ"، وكشفت الخارجية الصينية أيضاً عن تعليق التعاون القائم في مجال إعادة المهاجرين غير النظاميين والجرائم العابرة للحدود والشؤون القضائية.

واعتبر جون كيربي الناطق باسم البيت الأبيض المعني بالأمن القومي أن تعليق الحوار حول التغير المناخي "خطوة غير مسؤولة بالكامل"، وقال "يعتقدون أنهم يعاقبوننا بإغلاق هذه القناة"، مضيفاً "إنهم في الواقع يعاقبون العالم بأسره لأن أزمة المناخ لا تعترف بالحدود الجغرافية"، مشدداً على أنها "حقاً أزمة عالمية ووجودية".

وتابع "أكبر مصدر للانبعاثات في العالم يرفض حالياً الانخراط في خطوات أساسية ضرورية لمكافحة أزمة المناخ التي تؤثر في الواقع على شركائنا من خلال ارتفاع مستوى مياه البحر في جزر المحيط الهادئ ومن خلال الحرائق في مختلف أنحاء أوروبا".

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "من المستحيل حلّ المشاكل الأكثر إلحاحاً، على غرار الاحترار المناخي العالمي من دون حوار فاعل بين الصين والولايات المتحدة"، وفق ما صرّح أمس متحدث باسمه.

وكذلك دعت الولايات المتحدة الصين إلى وقف المناورات العسكرية التي أطلقتها منذ زيارة بيلوسي، وقال جون كيربي "يمكن للصينيين القيام بالكثير لخفض التوتر من خلال وقف مناوراتهم العسكرية الاستفزازية وتهدئة اللهجة".

ونظّمت الصين أوسع مناورات عسكرية بالقرب من تايوان، حاشدة لها طائرات وسفناً حربية، تواصلت لليوم الثاني على التوالي، وندّدت تايبيه بهذه المناورات التي تقوم بها "جارة تضمر لها الشرّ"، واستدعى البيت الأبيض السفير الصيني في واشنطن احتجاجاً على السلوك "غير المسؤول" للصين إزاء تايوان، وصرّح جون كيربي "نشجب العمليات التي تنفذها الصين والتي هي غير مسؤولة ومخالفة لهدفنا القاضي بالحفاظ على السلم والاستقرار في مضيق تايوان".

وردّاً على هذا الإجراء، قال وزير الخارجية الصيني إنه "من عادة الولايات المتحدة أن تحدث مشاكل ثم تسخّر هذه المشاكل لبلوغ مآربها"، وأكّد أن "هذه الوسيلة لا تؤتي أكلها مع الصين"، ومن المتوّقع أن تتواصل المناورات العسكرية حتّى ظهر بعد غد الأحد.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان "منذ الساعة الحادية عشرة، أجرت مجموعات عدة من طائرات حربية وسفن حربية صينية تدريبات حول مضيق تايوان وعبرت الخط الأوسط للمضيق"، وأوضحت في بيان لاحق بأن 68 طائرة صينية مقاتلة و13 سفينة حربية عبرت "الخط الأوسط" الواقع على طول مضيق تايوان خلال مناورات أمس.

وقالت الوزارة "ندين الجيش الشيوعي لعبوره المتعمّد الخط الأوسط للمضيق وقيامه بمضايقات في البحر والجو في محيط تايوان"، وذكرت شبكة "سي سي تي في" الرسمية أن الصواريخ الصينية حلّقت مباشرة فوق تايوان، ولم تؤكّد تايبيه هذا الخبر.

وقال رئيس الوزراء التايواني سو تسينغ-تشانغ للصحافيين "لم نتوقع أن يستعرض الجار الخبيث قوّته على عتبتنا وبأن يعرّض إلى الخطر بشكل تعسفي الممرات المائية الأكثر انشغالاً في العالم عبر تدريباته العسكرية".

وشاهد مراسلون في جزيرة بينغتان الصينية غير البعيدة من موقع المناورات، مقاتلة تحلّق فوق المكان حيث التقط سياح صوراً لها بينما حلّقت فوق الساحل، كذلك شوهدت سفينة عسكرية صينية تبحر عبر مضيق تايوان، وفي بينغتان، تباهى سياح من الداخل بقوة بلدهم العسكرية بمواجهة جارتها الأصغر بكثير.

وكانت بكين أطلقت أول أمس الخميس حوالي 10 صواريخ بالستية ونشرت سفناً وطائرات في 6 مواقع عسكرية اختارتها لإجراء مناورات في محيط تايوان، مقتربة إلى 20 كيلومتراً من سواحل الجزيرة ومزعزعة الحركة في أحد المسالك التجارية الأكثر ازدحاماً في العالم.

وتقدّمت اليابان باحتجاج دبلوماسي رسمي ضد بكين إذ يُعتقد أن 5 من الصواريخ سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة إليها، وقالت بيلوسي من طوكيو، المحطّة الأخيرة من جولتها الآسيوية التي أثارت ضجّة كبيرة إن "الولايات المتحدة لن تسمح للصين بعزل تايوان"، مؤكّدة أن زيارتها "لا ترمي إلى تغيير الوضع القائم هنا في آسيا عموماً وفي تايوان خصوصاً".

وبالنسبة إلى الصين القارية التي تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها، شكّلت زيارة بيلوسي التي تتبوّأ ثالث أعلى منصب في الدولة الأمريكية، استفزازاً كبيراً، وقالت الخارجية الصينية إن "بيلوسي تدّخلت تدّخلاً فاضحاً في الشؤون الداخلية الصينية، منتهكة سيادة الصين ووحدة أراضيها".

وأضافت "هذا يقوض بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها ويخالف بشكل خطير مبدأ الصين واحدة ويهدد بشدة السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان"، وتابعت "رداً على استفزاز بيلوسي الفاضح، تقرر الصين فرض عقوبات على بيلوسي وأفراد أسرتها المقربين، بما يتماشى مع القوانين ذات الصلة بجمهورية الصين الشعبية".

وتجري المناورات في منطقة تعد من أكثر طرق الشحن نشاطاً في العالم، وتستخدم في توريد أشباه الموصلات والمعدات الإلكترونية المنتجة في مصانع في شرق آسيا، ويجمع محللون على القول إن الصين، بالرغم من قيامها بهذه المناورات العسكرية، لا تسعى إلى مواجهة مسلّحة.

وقال تيتوس تشن الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة سون يات-سن الوطنية في تايوان إن "آخر ما يريده شي هو اندلاع حرب عرضية".