صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الخميس 11 أغسطس 2022 / 11:12

صحف عربية: معركة حل البرلمان تتصاعد وتعمق الانقسام في العراق

24. إعداد: شادية سرحان

تصاعدت معركة حل البرلمان في العراق، مع رفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مستوى الضغوط على خصومه في الإطار التنسيقي، حيث طالب الصدر بحل البرلمان قبل نهاية الأسبوع المقبل خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، والذهاب إلى انتخابات مبكرة.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الخميس، تسببت الخلافات السياسية القائمة والصراعات الثنائية التي يشهدها العراق على مستوى القيادات السياسية في انقسام البيت الشيعي والكردي على السواء، فيما من الصعب التكهن بإمكانية نجاح الخطوة التي طالب بها متقدى الصدر.

معركة حل البرلمان
وفي السياق، أفادت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن معركة حل البرلمان في العراق، تصاعدت مع مطالبة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، السلطات القضائية بالعمل على حل المجلس خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، والذهاب إلى انتخابات مبكرة.

وطلب الصدر من القضاء العراقي حل البرلمان، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما سبق أن أعلنته المحكمة الاتحادية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية بناء على استفسار من رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، بخصوص المدة القانونية لانتخاب رئيس للجمهورية، التي أعلنت أنه يتوجب أن يتم الانتخاب خلال "فترة وجيزة".

وفسر خبراء القانون الفترة الوجيزة التي انتهت خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بأنها لمدة شهر فقط، وهو ما يعني دخول البلاد بعدها في خرق دستوري. لكنه طبقاً لما سبق أن أعلنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، فإنه في الوقت الذي عالج فيه القانون العراقي كثيراً من القضايا، بما فيها البسيطة، بعقوبات طبقاً للقانون، سكت عن فرض عقوبة على الخرق الدستوري. ويُتوقع أن يثير طلب الصدر من القضاء حل البرلمان جدلاً سياسياً وقانونياً خلال الفترة المقبلة، بحسب الصحيفة.

وإلى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الكتل السياسية في العراق لحل الانسداد السياسي القائم بين التيار الصدري و"الإطار التنسيقي" حول تشكيل الحكومة الجديدة.

مزاج مختلف

وفي ذات الشأن، قالت صحيفة "العرب" اللندنية، نقلاً عن مراقبين عراقيين إن "الصدر يشعر بأنه في موقع قوة، وإن ورقة تحريك الشارع والضغط بواسطته قد خدمت مصلحته وأربكت خصومه، ولذلك يعمل على أن يوجّه إليهم ضربة سريعة وحاسمة بتحديد أجندة زمنية دقيقة تمنعهم من أي مناورة لعرقلة مساعي الإعلان عن انتخابات مبكرة".

ويقول مراقبون، إنه "ليس ثمة ما يمنع من عودة المشهد نفسه بعد الانتخابات المبكرة، فالمشكلة تكمن في نظام المحاصصة الذي يفرض وجود كتل طائفية شبه ثابتة، ما يمنع أي حزب أو تكتل سياسي من الحكم بشكل مباشر، كما أنه يعيق بناء التحالفات والحصول على الأغلبية المريحة كما يريدها الصدر لتشكيل حكومة أغلبية وطنية".

ويرى خبراء في الدستور العراقي أن حكومة مصطفى الكاظمي هي حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحيات الطلب من رئيس الجمهورية الدعوة إلى حل البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة.

وتواجه خطوات حل البرلمان، بحسب "العرب"، إشكاليات فنية وقانونية، وينصّ الدستور في المادة 64 على أن حل مجلس النواب يتمّ "بموافقة أصوات الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه (ثلثي الأعضاء 220 نائبا)، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه (110 نواب) أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".

كما أن البرلمان من الناحية الفنية والدستورية ليس مؤهلاً لعقد جلسة تُخصص لانتخاب رئيس جمهورية جديد مخول له دستورياً تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة الجديدة، أي مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني.

ولا يزال العراق، منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة في أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة أغلبية وطنية بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي الإبقاء على الصيغة التوافقية.

القضاء
وفي هذا الإطار، أكد مراقبون لموقع "الحرة" أنه من الصعب التكهن بنجاح  دعوة الصدر لحل البرلمان وأن هذه الخطوة ستزيد الأزمة السياسية في العراق تعقيداً.

