صحف عربية (أرشيف)
صحف عربية (أرشيف)
الثلاثاء 9 أغسطس 2022 / 10:56

صحف عربية: مواجهة غزة الأخيرة تكشف وهن "محور المقاومة"

يقول البعض إن التطورات السياسية الدولية ربما صرفت أنظار العرب عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية خلال الفترة الأخيرة والتي شهدت هجوم على قطاع غزة أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، ولكن الحقيقة أن الدول العربية لم ينسوا القضية الفلسطينية.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، إن قبول حركة الجهاد الإسلامي بعرض الهدنة المصري والمصادقة عليه بشكل علني وسريع ناجم عن غياب البدائل لديها، وإنها لم تكن قادرة على الاستمرار في معركة غير متكافئة بعد أن تخلت عنها حركة حماس كما لم تقدم لها إيران وحزب الله أيّ دعم مباشر لفك الضغط عنها.

قبول الهدنة
وكشفت الأوساط السياسية الفلسطينية لصحيفة "العرب" اللندنية أن الضربات الإسرائيلية كانت قاسية وسريعة، وأن توجيه رد من الجهاد كان يحتاج في خطوة أولى إلى دعم حركة حماس مثلما كان يجري في السابق، حيث دأبت الحركتان على التنسيق وإطلاق الصواريخ بشكل متزامن، لكن الصواريخ الأكثر عدداً وفاعلية كانت لحماس التي تمتلك أيضاً خبرات قتالية ميدانية، فيما لم تكن حركة الجهاد تمتلك سوى بعض الصواريخ وكثرة البيانات السياسية التي تحتفي بها إيران لإظهار قدرتها على استهداف إسرائيل.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الاستعجال بقبول الهدنة من جانب الجهاد دليل على إحباط التنظيم من خذلانه مما يسمى بمحور المقاومة بدءاً من حماس وصولاً إلى إيران وحزب الله اللذين لم يتحركا لنجدة الحركة بأيّ طريقة مثلما كان قادتها يتوهمون أن حزب الله مثلاً سيفتح الجبهة الشمالية على إسرائيل بتوجيه بعض الصواريخ لتخفيف الضغط.

وقالت الصحيفة "لا تلتقي حسابات حركة الجهاد مع حسابات إيران، فالحركة دأبت على التخفي وراء حماس ولم يكن أحد يعرف حجمها الحقيقي وقدرتها على استهداف إسرائيل ولا فاعلية صواريخها. وفي أول اختبار بان بالكاشف أنها محدودة التأثير، وأنها لا تقدر على إزعاج إسرائيل، وعلى العكس فقد كان قياديوها أهدافا سهلة أمام الجيش الإسرائيلي، وهو أمر قد يكون فاجأ إيران نفسها التي كانت في لحظة انطلاق المواجهة المحدودة وغير المتكافئة تحتفي بأمين عام حركة الجهاد زياد النخالة".

وقال مراقبون فلسطينيون بحسب الصحيفة إن حماس لديها أجندتها التي منعتها من دعم حركة الجهاد، ولو بشكل محدود، ما جعلها تبدو حركة صغيرة محدودة التأثير، وإن حماس قد تكون قصدت إظهار الجهاد في هذه الصورة لأهداف تخصها من بينها إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بأنها جادة في مسار التهدئة الذي سيقود إلى الاعتراف بها كسلطة دائمة في غزة، وفي نفس الوقت وجهت رسالة إلى إيران بأنها هي القوة الوحيدة على الأرض، وأنّ لا قيمة للبدائل الهامشية التي تراهن عليها وتدعمها وتسلحها بما في ذلك حركة الجهاد.

ويرى المراقبون أن هزيمة حركة الجهاد في معركة خاطفة وقبولها بهدنة لا تحقق لها شيئا سوى وقف إطلاق النار، ودون ضمانات جادة لإطلاق سراح بعض قادتها، وحياد حماس وحزب الله في المعركة، كلها عناصر تظهر أن محور المقاومة فقد بريقه وتأثيره في المنطقة، وأنه ليس أكثر من واجهة لأجندات إيران، التي تبدو في وضع لا يسمح لها بالتصعيد خاصة أنها تناقش تفاصيل تجديد الاتفاق بشأن برنامجها النووي، وتريد الحصول على ضمانات برفع العقوبات عنها ما يسمح لها بإعادة بيع النفط وما سيوفره من عائدات كبيرة لا شك أنها أكبر وأهم من مصير الجهاد وحماس وغزة.

تدخل مصري حاسم
فيما قالت صحيفة "النهار" اللبنانية إن مصر لم تتخل عن دورها في حقن دماء الشعب الفلسطيني، لكن هذا لا يعني أن حماسة الجماهير المصرية والعربية التي كانت تناصر الفلسطينيين قد خفّت بعدما جاء الربيع وكشف حجم العلاقة بين تنظيم "الإخوان" الإرهابي وحركة "حماس".

وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين مصر و"حماس" شهدت على مدى السنوات التي أعقبت حوادث كانون الثاني (يناير) 2011 تدهوراً وصل إلى الذروة، عقب ثورة الشعب المصري على حكم "الإخوان" وإطاحة محمد مرسي من المقعد الرئاسي، إلى درجة خضوع عدد من قادة "الإخوان" ورموزهم، وبينهم مرسي نفسه، للمحاكمة بتهمة التخابر مع الحركة في قضية أضيفت إلى قضايا أخرى تتعلق بالإرهاب، ومتهم فيها أعضاء في حركة "حسم"، التي تعد جناحاً عسكرياً لجماعة "الإخوان"، وكذلك تنظيم "داعش" في سيناء بالتدريب على أيدي عناصر من "كتائب القسام"، واستخدام الأنفاق تحت الحدود المصرية مع القطاع في نقل الأسلحة والمتفجرات، ناهيك بالطبع بالتحقيقات المصرية التي أثبتت مشاركة أعضاء من "حماس" في هجمات استهدفت السجون عام 2011، أفضت إلى فرار بعضهم وظهورهم في وسائل الإعلام من قطاع غزة وسط مظاهر احتفالية.

وأشارت الصحيفة اللبنانية إلى أن المصريين لا يزال يتذكرون حملة "الإخوان" ضد الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية لتأمين الحدود مع غزة، عندما استخدمت منصات التنظيم كلمات من الوزن الثقيل كـ"الإخلاء القسري" و"التهجير العمدي" و"الحملة على الأهل في سيناء" لمحاولة إقناع المجتمع الدولي، أو حتى الشعب المصري، بأن ما يجري هناك مخالف للقانون أو نتيجة لرغبة رسمية في التنكيل بأهالي سيناء. ولكن الأجهزة المصرية أنجزت العملية في سلاسة وهدوء ولم تنظم تظاهرة احتجاجية واحدة ضد الإجراءات التي اتخذت لتأمين الحدود والتمهيد لتحقيق تنمية شاملة في شبه الجزيرة، رغم أن التنظيم الدولي لـ"الإخوان" جيّش كل عناصره وآلياته وإمكاناته وقنواته لإشعال القضية ومحاولة تدويلها!.

كما أكدت الصحيفة أن أن مصر عادت بحماسة إلى ممارسة ما تعتبره واجباً يحقق الأمن القومي العربي، وهو دور ظلت تضطلع به على مدى عقود في التعاطي مع القضية الفلسطينية، حتى لو كان ذلك الدور يقتضي منها التعامل مع "حماس" التي تعاونت ونسقت ورتبت مع الإخوان لإيذاء المصريين.

العودة للمفاوضات
ومن جانبها تحدثت صحيفة "الشرق الأوسط" عن تصريحات المسؤولين في فلسطين وإسرائيل على جدية صمود الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ بعد أن عاد أهالي قطاع غزة لممارسة حياتهم اليومية أمس، أول أيام الهدنة بين إسرائيل وحركة "الجهاد" التي توسطت فيها مصر.

وهدد الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة، باستئناف القتال مع إسرائيل "كأن الاتفاق لم يكن إذا لم تلتزم بشرط الحركة" وهو إطلاق سراح الأسيرين التابعين لها بسام السعدي وخليل عواودة، الذي كان بند الاتفاق الوحيد لوقف إطلاق النار في غزة بعد مواجهة استمرت 3 أيام.

ولكن في إسرائيل يقول المسؤولون، إنهم لم يلتزموا مطلقاً بهذا التعهد. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف، إن "إسرائيل لم توافق على إطلاق سراح سجينين من الجهاد، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار"، وأيده في ذلك وزيران آخران، بحسب الصحيفة.

وكشف مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، أنه وعدداً من رفاقه في الحكومة، يرون في إنهاء العملية العسكرية ضد "الجهاد"، بسرعة، والتزام "حركة حماس" بضبط النفس والامتناع عن المشاركة في القتال، آفاقاً للعودة إلى المفاوضات في سبيل إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس. وتابعوا أن "قضية الأسرى وتكثيف الجهود لإطلاق سراحهم، يتصدران أولويات لبيد".

وحسب مصادر في تل أبيب، فإن عدم انجرار "حماس" إلى القتال لم يكن وليد اللحظة أو الصدفة، بل كان قراراً مدروساً اتخذ على أرفع مستوى، وبالتشاور والتنسيق مع تركيا وقطر إضافة إلى المشاركة المصرية، علماً بأن الحركة كانت الجهة التي يتم التفاوض معها حول المبادرات المصرية العديدة لمنع التدهور.