صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الأربعاء 10 أغسطس 2022 / 10:32

صحف عربية: العراق.. المسرح الأول والأخطر لنقاط الالتحام في الشرق الأوسط

يخوض العراق أزمة سياسية واقتصادية معقدة، مع دخول اعتصام البرلمان لأسبوعه الثاني وتمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، بهدف إفشال خطة "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران في تسلم زمام أمور الحكومة.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، أوضحت مصادر أن العراق بات المسرح الأول والأخطر لنقاط الالتحام في الشرق الأوسط، فيما أشارت أخرى إلى قرب الإعلان عن مبادرة وحوار مشترك يجمع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي للخروج من الأزمة.

بؤرة متفجرة
قال حازم صاغية في صحيفة الشرق الأوسط "لئن أمسى المشرق العربي كلّه مجموعة من البؤر المتفجّرة ومن نقاط الالتحام المباشر أو المؤجّل، فالعراق بات اليوم المسرح الأوّل والأعرض، وأيضاً الأخطر، لمخاض المنطقة المذكورة، أمّا الأفق الاستقطابي الملبّد في عموم المنطقة، ومعه الأفق الدولي بالغ التوتّر، من أوكرانيا إلى تايوان، فيرفعان بدورهما درجة الخطورة التي تكمن في تحدّيات العراق الراهنة".

وأضاف "أوّلاً، هناك حقيقة التأزّم الاقتصادي والسياسي الإيراني الذي قد يُغري طهران بتصدير بعض أزمتها إلى الخارج، والعراق بوصفه جارها الجغرافي والاستراتيجيّ، وإلى حدّ ما الثقافي والدينيّ، يتلقّى التأثيرات المباشرة للتأزّم الإيرانيّ"، مشيراً إلى طريق إيران إلى التمدّد الخارجي تغدو مسدودة من دون جسرها العراقي المباشر، إلى سوريّا ولبنان وفلسطين من جهة، وإلى منطقة الخليج، وربّما اليمن، من جهة أخرى.

وتابع "ثانياً هناك الثراء النفطي الذي يتميّز به العراق عن بلدان مأزومة أخرى كلبنان، هذا الثراء في وسعه أن يموّل حروباً أهليّة تتواصل وتتناسل إلى ما لا نهاية، من غير حاجة إلى مال يأتي من خارج الحدود".

ولفت الكاتب إلى أن العنصر الأهمّ في الحدث العراقي الراهن، أنّ الوجه الأبرز للصراع الدائر هناك هو التنازع على الطائفة الشيعيّة وداخل الشيعيّة مذهباً وبيئة، مبيناً أن تأثيراته قد تتعدّى العراق إلى عموم العالم الإسلاميّ، وقد ترسم بالتالي مستقبل العلاقات بين الشيعة والسنة في عموم المنطقة، كما بين الشيعة وأوطانهم المستقلّة، ومن ورائها أفكار الوطنيّة والسيادة نفسها.

واختتم مقاله بالقول "يُخشى إن لم تُكسب هذه المعركة، معركة الوطنيّة الديمقراطيّة، أن يخسر العراق مبرّره كوطن، تماماً كما يخسر لبنان وبخطى متسارعة هذا المبرّر، ففي الحالتين ننتهي إلى مساحتين جغرافيّتين لا تنتجان إلا التنازع الأهلي، الذي لا يكون سلمه غير هدنة مؤقّتة بين جولتين من القتال".

الشعب يريد التغيير
ومن جهته، قال علي الصراف في صحيفة العرب اللندنية، "لم يسبق للشعب العراقي أن دخل البرلمان في حياته قاطبة، وذلك إلى أن مات فورثته الميليشيات والطوائف".

وأضاف "في العهود السابقة كانت عضوية البرلمان مما يتقرر سلفاً، بما يغني عن الحاجة إلى انتخابات، وللتعويض عن عدم مشاركة الشعب في تحديد نوابه، فقد أصبح اسمه مجلس الشعب، حتى جاء نظام المحاصصات الطائفية لكي يتحول المجلس إلى مجلس نواب منتخب إنما على أسس لم يعد الشعب العراقي منظوراً فيها، وحلت محله الطوائف، ثم حلت الأحزاب والميليشيات محل الطوائف، ثم أصبح كل شيء رهناً إما بهذا الزعيم أو ذاك".

