إيران تؤكد مجدداً تمسكها بـ"الخطوط الحمراء" في مفاوضاتها بشأن الملف النووي (أرشيف)
إيران تؤكد مجدداً تمسكها بـ"الخطوط الحمراء" في مفاوضاتها بشأن الملف النووي (أرشيف)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 16:30

إنفوغراف: ما هي "خطوط إيران الحمراء" في المفاوضات النووية

24. إعداد: شادية سرحان وناصر بخيت

أكدت إيران مجدداً تمسكها بـ"الخطوط الحمراء" في مفاوضاتها بشأن الملف النووي الذي بلغ مرحلة حاسمة، حيث تحدت وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن خطوط بلاده الحمراء، وقال إن "بلاده ستدخل مرحلة جديدة في مفاوضات فيينا حول الملف النووي، إن تم احترام "خطوطها الحمراء".

مرحلة جديدة
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، أمس الخميس، أن بلاده ستدخل ما وصفها بـ"مرحلة جديدة" في محادثات فيينا إذا "تم ضمان استفادة طهران الاقتصادية من الاتفاق النووي واحترام خطوطها الحمراء"، وفق تعبيره، بحسب وكالة "إرنا".

واعتبر في اتصال هاتفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، أنه لا يمكن الحديث عن التوصل إلى اتفاق "جيد ومستديم في المفاوضات ما لم يتم الاتفاق على كل شيء"، مشيراً إلى "حسن نية" بلاده وجديتها في التوصل إلى اتفاق لإعادة العمل بالاتفاق النووي المبرم بينها والقوى العالمية عام 2015.

القضايا الخلافية
ومع حديث عن اقتراب إيران والغرب من إبرام صفقة لإحياء الاتفاق النووي، فإن إيران والولايات المتحدة تواجهان صعوبة في التغلب على الخلافات المتعلقة بـ3 قضايا رئيسية في المحادثات غير المباشرة لإحياء الاتفاق النووي، في وقت دخلت فيه المفاوضات الجارية منذ شهور، مرحلة حاسمة.

وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية بأن نقاط التباين المتبقية "تدور حول 3 قضايا، أعربت فيها أمريكا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص"، وتتعلق الثالثة "بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة والتي تعتمد على واقعية أمريكا" لتلبية مطالب إيران.

وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي يقوم بجهود مكوكية بين الطرفين في الثامن من أغسطس (آب)، إنه تم اقتراح عرض "نهائي" ومن المتوقع الحصول على رد في غضون أيام. وعلى الرغم من تصميم طهران وواشنطن على انتهاج الدبلوماسية، فإن النقاط الشائكة للغاية هي:

1- آثار اليورانيوم
تصر إيران على أنه لا يمكن إنقاذ الاتفاق النووي إلا إذا تخلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن مزاعمها بشأن أنشطة طهران النووية. وتنظر واشنطن ودول غربية أخرى إلى طلب طهران على أنه خارج نطاق إحياء الاتفاق.

وفي يونيو، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة بأغلبية ساحقة قراراً، صاغته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، ينتقد إيران لتقاعسها عن تفسير آثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في 3مواقع غير معلنة.

وردت إيران بزيادة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض من خلال تركيب سلاسل من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الأكثر كفاءة وأيضاً من خلال نزع جميع معدات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تم تركيبها بموجب اتفاق عام 2015 في خطوة وصفها رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بأنها "ضربة قاتلة" محتملة لمسألة إحياء الاتفاق.

ولم تستطع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاطلاع على البيانات التي جمعتها هذه الكاميرات، التي ما زالت مع إيران، منذ أكثر من عام.

وقال غروسي، إن أكثر من 40 كاميرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ستستمر في العمل في إطار المراقبة الأساسية في إيران التي تسبق اتفاق 2015. وتشعر الدول الغربية بقلق متزايد من اقتراب إيران من قدرتها على صنع قنبلة نووية. وتنفي إيران أي طموح من هذا القبيل.

2- الضمانات الملزمة
تسعى طهران للحصول على ضمانات بألا تتراجع "أي إدارة أمريكية" عن أي اتفاق تم إحياؤه. ولكن لا يمكن للرئيس الأمريكي جو بايدن أن يتعهد بذلك لأن الاتفاق النووي تفاهم سياسي غير ملزم وليس معاهدة ملزمة قانوناً.

