أوكرانيا (أرشيف)
أوكرانيا (أرشيف)
الأربعاء 24 أغسطس 2022 / 13:05

أوكرانيا بعد 6 أشهر.. ما ذهب وما تبقى

24 - شيماء بهلول

لا زالت الحرب الأوكرانية تتصدر المشهد العالمي بعد مرور 6 أشهر على اندلاعها، في ظل دبلوماسية وتهديدات غربية فاشلة لردع روسيا، وتغييرات استراتيجية حربية أوكرانية لإبطاء التقدم الروسي.

بلغت الخسائر المقدرة في المساكن خلال الحرب 39 مليار دولار، فضلاً عن إجمالي 104 مليارات دولار خسائر في البنية التحتية.

فقد شهدت الحرب تطورات مفاجئة كان لها تداعيات كبيرة أدت إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية، فيما اعتبرها الكثير من الأوروبيين نقطة تحول في التاريخ.



6 أشهر على الغزو
في 24 فبراير (شباط) الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب بثه التلفزيون، عن بدء "عملية عسكرية خاصة" في منطقة دونباس الأوكرانية، في وقت ناشده فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتوقف.

وسُمعت صافرات الإنذار من الغارات الجوية تدوي في أنحاء العاصمة الأوكرانية كييف، وحذر الرئيس فولوديمير زيلينسكي قائلاً "إذا حاول شخص الاستيلاء على أرضنا وحريتنا وحياتنا.. سندافع عن أنفسنا".

وبمناسبة الاحتفال بعيد استقلال أوكرانيا، وفي ظل عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للحرب، قال زيلينسكي إن "هذا يعد يوماً مهماً للأوكرانيين ولعدونا"، مطالباً الشعب باتباع قواعد السلامة والالتزام بحظر التجول "لأن الضربات الروسية ممكنة"، وأضاف أنه يعتزم تقديم جوائز للأوكرانيين الذين ساهموا في تعزيز قوة البلاد في يوم الاستقلال الذي يصادف مرور 31 عاماً على انفصال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي.

وأوضح اليوم الأربعاء في خطاب مؤثر للشعب أن "أوكرانيا ولدت من جديد مع الغزو الروسي، وإنها ستستعيد شبه جزيرة القرم والمناطق المحتلة في الشرق"، مشيراً إلى أن أوكرانيا لم تعد ترى أن نهاية الحرب ستأتي عندما يحل سلام، بل عندما تكون منتصرة حقاً.



تطورات الحرب
وكان الانفصاليون الذين تدعمهم روسيا يسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي في دونباس شرقي أوكرانيا قبل الغزو، وفي 21 فبراير(شباط) الماضي، أعلن بوتين اعترافه باستقلال منطقتين انفصاليتين هما جمهورية دونيتسك المعلنة من طرف واحد، وجمهورية لوهانسك الشعبية.

وسمحت هذه الخطوة لاحقاً لبوتين بنقل قواته إلى أوكرانيا، وسط انتقاد من أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي ودول غربية، يذكر أن روسيا قد ضمت شبه جزيرة القرم في 2014، في ظل عد اعتراف معظم الدول بهذه الخطوة.

وكانت خيرسون أول مدينة في جنوبي أوكرانيا تحتلها القوات الروسية، وبعد مرور 6 أشهر استولت القوات الروسية على معظم الأراضي في شرقي البلاد، بعد أن أجبرت على الخروج من الأراضي القريبة من كييف ومدن أوكرانية كبرى في منطقة الشمال التي سبق وأن استولت عليها في بداية الحرب.

وأتاح إجلاء القوات الأوكرانية من مصانع آزوفستال للصلب في ماريوبول في مايو(أيار) الماضي، لروسيا إنشاء جسر بري إلى شبه جزيرة القرم والسيطرة الكاملة على بحر آزوف، بما في ذلك السيطرة على الساحل الجنوبي الشرقي لأوكرانيا، وحالياً، تسيطر القوات الروسية على كل منطقة لوهانسك، وتواصل إحراز تقدم طفيف في منطقة دونيتسك، كما تتعرض مدينة خاركيف لقصف عنيف منذ شهور.



