مناصرون للإطار التنسيقي ينصبون خيماً للاعتصام  في بغداد.(أف ب)
مناصرون للإطار التنسيقي ينصبون خيماً للاعتصام في بغداد.(أف ب)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 15:31

احتدام الصراع على السلطة يثير المخاوف من اندلاع العنف في العراق

24-زياد الأشقر

يجهد الزعماء السياسيون في العراق منذ عشرة أشهر من أجل تأليف حكومة، لكن بلادهم تغرق أكثر فأكثر في الشلل السياسي، في مواجهة استفحال الجفاف واستشراء الفساد وتداعي البنى التحتية.

وضعت الأزمة الحالية الصدر في صراع مرير مع أحزاب وميليشيات شيعية مدعومة من إيران. وترددت حكومة تصريف الأعمال، التي تخشى اندلاع العنف، في استخدام القوة

وفي يونيو (حزيران) توقفت المحادثات لتأليف الحكومة. ويجري الآن حشد القوى بينما تتنافس الفصائل السياسية الرئيسية، على من يملك اليد العليا في البلاد.

وانسحب الزعيم الشيعي القوي مقتدى الصدر، الذي كان يملك أكبر كتلة في البرلمان، من المحادثات مصاباً بخيبة أمل، وأمر أتباعه بالنزول إلى الشارع للحصول على مطالبه، ونصبوا الخيم لعرقلة الوصول إلى البرلمان منذ أسبوعين، ومنع التصويت على أي تشكيلة حكومية.

التهديد بالعنف
وتذكر صحيفة "نيويورك تايمز" أنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الصدر إلى التهديد بالعنف للحصول على مطالبه السياسية. وهو قاد انتفاضة شيعية ضد الاحتلال الأمريكي بين عامي 2003 و 2009، ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يخشون من إنزلاق العراق مجدداً إلى العنف وعدم الاستقرار.

ومما يستدعي القلق بالقدر نفسه، أنه على رغم سنوات من الجهود الأمريكية لجعل العراق قوة شيعية بديلة ذات توجه غربي أكثر من إيران، فإن الصدر ومنافسيه الشيعة يفضلون نظاماً سياسياً يعتمد في إنبثاق السلطة على رجال الدين، على غرار النظام الديني القائم في إيران.

وصرح السفير الأمريكي السابق في العراق روبرت فورد: "نشهد بداية النهاية للنظام السياسي المدعوم من أمريكا في العراق".
ومنذ عقود والعراق ينتقل من أزمة إلى أزمة -في حلقة لا تعرف نهاية. وبعد الغزو الأمريكي عام 2003 لإسقاط صدام حسين، نشبت حرب أهلية، ومن ثم سيطر تنظيم داعش على أجزاء واسعة من البلاد.

الحركات المتطرفة
ونتيجة لذلك، بقي العراق على رغم امتلاكه احتياطات ضخمة من النفط، غارقاً في الفوضى السياسية مع ركود اقتصادي، مما جعل الشباب يتجندون في الحركات المتطرفة. وبدا أن الرؤية الأمريكية للعراق تبتعد أكثر فأكثر.

وعندما غزا الرئيس الأمريكي سابقاً جورج دبليو بوش العراق عام 2003، حاولت حكومته تشجيع القادة السياسيين على تأسيس نظام تمثيلي تتشارك في حكمه-الغالبية الشيعية والأقليتين السنية والكردية. وقال فورد: "كان الأمريكيون يأملون في تحالفات سياسية عابرة للطوائف، لكن الغلبة كانت للطائفية والإتنية... وعوض ذلك، نشبت نزاعات بين الطوائف وداخلها وفي صفوف العرقيات حول كيفية تقاسم أموال النفط العراقي".

وبحسب البنك الدولي، فإن 85 في المئة من تمويل الحكومة العراقية مصدره عائدات النفط. وبموجب النظام السياسي الحالي، فإن كل كتلة في البرلمان تسيطر على وزارة من وزارات الحكومة، ومن خلالها تدير عملية الزبائنية والرشى.

وفي الوقت الذي يركز السياسيون على مناصبهم أكثر من المصالح الوطنية، فإن إيران وجدت أن من الأسهل لها إقناع عدد من السنة والأكراد والزعماء الشيعة، بدعم سياسة تؤمن مصالحها: ألا وهي عبور السلاح والأشخاص والبضائع الإيرانية إلى الأراضي العراقية.

صرار مرير
ووضعت الأزمة الحالية الصدر في صراع مرير مع أحزاب وميليشيات شيعية مدعومة من إيران. وترددت حكومة تصريف الأعمال، التي تخشى اندلاع العنف، في استخدام القوة لمنع الحصار الذي يفرضه الصدر، مما أتاح له أخذ البلاد رهينة للائحة من المطالب التي تدعو إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة وإدخال تعديلات على قانون الانتخاب أو حتى تعديل الدستور.

ويشعر كثيرون من السنة أنهم مهمشون ولا يجدون دوراً لهم في مستقبل العراق، ويتمنى معظمهم تقسيم البلاد وإقامة جيب سني منفصل، وفق ما يقول مؤيد جبير المحمود، الخبير السياسي في جامعة الأنبار بمدينة الرمادي، المعقل السني.