وقال الخبير القانوني حسين السعدون للموقع: إنه "لا يمكن حل البرلمان العراقي إلا عبر الطريقة التي حددها الدستور، وهي إما بطلب من رئيس وزراء كامل الصلاحيات إلى رئيس الجمهورية ومن ثم إلى البرلمان للتصويت، أو عبر طلب يقدم من ثلث أعضاء المجلس لرئاسته ومن ثم يطرح للتصويت"، مضيفاً أن هذا يعني أن "رئيس الوزراء الحالي ورئيس الجمهورية قد لا يكون بإمكانهما الدعوة لانتخابات مبكرة لانتهاء فترتهما الدستورية، ولا توجد محكمة تستطيع حل البرلمان الحالي لعدم وجود نص قانوني يسمح لها بذلك".

وقال الصدر إن "هذه الطلبات تأتي بسبب تجاوز كل المهل القانونية المتعلقة بتسمية رئيس الجمهورية، وتكليف رئيس الوزراء، وتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يضع القضاء العراقي أمام مسؤلياته "على الرغم مما يتعرض له من ضغوطات سياسية وأمنية وتسريبات من هنا وهناك"، على حد وصفه، مضيفاً أن "القضاء على المحك" رغم تأكيده على أن "كثيراً من القضاة مع الشعب ومع الإصلاح".  

ومن جهته، يقول الخبير القانوني علي التميمي لموقع "الحرة": إن "هناك رأيين قانونيين في القضية، أولهما أن المحكمة الاتحادية لا تمتلك نصا قانونيا يجعل من صلاحيتها حل البرلمان، أما الثاني فهو أنه لا يمكن للقضاء عدم الحكم في المنازعات بحجة عدم وجود نص، كما تقول المادة الأولى من القانون المدني. وتقول المادة 59 و74 من القانون ذاته إن بإمكان محكمة البداءة حل المؤسسة في حال لم تكن قادرة على أداء دورها أو تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، وهذا هو الأساس القانوني الذي يستند عليه أصحاب الرأي الثاني، والذي يشير للولاية العامة للمحكمة الاتحادية بوصفها أعلى هيئة في العراق".

تصدع الداخل
وعلى صعيد متصل، قالت صحيفة "إندبندنت عربية، إن "الخلافات السياسية القائمة والصراعات الثنائية التي يشهدها العراق على مستوى زعماء والقيادات السياسية تسببت في انقسام البيت الشيعي والكردي على السواء، وانعكست على الشارع الذي بات متشتتاً وسط تلك الخلافات".

وأوضحت "يدور صراع بين ممثلي البيت الشيعي؛ الإطار التنسيقي والتيار الصدري حول آلية تشكيل الحكومة الجديدة وتسمية رئيس الوزراء الذي أصبح عقدة سياسية تعوق الطريق والتمهيد لاستقرار سياسي ولو كان لأشهر. وعلى الرغم من دعوات زعيم التيار الصدري إلى حل البرلمان إلا أن تلك المطالب تواجه اعتراضاً كبيراً من قبل الإطار التنسيقي".

وأضافت "لا يختلف الأمر كثيراً في الداخل الكردي الذي لا تقل خلافاته عن البيت الشيعي، حيث تستمر عقدة مرشح رئاسة الجمهورية وسط غياب التوافق الكردي بين الحزبين الرئيسين الاتحاد الوطني والديمقراطي في إقليم كردستان العراق على مرشح توافقي بين أكبر الحزبين في كردستان".

ويكشف الباحث السياسي صالح لفتة، "أن الشارع الشيعي والكردي منقسم منذ تشكيل العملية السياسية سنة 2003 وحتى الآن، لأن الكتل والأحزاب التي تمثل الشارع منقسمة على نفسها ولديها خلافات كبيرة فيما بينها على المناصب لكن قبل هذه الدورة الانتخابية وفي الأوقات الحرجة يتم التوافق على المناصب الرئاسية سواء ما يخص الأكراد لمنصب رئاسة الجمهورية أو الكتل الشيعية لمنصب رئاسة الوزراء".

ويرى الباحث، أن "هذه المرة الأمر مختلف والانقسام طغى على السطح وزاد الوقت التي احتاجته الكتل السياسية للتوافق والمستقبل مجهول، ولا حل قريب يلوح في الأفق".

ويضيف أن "الأحزاب الشيعية هي أكثر من طرف وقيادات كثيرة متنافسة فيما بينها على منصب رئاسة الوزراء الذي ستزيد نفوذها من خلاله وترى أنها ستخسر الكثير عند التنازل عن المنصب للأحزاب الشيعية الأخرى واحتكمت للشارع لاستعراض عضلاتها ودخلت مرحلة صعبة ولن تتراجع بسهولة إلا بمعجزة أو تدخل المرجعية الدينية في النجف كما حدث عام 2014 باختيار بديل عن المالكي".

وختم حديثه بالقول: "الأجواء ضبابية ولا يمكن التكهن بما سيحدث وإذا لم يتم وضع حلول والتوافق على المناصب سنشهد المزيد من الانقسام في الشارع".