صحف عربية (24)
صحف عربية (24)
الجمعة 12 أغسطس 2022 / 11:10

صحف عربية: العراق يحتكم إلى الشارع بحثاً عن مخرج للأزمة

على ضوء عمليات التحشيد بين الفرقاء الشيعة تطل سيناريوهات مخيفة على العراق، خاصة بعد رفض كلا الطرفين تقديم أي تنازلات مقبولة، لإنهاء الأزمة المتفجرة منذ أكتوبر(تشرين الأول) الماضي.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، ذكرت تقارير أن الأسلوب الذي ينتهجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، منح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورقة جديدة لتأجيج النزاع، فيما أشارت مصادر إلى أن كل الأطراف المشتركة في الحكم تتحمل كل ما يحدث من فوضى ودمار في العراق.

مرحلة كسر عظم
في صحيفة العرب اللندنية، رأى مراقبون أن الأسلوب الإملائي الذي ينتهجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وآخره إمهاله القضاء العراقي نهاية الأسبوع المقبل لحل البرلمان، جعل من الأصوات المعتدلة داخل الإطار التنسيقي تتراجع، في مقابل ذلك منح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورقة جديدة لصب الزيت على نار الأزمة.

وأوضح المراقبون أن أسلوب الصدر الاستعلائي لعب دوراً معاكساً لجهة اصطفاف المترددين في الإطار التنسيقي خلف المالكي، الذي يرغب بدوره في تحويل الأزمة الجارية إلى عملية كسر عظم، على ضوء قناعته، التي سبق وأن عبر عنها في تسريبات صوتية بأن الساحة لا يمكن أن تتسع له وللصدر، وأنه لا بد من إزاحة الأخير، وإن اقتضى ذلك الدخول في حرب أهلية.

وقالو إن "قرار التيار الصدري بنزول أتباعه في نفس توقيت المظاهرات التي أعلن عنها الإطار، يندرج في سياق استعراض قوة مع الفريق المقابل، في ظل قناعة لديه بأن الأخير لا يملك الكثير من الأنصار، وأن من سيحشدهم هم عناصر الميليشيات".

ولفت المراقبون إلى أن الصدر يسعى من خلال الاستعراض الجديد لإحراج موقف الإطار، ويضعه في وضع صعب بين استخدام القوة عبر عناصر الميليشيات التي يمكن أن تشارك في الحراك، أو الرضوخ لأوامر الصدر بشأن تسوية الأزمة.

وأشاروا إلى أن رفض السوداني لم يكن سوى ذريعة من التيار الصدري للنزول إلى الشارع، فمن الواضح أن الصدر سيرفض أي شخصية يطرحها الإطار، وأن هدفه الأساسي الدفع باتجاه انتخابات جديدة تعزز وضعه السياسي وتمنحه أفضلية في تشكيل حكومة تكون تحت إدارته الكاملة، موضحين أن هذه القناعة تبدو غير واقعية، في ظل قانون الانتخابات الحالي الذي يفرض حصول تحالفات بين المكونات الطائفية في العراق.

بين الحكم أو القتل
ومن جهته، قال إلياس حرفوش في مقال بصحيفة الشرق الأوسط إن "ما يحصل في العراق اليوم داخل ما يسمى البيت الشيعي، لا يصل إلى حدود طرح خيارات مماثلة، بين الحكم أو القتل، مع أن سلاح الاغتيال جاهز في أي وقت عندما تصل إمكانات الحلول إلى طريق مسدود".

وأضاف "الخيار الذي يطرحه أنصار إيران داخل ذلك البيت مفاده (نحكم البلد أو نشلّه)، ولا تهمّ على طريق تحقيق هذا الشعار نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت قبل 10 أشهر ولا مسألة الأكثريات والأقليات في المجلس المنتخب، كما لا تهم طبعاً أصوات العراقيين الذين يشكون من سوء إدارة الدولة والفساد الذي يتسع انتشاره في ظل الشلل الحكومي وغياب آليات المحاسبة".

وأوضح الكاتب أن الخيار هو بين حكم البلد أو شلّ مؤسساته، ومع عجز "الإطار التنسيقي" الذي يوالي معظم أطرافه مصالح طهران عن تشكيل حكومة بمفرده، في وجه القوى المتحالفة والمساندة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، كان الخيار الآخر هو تعطيل فرصة تشكيل حكومة تكون فيها للصدر وحلفائه الكلمة الفصل.

وتابع "اليوم يطالب الصدر بحل البرلمان، مطلب يواجه عدداً لا بأس به من العوائق الدستورية: القضاء لا يملك قرار الحل حسب الدستور، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لا يستطيع أن يطلب من رئيس الجمهورية حل البرلمان لأن صلاحيات الكاظمي كمصرّف للأعمال لا تتيح له ذلك، والبرلمان الذي يستطيع حل نفسه لن يفعل ذلك، لأن الإطار التنسيقي يملك فيه الأكثرية حالياً بعد استقالة نواب الصدر".

واختتم مقاله بالقول "وسط هذا المأزق يقف رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي موقف السياسي الوحيد الداعي إلى الحكمة وتحمل المسؤولية تحت شعار (حوار ألف سنة خير من لحظة اصطدام بين العراقيين)، شعار يبدو مثل صرخة في وادٍ بعدما صارت المصالح المتناقضة في الداخل والضغوط الإيرانية عبر الحدود هي التي تتحكم في قرارات مختلف القوى التي تتنازع على السلطة في العراق".

العراق بين خيارين
وبدوره، لفت موفق الخطاب في مقال له بصحيفة الوطن البحرينية، إلى أن ما يفرق الإطار التنسيقي "الجناح الإيراني" أو جناح حزب الدعوة عن الصدريين، هو أنهم من يحكمون العراق فعلياً وبشكل مطلق منذ احتلاله، ودور الطرف السني هامشي ولا يمتلك في الحكومات المتعاقبة أي قرار وتأثير سوى القناعة ببعض المناصب لمصالحهم الشخصية.

وقال إن "من يتحمّل كل ما جرى من فوضى ودمار واستشراء الفساد هم جميع الأطراف المشتركة في الحكم يتقدمهم حزب الدعوة، لأنهم حريصون على البقاء في مناصبهم دون التفكير بأي تغيير أو إصلاح، وهم لا يرضون بالتنازل للفائز لا بالديمقراطية ولا بالتفاهم، ولا يعترفون بأي نتيجة تبعدهم عن تشكيل الحكومة والاستيلاء على منصب رئاسة الوزراء والمناصب السيادية فيها".

وأضاف "هم مستعدون للذهاب لأبعد نقطة مهما كلّف الأمر، دون التخلّي عن هدفهم وبنفس طاقمهم المتهرئ الذي ضاق الشعب العراقي بهم ذرعاً، من هنا بدأت نقطة الخلاف واتسعت وبدأ كل طرف يُسقط ورقة التوت التي تستر عورة خصمه".

وأوضح الكاتب "الشعب العراقي اليوم بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يقف خلف مقتدى الصدر وجمهوره والذي يدعو ظاهراً لإصلاح العملية السياسية ومحاسبة المفسدين وإزاحتهم عن المشهد، أو يقف متفرجاً لما سيؤول إليه هذا الصراع بين فريقين متكافئين في الشراسة والتسليح".