الثلاثاء 30 أغسطس 2022 / 19:37

رسالة محمد بن زايد إلى "عيال" الإمارات: لا تتوقفوا عن طلب العلم

ليس خافياً على أحد الاهتمام الكبير الذي يوليه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، للتربية والتعليم، وذلك انطلاقاً من إيمانه الراسخ بأن التعليم فعل بناء وإعداد وتأسيس لا غنى عنه لقاطرة التنمية الأساسية، وهم الأطفال والناشئة والشباب من الجنسين الذين يتصدرون أولويات مسيرة التنمية الشاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي قاطرة تبدأ بالإنسان وتنتهي إليه. ومن هنا نرى أن الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك التعليم، باتت تحتل نحو نصف ميزانية الإنفاق الحكومي السنوي، لتصبح الإمارات خلال فترة قياسية من أوائل دول العالم إنفاقاً على التعليم بوصفه استثماراً أساسياً لحماية جميع الاستثمارات الأخرى وتطويرها.

وتأتي رسالة محمد بن زايد الصوتية إلى الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، لتؤكد هاتين الأولوية والصدارة اللتين تضعان التعليم سبيلاً للتفوق والنجاح والتفرد والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن وازدهاره، وليتحول التعليم إلى ميدان طموح وتميز، يستدعي المثابرة والاجتهاد ويلهم التجدد والابتكار.

عيالي
وإذ يختار رئيس الدولة مخاطبة الطلبة برسالة صوتية مباشرة، وليس عبر بيان مكتوب، فإن ذلك يأتي ضمن نسق وتقليد درج عليهما سموه في جميع المناسبات التي تتخذ بعداً وطنياً خاصاً، حيث يشعر أن اللحظة تستدعي هذا التواصل الحميم من القلب للقلب، تواصلاً يتخلص من الأطر الرسمية التقليدية ويفتح خطاً مباشراً مع قلوب المستمعين وعقولهم.

وفي هذا السياق نفسه يأتي اختيار سموه للفظة "عيالي" الأثيرة إلى قلبه عند مخاطبة أبناء شعبه، فهو لفظ إماراتي عربي محبب في التعبير عن الأبناء، وهو يحمل في طياته فكرة أن الإمارات عائلة واحدة و"بيت واحد" مثلما يردد سموه بفخر، وأن علاقة الحاكم بشعبه هي علاقة استثنائية، علاقة الأب بأبنائه، وفي الوقت نفسه فإنها ليست علاقة اتكالية بل إن جوهر مخاطبة الشيخ محمد للطلبة يقوم على حرصه على العمل والكفاح والتعلم المستمر سبيلاً للتفوق والنجاح.

أحلام المستقبل
يعكس الخطاب حين نحلل عناصره ومفرداته قناعة شخصية ورؤية حكيمة تضع العلم في موضعه السليم، وتعي أن العملية التعليمية  "مصانع رجال" محورها الطلبة، وأركانها التي لا غنى عنها: المعلمون والعاملون بالتعليم والمجتمع متمثلا في أولياء أمور الطلبة. لتخرج الرسالة مكتملة تخاطب الجميع وتحث على الاعتناء بالجميع.  

تستحق هذه الرسالة وقفات تأمل وتحليل، لإضاءة ما تحمل من دلالات وإشارات مهمة، ليتمكن كل في موضعه من تحويلها إلى خطط ومبادرات وبرامج عمل، ولكي تتسرب كنسغ الحياة في أنحاء نسيج المجتمع الإماراتي الحي ناقلة عصارة الفكر والرؤية فتثير مكامن الإبداع والابتكار لدى أبناء الوطن في تحقيق ما تضمنته من دعوة لإعلاء شأن العلم وتقدير لرسالة التعلم، ولمهنة التعليم ومن يضطلعون بمسؤولياتها.

إنها رسالة استثنائية من أب حان وقائد استثنائي تتجسد فيها رؤيته الاستثنائية لتطوير التعليم واستشراف المستقبل لتصبح جزءاً من أحلام عياله طلاب الإمارات؛ لذا فقد تحدث رئيس الدولة عن أحلام المستقبل، وهو يعرف إلى من يتحدث؛ إلى أطفال وناشئة لا تزال أحلامهم تتشكل في عالم سريع التغير، لقد أراد أن يوجههم إلى ما يفيد المجتمع والعالم، فأكد أهمية صقل هذه الأحلام والمهارات، وهو دور مهم ومحوري من أدوار المدرسة. 

"مسيرة العلم والمعرفة متواصلة ولا تتوقف" هكذا قال محمد بن زايد في رسالته، وأكد هذا المعنى بحديثه عن أهمية الطموح والتميز والإبداع والعزيمة وتحديد الأهداف وعدم التوقف عن المحاولة واستثمار الوقت بأشياء تفيد المجتمع. وفي يقيني أنه لا تقدم في الحياة بدون هذه الحوافز التي تحدث عنها سموه، والتي يمكن اعتبارها خارطة طريق لكل من أراد أن يشق طريقه للمستقبل، بل هي خارطة نجاح مضمون للمؤسسات والشركات والدول.

دور المعلم
لا يغيب المعلم عن فكر  محمد بن زايد، فهو يثمن دائما دوره ويقدر جهده، وقبل أسابيع وجّه برفع نسبة الراتب الخاضع للتقاعد للمواطنين العاملين في المدارس الحكومية في إمارة أبوظبي إلى 80% من الراتب الإجمالي بمبلغ يتجاوز 6.6 مليار درهم، حرصاً على تعزيز المستوى المعيشي والاستقرار المالي والأسري.

ولم يغب المعلم عن الرسالة التي خاطبته مباشرة، لتؤكد للمعلمين أن رسالتهم عظيمة وأن مسؤوليتهم كبيرة لتحقيق طموحات الوطن، هذه المسؤولية التي تختص بالتربية كما تختص بـالتعليم، لأنه لا علم بلا أخلاق، ولا يوجد مجتمع متحضر يشق طريقه نحو المستقبل دون أن يكون متسلحاً بالقيم الرفيعة إلى جانب المعرفة.

أرى طلاب الإمارات اليوم في مدارسهم، بعد أن سمعوا رسالة الشيخ محمد بن زايد المحفزة والملهمة لهم، وهم يقبلون على التعلم في نهم لبناء حاضرهم ومستقبل وطنهم، وأراهم يذهبون إلى مدارسهم للتعلم يوماً بعد يوم بثقة ويقين من يعرف أن الغد في يمينه، لأن هناك قائداً مثل الشيخ محمد بن زايد يحمل شعبه في قلبه وضميره ووجدانه ويعرف أن تقدم هذا الشعب وسعادته ورخاءه واستقراره لا يكون إلا بالعلم، ليس بوصفه مرحلة دراسية فحسب، بل مسعى دائماً يرافق الإنسان طوال حياته ويقوده نحو المستقبل الزاهر.