فرار نحو أوروبا
وكشف تقرير للأمم المتحدة، بأن أكثر من 6.4 مليون لاجئ من أوكرانيا هاجروا نحو القارة الأوروبية منذ بداية الغزو حتى 17 أغسطس(آب) الجاري، تحديداً إلى 10 دول هي: بريطانيا، بولندا، ألمانيا، جمهورية التشيك، إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، تركيا، مولدوفا وروسيا.

وقالت إن "نحو 12 مليون شخص فروا من البلاد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، كما غادر ما يربو على 5 ملايين شخص إلى دول مجاورة، بينما لا يزال ثمة اعتقاد في نزوح 7 ملايين شخص داخل أوكرانيا نفسها".

وأوضحت أن مئات الآلاف من اللاجئين عادوا إلى مدنهم خاصة لكييف، كما سافر بعض الأوكرانيين إلى روسيا من منطقتي لوهانسك ودونيتسك، بينما غادر العديد من اللاجئين أوكرانيا إلى بولندا أو ألمانيا المجاورة.



ضمانات دائمة
ومن جهته، قال مركز الأبحاث الأمريكي "المجلس الأطلسي": إن "الحرب شهدت عدة مفاجآت حتى الآن بعد مرور 6 أشهر على اندلاعها"، وأضاف "فشلت الدبلوماسية وأخفقت التهديدات الأمريكية فى ردع روسيا، كما أن الوجود المعزز لقوات الناتو في شرق أوروبا قبل الغزو لم يكن له تأثير، وبعد 6 أشهر لم يبق لدى الغرب سوى أن يقدم لأوكرانيا ضمانات أمنية دائمة".

وأوضح المركز أن الإدارة الأمريكية فشلت في تقديم رسالة للرأي العام بشأن ما تتعلق به هذه الحرب سوى المطالبة برفع أسعار الوقود، فيما كشفت عن تحول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من رجل استعراض إلى رجل دولة، حيث أصبح وفقاً للتقرير أشبه بتشرشل العصر الحالي، فقد بدأ الحرب برفض مغادرة كييف ومواصلة الحكم من غرب أوكرانيا أو بولندا.



تغييرات استراتيجية
ولفتت عدة تقارير إخبارية إلى التطورات المفاجئة والتغيرات الحربية التي شهدتها المعارك بين روسيا وأوكرانيا، فبدلاً من الدفاع وصد الهجمات باتت كييف تبادر بشن هجمات وإصابة أهداف عسكرية، والقيام بعمليات نوعية وتكتيكات أبطأت تقدم القوات الروسية.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن "ضرب القوات الروسية خلف خطوط العدو، وتعطيل خطوط الإمداد الحرجة، وضرب أهداف أساسية لإمكانات موسكو القتالية، عبر استغلال الأسلحة الغربية المتطورة، كل ذلك أسهم في تغيير شكل الحرب وقد يتغيّر المشهد كلياً خلال الفترة المقبلة".

واعتبرت صحيفة "الغارديان" أن هناك قلقاً لدى الغرب من الانتفاضة الأوكرانية الأخيرة في حال تفوقت كييف ميدانياً، حيث قد يلجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أسلحة نووية تكتيكية منخفضة القوة لدرء الانهيار ما ينذر بسيناريو مرعب للغربيين.

وقال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني لقناة سكاي نيوز "مع بداية الحرب ورغم توقعات الجميع بسقوط سريع للعاصمة كييف وهروب قادة الحكومة للخارج، صمدت أوكرانيا ونالت روسيا خسائر واسعة اضطرتها للتقهقر".

وحول المخاوف الغربية من رد روسي متهور، أضاف "بوتين يعرف أن الحرب هي بالأساس مع الغرب ولن يتوانى لإظهار قوة الجيش الروسي أمام شعبه"، مؤكداً على ضرورة أن يكون العالم مستعداً لإمكانية استهداف روسيا كييف بهجوم نووي.