وسحب دونالد ترامب الرئيس آنذاك واشنطن من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران التي وافقت في 2015 على فرض قيود على برنامجها النووي مقابل تخفيف عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

والاتفاق، الذي تم التفاوض عليه في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، لم يكن معاهدة نظراً لعدم استطاعة أوباما الديمقراطي الحصول بأي وسيلة على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي.

وقال مسؤولان إيرانيان، إن طهران اقترحت بعض الحلول مثل فرض عقوبات مالية على الشركات الغربية التي قد تنهي عقودها مع طهران إذا تخلت واشنطن عن الاتفاق مرة أخرى.

3- الحرس الثوري
تم الاتفاق بشكل أساسي في مارس على الخطوط العريضة لإحياء لاتفاق بعد محادثات استمرت 11 شهراً في فيينا. ولكن المحادثات انهارت فيما بعد، وذلك إلى حد كبير بسبب مطالبة طهران واشنطن باستبعاد الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية لمنظمات الإرهاب الخارجية ورفض واشنطن القيام بذلك.

وقال مسؤول إيراني وآخر أوروبي في يونيو (حزيران)، إنه تم استبعاد هذا الطلب من جدول المفاوضات لمنح الدبلوماسية فرصة. وقالت عدة مصادر لـ"رويترز"، إن إيران وافقت على مناقشة الأمر بمجرد إحياء اتفاق 2015، لكنها في المقابل طلبت رفع العقوبات عن بعض الوحدات الاقتصادية في الحرس الثوري.

4- العقوبات الأمريكية
في نهاية مايو، شدد الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، على ضرورة "رفع جميع العقوبات الأمريكية، ويجب إجراء التحقق في الصيغ التي تمت مناقشتها في فيينا، وبعد ذلك ستقوم إيران بإلغاء إجراءاتها التعويضية".

وبدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: إن "واشنطن لم تطرح مسألة تخفيف العقوبات عن إيران"، مؤكداً أن العقوبات خارج نطاق الاتفاق النووي غير مطروحة للنقاش.

وقال برايس، خلال إفادة صحافية، "لم نقترح تخفيف العقوبات على إيران في سياق المحادثات النووية"، مؤكداً أن "الرئيس بايدن كان واضحاً دائماً بأن العقوبات خارج نطاق الاتفاق النووي ليست محل نقاش".

وأشار المتحدث الأمريكي إلى أن إيران لديها "طريق واحد للعودة للاتفاق هو إسقاط المتطلبات غير المقبولة التي تتجاوز نطاق الاتفاق النووي"، قائلًا: "طالما اعتبرنا أن تلك المتطلبات لا مكان لها في فيينا".

ورأى أن سعي إيران وراء رفع العقوبات يتطلب منها "تغيير السلوك ووقف الأنشطة الخطيرة التي تسببت في العقوبات بالأساس".

5- أنشطة نووية

وفيما يتعلق بالبرنامج النووي، لفت موقع "إيران إنترناشيونال" إلى تقارير تحدثت عن أن إيران حاولت الحصول على الموافقة على بعض أنشطتها النووية، مثل الاحتفاظ بأماكن التخزين بدلاً من إيقاف تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة المحظورة بموجب اتفاق عام 2015، بحسب الموقع.

6 - الأسواق العالمية

كما أشار الموقع إلى أن القضايا المتبقية تتعلق بـ«الضمانات» الاقتصادية التي تسعى إيران للحصول عليها بشأن وصولها إلى الأسواق العالمية بموجب الشروط المحددة في الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، (واسمه الرسمي خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA).
إطار زمني
وأعلنت طهران ليل الاثنين، أنها قدمت "ردها خطياً على النص المقترح من الاتحاد الأوروبي"، معتبرةً أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأمريكي يتسم بالواقعية والمرونة".

وفي المقابل، أكد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن الردّ يخضع للتقويم، ورفضتا تحديد أي إطار زمني للرد على الحزمة الإيرانية.

وقال عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، النائب محمد رشيدي، لصحيفة "فرهيختغان" المتشددة، إن الفريق المفاوض النووي الإيراني "كانت لديه ملاحظات على المسودة الأوروبية - الأمريكية، وأرسل تلك الملاحظات إلى أوروبا وأمريكا".

وأضاف: "الآن ننتظر ردهم، إذا جرى رفع الإشكاليات، ويمكن التحقق من الاتفاق النووي، ورفع العقوبات والاستثمار، من المؤكد سيتوجه المفاوضون الإيرانيون باتجاه الاتفاق".

