دبابة روسية أمام أحد مفاعلات محطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية (بي بي سي)
دبابة روسية أمام أحد مفاعلات محطة زابوريجيا الأوكرانية للطاقة النووية (بي بي سي)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 20:30

زابوريجيا...أكثر من مجرد محطة عند روسيا وقضية حياة أو موت لأوكرانيا

24 - بلال أبو كباش

يثير التصعيد المتنامي بسبب محطة زابوريجيا النووية الخاضعة للسيطرة الروسية مخاوف في أوكرانيا من تكرار ثان لتجربة انفجار مفاعل تشرنوبل النووي في 1986. ورغم المطالبات الدولية بالتهدئة منعاً لكارثة محتملة، إلا أن موسكو وكييف تواصلان تبادل الاتهامات بقصف المحطة الكهروذرية الأكبر في أوروبا.

من شأن إغلاق المحطة أو تحويل مسارها الكهربائي، أن يفرض ضغوطاً جديدة على الإمدادات الأوكرانية خاصة في الجنوب، فيما تتوقع البلاد بالفعل أكثر فصول الشتاء صعوبة منذ الاستقلال

منذ بداية الصراع في 24 فبراير (شباط) الماضي، وانكفاء روسيا نحو الشرق، أصبح لزابوريجيا دوراً محورياً في الصراع، وحسب الخبراء فإن أهمية المحطة نابعة من أسباب عديدة وأبرزها:

1- تعني السيطرة على محطة زابوريجيا فتح الأبواب للهيمنة على كل الجنوب الأوكراني، وفتح الطريق إلى روسيا أيضاً. لذلك كان من الطبيعي أن تشكل السيطرة على زابوريجيا صفحة مهمة في الصراع الجاري، حسب صحيفة "الشرق الأوسط".

2- تعتبر محطة زابوريجيا ذات أهمية استراتيجية لروسيا لأنها لا تبعد سوى 200 كيلومتر عن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها إليها في 2014. وللدلالة على أهمية المحطة، فرضت موسكو سيطرتها الجزئية عليها، تاركة أمر إدارتها إلى الطاقم الأوكراني. 

3- أما أوكرانيا، فتتمسك بالمحطة التي تغطي ربع حاجات أوكرانيا من الكهرباء، لأسباب لا تقل أهمية. 

4- تطمح روسيا لعزل أوكرانيا عن محيطها الأوروبي، وقطع طرق التعاون معه، وتعد السيطرة على محطة زابوريجيا من وسائل تحقيق ذلك الهدف، وبحسب سوريا جايانتي الخبيرة في سياسات أوروبا الشرقية والدبلوماسية الأمريكية السابقة التي شغلت منصب رئيس إدارة الطاقة في سفارة الولايات المتحدة في كييف بين 2018 و2020: "كل ما هناك أن أوكرانيا أرادت الانسلاخ عن الهيمنة الروسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والشبكة الكهربائية جزء من هذا الهدف". 

5- سعت أوكرانيا للالتحاق بشبكة الكهرباء الأوروبية، وأعدت خطة واضحة لتحقيق ذلك منذ 2017. لكن وحسب جايانتي، "فإن الحرب في 2022 جعلت أوكرانيا معزولة، وهو أمر بالغ الخطورة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، ويعني أنه ليس هناك مكان تستطيع أوكرانيا استيراد الكهرباء منه، لقد صارت ببساطة أشبه بطفل يتيم".

6 - يعمل المهندسون الروس على ربط محطة زابوريجيا بشبكة الكهرباء في شبه جزيرة القرم وعزلها عن المنازل الأوكرانية، وذلك بعد تدمير أحد المفاعلات الستة في المحطة بالفعل.

قوات روسية أمام بوابة محطة زابوريجيا
خطة خفية
يقول كبير مديري السياسات في مركز الحد من التسلح وعدم الانتشار، وهو منظمة غير ربحية، جون إيراث، إن روسيا تهتبر أن هذه طريقة "لرفع المخاطر لزيادة المخاوف المحلية، ولتسليط الضوء على أهمية مواصلة العملية العسكرية"، حسب صحيفة "بوليتيكو".

وقد تكون أيضاً جزءاً من استراتيجية "اللعب على المخاوف الغربية من كارثة نووية، وتقويض الإرادة الغربية لتقديم دعم عسكري إضافي لأوكرانيا"، وفقاً لتحليل من معهد دراسة الحرب نُشر الأسبوع الماضي.

أما بالنسبة لأوكرانيا، فإن الهدف هو بناء "تعاطف شعبي" حول محطة زابوريجيا التي استولت عليها روسيا في مارس (آذار) الماضي، وفقاً لإيراث.

ومن شأن إغلاق المحطة أو تحويل مسارها الكهربائي، أن يفرض ضغوطاً جديدة على الإمدادات الأوكرانية خاصة في الجنوب، فيما تتوقع البلاد بالفعل أكثر فصول الشتاء صعوبة منذ الاستقلال، وتستعد لنقص محتمل في الطاقة.

قوات روسية في ميليتوبول بزابوريجيا
سيطرة مطلقة
يبدو جلياً بعد كل تلك التطورات أن روسيا استطاعت السيطرة المطلقة على كل زابوريجيا بما فيها المحطة النووية.

وفي 9 أغسطس (آب) الجاري، أعلن مسؤول انفصالي في زابوروجيا الأوكرانية، بداية العمل بالقوانين الروسية في المقاطعة، مشيراً إلى "رسم مسار إعادة التوحيد مع روسيا".

وقال فلاديمير روغوف، إن "الشرطة المحلية تسترشد بالقوانين الجنائية والإدارية الروسية"، وفق ما نقلت وكالة نوفوستي الروسية.

كما أشار إلى أن "أراضي زابوروجيا خرجت أوكرانيا إلى الأبد، وحددت المنطقة مسار إعادة الوحدة مع روسيا ولن تكون هناك عودة إلى الوراء".

وأضاف "لذلك أنصح نظام زيلينسكي بالتعود على هذا الآن وإدراك وتحديد حدود منطقة زابوروجيا مع روسيا حصرياً".

أوكرانيون من زابوريجيا يتسلمون جوازات سفرهم الروسية
محطة سوفيتية
أنشئت المحطة بموجب قرار مجلس وزراء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بناء سلسلة من محطات الطاقة النووية في 1978، بعد أن بدأت الوحدة الأولى من محطة تشيرنوبل عملياتها.

وحصل التصميم الفني للمرحلة الأولى والذي يتكون من أربع وحدات بسعة مجمعة 4000 ميغاوات، في 1980، وانطلقت الوحدة الأولى في 1984، ثم بدأ تشغيل الوحدات الثانية والثالثة والرابعة تباعاً في 1985، و1986، و1987.

وفي الوقت نفسه، اقترحت المرحلة الثانية، التي تشمل وحدتي طاقة إضافيتين مع مفاعلات مماثلة، في 1988، وشغلت الوحدة الخامسة في 1989.