رفع العلم التايواني.(أرشيف)
رفع العلم التايواني.(أرشيف)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 14:39

هل نموذج "حياد النمسا" يناسب تايوان؟

رأت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أن الحل الأفضل والسلمي لنزع فتيل الأزمة المشتعلة بين الولايات المتحدة والصين، هو أن يُطبّق نموذج الحياد المعتمد في النمسا على تايوان، معتبرة أن أي حلّ بخلاف ذلك يُنذر بصراعٍ بين قوتين عظيمتين، عواقبه غير معلومة.

فرضت معاهدة 1955 حياداً صارماً على النمسا؛ وبعد ذلك، ظلّت فيينا بمنأى عن صراعات القوة المختلفة في الحرب الباردة التي ابتليت بها معظم الأجزاء الأخرى من أوروبا

وتتصاعد التوترات في مضيق تايوان بسرعة إلى مستويات تُنذر بالخطر، بعد تحذيرات بكين لواشنطن من "اللعب بالنار" عقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، ناهيك عن التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية واسعة النطاق التي قامت بها بكين وطوّقت تايوان.

قانون "سياسة تايوان"
واعتبرت "ناشونال انترست" أنه إذا كان ردّ الصين على زيارة بيلوسي يهدف إلى ترهيب واشنطن أو تايبه، فإن الجهود باءت بالفشل، مضيفة أن استراتيجية الرئيسة التايوانية تساي إنغ وين للسعي إلى مزيد من الفضاء الدولي واحترام تايوان (ودفع هذه الظروف نحو الاستقلال) "تبدو قوية كما كانت دائمًا، ويبدو أيضاً أن أصدقاء تايوان في الولايات المتحدة عازمون بشكل خاص على جعل واشنطن تعامل الجزيرة كشريك ديموقراطي وحليف اقتصادي وعسكري".

وأوضحت أن "ما يزيد الطين بلة، هو أن الكونغرس يدرس تشريعاً جديداً حول قانون سياسة تايوان، والذي من شأنه أن يجدد بشكل أساسي سياسة الولايات المتحدة تجاه تايوان ويؤثر على سياسة الصين الواحدة الرسمية لواشنطن. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض يسعى بهدوء لتأجيل هذا الإجراء، فإنه سيكون تحت ضغط هائل لقبول مثل هذه التغييرات".

الحل الأفضل
وفي هذا الإطار، رأت المجلة أن أفضل حل- وربما الطريقة الوحيدة- لتجنّب وقوع "كارثة عسكرية وشيكة" مع الحفاظ على المصالح الأكثر أهمية لكل من الولايات المتحدة والصين، هو تبني "نموذج النمسا" في تايوان.

وأوضحت: "في رغبة نادرة لتقديم تنازلات، وافق الاتحاد السوفيتي والقوى الغربية على استعادة النمسا الموحدة، التي كانت مقسمة إلى عدة مناطق، كل منها يسيطر عليها أحد الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية".

وأضافت: "فرضت معاهدة 1955 حياداً صارماً على النمسا؛ وبعد ذلك، ظلّت فيينا بمنأى عن صراعات القوة المختلفة في الحرب الباردة التي ابتليت بها معظم الأجزاء الأخرى من أوروبا. وفي الواقع، حاولت النمسا الحفاظ على موقفها المحايد حتى يومنا هذا".

تنازلات من الطرفين

وأوضحت أن هذا الحل يتطلّب "تنازلاً وطنياً كبيراً" من جانب بكين، حيث سيتعيّن على القادة الصينيين التخلي صراحةً عن الهدف الطويل الأمد المتمثل في إجبار التايوانيين على الموافقة على إعادة التوحيد السياسي مع البر الرئيسي، مضيفة أنه "إذا أرادت بكين تجنّب حرب كارثية مع واشنطن، يتعيّن عليها التضحية ببعض الكبرياء الوطني والقبول بنتيجة أقلّ من مثالية. ومع ذلك، فإن وضعاً محايداً مضموناً لتايوان سيضمن مصالح الصين الحيوية الملموسة في ما يتعلّق بالجزيرة".

في المقابل، أضافت أنه "بالنسبة لواشنطن، يجب أن تتخلّى عن طموحاتها لاستخدام تايوان عنصراً رئيسياً في استراتيجية لإدامة هيمنتها في شرق آسيا، وقبول الصين كقوة رائدة في المنطقة، والقبول ببعض التنازلات الجوهرية الإضافية، بما في ذلك الاعتراف على الأقل ببعض مطالبات بكين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، والتراجع عن دعم مطالبات اليابان بجزر سينكاكو (دياويو) في بحر الصين الشرقي".

وختمت أنه على الرغم من الفوائد المحتملة الواسعة النطاق لجميع الأطراف المعنية، فمن غير المرجّح للغاية أن يتبنّى قادة الولايات المتحدة والصين مثل هذا الحل الوسط الحكيم، وبالتالي، من الصعب أن نرى كيف سينتهي المأزق الحالي بشأن تايوان بشكل سلمي، وما زال توقيت الاصطدام العسكري ومدى المأساة التي ستنتج عنه، موضع شك".