وساد ترقب في طهران بشأن الرد الأوروبي الأمريكي، على حزمة المقترحات الإيرانية التي أُرسلت الاثنين الماضي رداً على النص الأوروبي الأخير بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي

تسريبات
وفي الأثناء، نشرت قناة "إيران إنترناشيونال"، ما وصفته بأنه تسريبات لصفقة مرتقبة بين واشنطن وطهران، وزعمت المصادر الإيرانية، أمس الخميس، أن واشنطن وافقت على رفع العقوبات عن 17 مصرفاً، والإفراج عن أصول إيرانية بقيمة 7 مليارات دولار مجمدة في كوريا الجنوبية.

كما ادعت أن واشنطن وافقت على تخفيف العقوبات عن 155 مؤسسة إيرانية، والاتفاق على بيع طهران 50 مليون برميل نفط خلال 120 يوماً.
كذلك أردفت أن الصفقة المرتقبة بين واشنطن وطهران ستسفر عن تبادل السجناء، فيما ختمت أن الصفقة المرتقبة بين الجانبين ستطبق خلال 4 أشهر.

وفي المقابل، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، إن التقارير عن "تنازلات" للعودة للاتفاق النووي مع إيران خاطئة تماماً، وفق ما نقل عنها موقع "أكسيوس".

وفي إيران على مدار اليومين الماضيين، عقدت سلسلة من الاجتماعات بين رئيس فريق التفاوض وكبار المسؤولين في الحكومة، والبرلمان، ومجلس الأمن القومي الإيراني. وفي النهاية، تعود الكلمة الفصل بجميع المسائل المهمة المتعلقة بالأمن القومي للمرشد الأعلى علي خامنئي.

وأثار الرد الإيراني على المسودة الأوروبية استجابات مختلفة بين الأطراف الأخرى بالاتفاق، بينها: روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإيران.

وقال كبير المفاوضين الروس ميخائيل أوليانوف، الذي عمل عن كثب مع فريق التفاوض الإيراني، على تويتر، إنه كان هناك "فرصة كبير لعبور خط النهاية"، لافتا إلى أن القرار في أيدي واشنطن الآن.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكي نيد برايس التعليق على تفاصيل المفاوضات، أمس الأول الأربعاء، قائلاً: إنهم "يعلمون الاتحاد الأوروبي بشكل سري ومباشر بآرائهم".

الموقف الإسرائيلي
وفي السياق ذاته، كشف موقع "Axios" الأمريكي، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أرسل رسالة إلى البيت الأبيض مفادها أن مسودة الاتفاقية النووية للاتحاد الأوروبي التي تجري مناقشتها مع إيران تتجاوز الاتفاق النووي لعام 2015 ولا تتماشى مع الخطوط الحمراء لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وأضاف الموقع الأمريكي أن لابيد أبلغ السفير الأمريكي في إسرائيل تيد دويتش، أنه حان الوقت للجلوس والتحدث عما يجب القيام به في المستقبل من أجل منع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وأشار لابيد إلى أن تل أبيب ليست ملزمة بأي اتفاق نووي يبرم مع إيران، مضيفاً أنه "حان وقت الابتعاد عن الطاولة".

من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، في مؤتمر صحافي "إن واشنطن تختلف مع إسرائيل تقنياً بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وتتفق على منعها من امتلاك سلاح ذري".

وأوضح المسؤول الأمريكي أن أمريكا تدرس المقترح الأوروبي بشأن الاتفاق النووي مع إيران وقد قدمت رأيها لمفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد.

وفي اتصال هاتفي، مع المستشار الألماني أولاف شولتس، حض رئيس الوزراء الإسرائيلي على "ضرورة نقل رسالة حادة وواضحة من أوروبا مفادها عدم تقديم المزيد التنازلات للإيرانيين"، وأضاف أنه "يتعين على أوروبا أيضاً معارضة أسلوب المماطلة التي تتبعه إيران في المفاوضات".

وكرر لبيد معارضة إسرائيل إحياء الاتفاق النووي عام 2015 مع إيران برفع عقوبات عن إيران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.

وتشارك ألمانيا بشكل مباشر في المحادثات متعددة الأطراف لإحياء الاتفاق التاريخي الذي بدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين) محادثات لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021 تم تعليقها مرة أولى في يونيو (حزيران) من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر (تشرين الثاني) عُلّقت مجدداً منذ منتصف مارس (آذار) مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.