الثلاثاء 16 أغسطس 2022 / 10:01

صحف عربية: لا حل سحرياً لتغيير طبيعة النظام الإيراني

تناور إيران من جديد في مفاوضات الاتفاق النووي في محاولة منها لفرض شروطها، وإطالة الوقت سعياً لعدم الوصول إلى اتفاق جديد يقيد مشروعها، ويسمح بمراقبة مفاعلاتها ومستويات تخصيب اليورانيوم التي ارتفعت تدريجياً منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في مايو (أيار) 2018.

ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، فإن المسؤولين في إيران استقروا على المقترح الأوروبي المطروح لإحياء الاتفاق النووي، لكن بعد دراسته بشكل مفصل وبطريقة تسمح لصانعي القرار في إيران بإدخال التعديلات التي تناسب حاجات طهران النووية.

عرض نهائي
قالت صحيفة "الشرق الأوسط" نقلاً عن دبلوماسيين ومحللين ومسؤولين، إنه سواء قبلت طهران وواشنطن عرضاً "نهائياً" من الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 أم لا، فمن غير المرجح أن يعلن أي منهما إلغاءه، لأن إبقاءه يخدم مصالح الطرفين. غير أن أسباب الطرفين حول ذلك تختلف جذرياً. بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا توجد أساليب واضحة أو سهلة لكبح جماح برنامج إيران النووي بخلاف الاتفاق الذي قيّدت إيران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبحسب الصحيفة، فإنه سيكون من الصعب استخدام الضغط الاقتصادي لإرغام إيران على مزيد من الحد من برنامجها النووي، كما حاول دونالد ترامب، سلف بايدن، بعد الانسحاب من الاتفاق في عام 2018 إذا واصلت دول مثل الصين والهند شراء النفط الإيراني. ومَثَّل ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا ودعم موسكو العلني لطهران طوق النجاة الاقتصادي والسياسي لإيران. الأمر الذي ساعد في إقناع المسؤولين الإيرانيين بأنهم قادرون على الانتظار وتحمل العقوبات الغربية.

قال دينيس روس، وهو دبلوماسي أمريكي مخضرم يعمل الآن في "معهد واشنطن للشرق الأدنى"، "إذا جاء الإيرانيون غداً وقالوا حسناً، سنوافق على الاتفاق المطروح على الطاولة، فسنقوم بذلك بغضّ النظر عن مسألة انتخابات التجديد النصفي". وأضاف: "ليس الأمر كما لو أن الإدارة تروج لذلك باعتباره اتفاقاً عظيماً للحد من الأسلحة. موقفها هو أنه أقل البدائل المتاحة سوءاً".

عراقيل
ذكرت مصادر لصحيفة "الجريدة"، أن المسؤولين الإيرانيين يبحثون نقاطاً وصفت بالأساسية لإيران لم يقم المقترح الأوروبي بحلّها، مثل كيفية إغلاق ملف الجدل مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية بشأن المواقع غير المعلنة التي عثر فيها على آثار يورانيوم مخصب. إضافة لقضية رفع "الحرس الثوري" من لائحة الإرهاب الأمريكية، بعد قبول طهران بتأجيل الخطوة والاكتفاء بتخفيف الضغط عن المؤسسة الموازية للقوات المسلحة، في ظل تخوف إدارة الرئيس جو بايدن من تأثير الخطوة المحتملة على شعبية "الحزب الديموقراطي" قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس.

وقالت الصحيفة، إن الخبراء ناقشوا خلال اجتماع عقد مع إبراهيم رئيسي قضية الضمانات، حيث وصف المصدر البند بأنه غير واضح في ظل طرح أوروبي يستند إلى صيغ تتحدث عن ضمانات تمتد عامين ونصف العام تمتد حتى نهاية ولاية بايدن الحالية، في حين أن الجمهورية الإسلامية تصرّ على ضمانات بلا سقف زمني، وتشتمل على معالجة مستقبلية لاحتمال خروج خَلَف بايدن من الصفقة، على غرار ما فعله سلفه دونالد ترامب عام 2018.

ولفت المصدر إلى أن طهران ترى حتى الآن أن الضمانة الوحيدة المقبولة لها هي إبقاء كل اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد الحديثة داخل البلاد في مخازن مختومة بالشمع الأحمر تحت إشراف دولي، مع إعطاء الحق لها بفك القيد عنها في حال انسحبت واشنطن مجدداً من الصفقة النووية التي تقيّد طموحات الجمهورية الإسلامية الذرية مقابل منحها امتيازات اقتصادية. 

مناورة
تؤكد صحيفة "العرب"، أن إيران صارت في وضع مريح بشأن الاتفاق النووي، والظروف خدمتها بشكل يجعل الولايات المتحدة ترى أن الأمر ليس أمراً ضرورياً، في وقت يعتقد فيه المسؤولون الإيرانيون أن بلادهم يمكن أن تناور أكثر وتربح المزيد من التنازلات أو تستمر كما هو الحال في اختراق العقوبات دون أي ردة فعل من واشنطن.

وقال مراقبون للصحيفة، إن إيران دأبت طوال المفاوضات على إلقاء شروطها أو تسجيل الاعتراضات على المقترحات التي تقدم لها حتى لا يتم التوصل إلى اتفاق واضح يصبح ملزماً لها بصفة نهائية ويمكن عبره أن تتم مراقبة برنامجها، وهو ما لا تريده قيادتها السياسية التي تعتمد أسلوب المناورة وربح الوقت قبل الوصول إلى نتائج تمكنها من تخصيب اليورانيوم بشكل نهائي وامتلاك القنبلة.

وفضلاً عن ذلك، فإن إيران تعلم أن الولايات المتحدة نفسها ليست متحمسة لإنهاء الاتفاق ولا ترى أن توقيعه مسألة ضرورية.

تعنت
من جهتها، تعلق الكاتبة سوسن الشاعر في مقال لها بصحيفة "الوطن"، على دعوة من الخبير الأمريكي من أصل إيراني كريم سجادبور يطالب فيها الولايات المتحدة بأن تنفتح على إيران عبر الاتفاق النووي وعبر الإعلام الأمريكي الذي لا يجب أن يشيطن طهران كما يفعل مع السعودية، بالقول، إن الولايات المتحدة سعت إلى إشراك النظام الإيراني لكن من الواضح أنه لا يريد المشاركة، ومع ذلك، بمرور الوقت، أظهر النظام الإيراني أنه لا يمكن تجاهله، وعقائدي للغاية في الإصلاح، ووحشي للغاية، ومن غير الممكن احتواؤه بالكامل.

وتؤكد الشاعر، أنه لا يوجد حل سحري يمكنه تغيير طبيعة النظام الإيراني أو العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران. توجد أمثلة قليلة على موافقة إيران على حل وسط ذي مغزى، لكن جميعها تقريباً كانت في ظروف مماثلة، حيث تضمنت مزيجاً من الضغط العالمي المستمر والدبلوماسية الأمريكية الصارمة، للتوصل إلى حل محدد. ففي حالة الاتفاق النووي، هذا يعني تقييده بدلاً من إلغائه. ويجب تطبيق نفس الصيغة للحد على النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.