وأشار الكاتب إلى أن "شعب الأميين هذا وجد طريقاً لاقتحام البرلمان، حيث جلست أم حسين على مقعد الحلبوسي، لتوقّع أوراقاً، ليس بتوقيع مما هو مألوف، ولكن بجرة شطب تميل عشوائياً على الأوراق التي لم تقرأ ما كان فيها، وهو على أيّ حال الشيء نفسه الذي يفعله الحلبوسي، في الدلالة على أنه لا أحد أحسن من أحد".

وأوضح "كان هناك شعب يتظاهر على بُعد جسر ونهر من المنطقة الخضراء، ولكن شعب السيد مقتدى حمل لهم الهراوات والسكاكين، سعياً لتفريقهم وتمزيق عزائمهم على مواجهة الفساد وأحزاب العمالة لإيران، وكانت خشية القائد مقتدى هي أن أولئك المتظاهرين، ممن أصبحوا يمثلون (حركة تشرين)، سوف يسرقون منه وظيفته الأثيرة كمعارض، وهي في الأصل وظيفة إيرانية تقوم على أساس نظرية تبادل الكراسي، بين موالين يخدمون إيران، ومعارضين يحتلون مكانهم، عندما ترتفع رائحة العفن، وكلاهما يؤدي الغرض نفسه".

وأردف قائلاً "جماهير الأميين لا تملك ذاكرة لكي تستدرك، ولا عقلاً لتفكر به أبعد من قدور (التمن والقيمة)، وليس ممّا يشغلها أنها استفادت من نظام المحاصصة، عندما أصبحت شعباً مستقلاً، تم تحاصصه هو نفسه بين الميليشيات، ولا علاقة له بالشعب العراقي البائد، يريد هذا الشعب تغييراً، إنما عن طريق توقيعات أم حسين وقيادتها".

"الصدر" فرصة
وبدوره، أشار أحمد الحوسني في مقال له بصحيفة الاتحاد، إلى أن هناك أطرافاً سياسية في العراق تسعى إلى عقد حوار مشترك بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، للوصول إلى حلول وسط لتجاوز المرحلة الراهنة وتشكيل حكومة انتقالية.

ونقل عن مصادر أن "المبادرة أو الوثيقة" ستتضمن تشكيل حكومة انتقالية تكون من ضمن مهامها الاستعداد لإجراء انتخابات مبكرة، وتعديل وسن قانون انتخابي ومفوضية انتخابات جديدة، وإجراء تعديلات دستورية وتغيير شكل نظام الحكم من خلال الاستفتاء العام، موضحة أنها ستكون بمثابة حل وسط للخروج من الأزمة الخانقة التي تعصف بالعراق.

وقال الكاتب "يشكل مقتدى الصدر، فرصة وليس بديلاً كما وصف نفسه، فقراءة المشهد أن مقتدى الصدر يتحرك ويصّرح بصورة متواصلة، وتحركاته الشعبية في الشارع بأدائه صلاة الجمعة الموحدة في ميدان النصر، تحت قوسي (سيف صدام حسين) له دلالة سياسية، إضافة إلى ما توصف حركته بالقادسية الثالثة، ما تعني استقلاله عن ارتباطه بإيران، وقطع علاقته بالإطار التنسيقي".

وأضاف "نستطيع القول إن فشل إيران في العراق، تأكد من حدوث شروخ عميقة في البيت الشيعي، بصراع شيعي - شيعي، سياسي وهو صراع عقائدي سياسي، بين تيار الشيعة العروبي، والهيمنة الشيعية المرتبطة بإيران، أي ضد المالكي وحلفائه، في اللحظة الوطنية والصيرورة التاريخية، ينبغي أن تكون حاضرة في قراءة التفاعلات اليومية في البلاد، وما يحصل هو فعلاً، معركة (الدولة مع اللا دولة)، ويبقى مقتدى الصدر الفرصة التي قد تخرج العراق من مأزقها".