عناصر تابعة لتنظيم داعش خراسان الإرهابي (أرشيف)
عناصر تابعة لتنظيم داعش خراسان الإرهابي (أرشيف)
الثلاثاء 6 سبتمبر 2022 / 17:21

داعش خراسان وطالبان .. عداء مستحكم وخلاف دائم

24 - شيماء بهلول

باتت أفغانستان ساحة حرب جديدة لتنظيم داعش خراسان، الذي أصبح يمثل مصدر تهديد كبير لحركة طالبان الحاكمة.

وجدد التفجير الانتحاري الأخير قرب السفارة الروسية في كابول والذي أودى بحياة موظفين من البعثة الروسية و4 أفغان، التركيز وتسليط الضوء على حجم التهديد الذي تشكله الجماعة التابعة لتنظيم داعش على طالبان.



من هو داعش خراسان؟
تعتبر الجماعة فرع ناشط لتنظيم داعش في جنوب آسيا وآسيا الوسطى، حيث كان ناشطاً في أفغانستان وشملت منطقة عملياته باكستان، وطاجكستان والهند، إضافة إلى سريلانكا والمالديف وبنغلاديش.

بدأ داعش خراسان نشاطه في أفغانستان عام 2015؛ على يد الباكستاني حافظ سعيد خان، الذي كان قد بايع زعيم داعش آنذاك أبوبكر البغدادي عام 2014، ويقود داعش خراسان ثناء الله غفاري، الذي يعرف أيضاً بشهاب المهاجر، الذي يقال إنه موجود في شرق أفغانستان بحسب الأمم المتحدة، وتراجعت هجماته بعد عمليات مكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة في معقل التنظيم في شرق أفغانستان بين عامي 2018 و2020.

وقام التنظيم بتجنيد المنشقين عن حركة طالبان وعلى وجه الخصوص أولئك الذين كانوا ساخطين على قادتهم أو لم ينجحوا في ساحة المعركة، وتم تعزيزه في أغسطس(آب) 2015 عندما أعلنت مجموعة مقاتلين متمركزة في أفغانستان "حركة أوزباكستان الإسلامية"، مبايعتها لتنظيم داعش وصرحت أنها عضو في ولاية خراسان.

وتمكن التنظيم بحلول يونيو(حزيران) 2015 من الاستيلاء على إقليم أفغانستان للمرة الأولى، لكنه فقد السيطرة على غالبية أراضيه في ولاية ننكرهار عام 2016، وتم طرده خارج مقاطعات أتشين وشينوار بعد عملية عسكرية نفذتها قوات الأمن الأفغانية، بينما أدت الاشتباكات مع حركة طالبان إلى طرده من مقاطعات باتيكوت وشابارهار.


علاقته بطالبان
في موقع الحرة الإخباري، قال منصور الحاج، وهو كاتب يتابع شؤون الجماعات المتشددة، إن "أبرز الفروق بين طالبان من جهة وداعش والقاعدة من جهة أخرى أن طالبان حركة أصولية ينتمي أغلب أعضاؤها إلى قبائل البشتون، وتهدف إلى تطبيق الشريعة في أفغانستان، أما تنظيم داعش ولاية خراسان فهو امتداد لتنظيم داعش الذي يهدف إلى إعادة الخلافة الإسلامية إلى الوجود".

وأضاف أن "طالبان كانت وفرت المأوى لقادة تنظيم القاعدة ورفضت تسليمهم للولايات المتحدة، فيما يعتبر تنظيم القاعدة زعيم طالبان أميراً للمؤمنين ويحرصون على مبايعته وإعلان الولاء له".

ومن حيث التنظيم، أشار الحاج إلى أن طالبان تتميز بمقاتليها المتمرسين على الحروب وبقياداتها التي تحظى باحترام كبير بين المقاتلين، وكذلك بحنكة سياسية وبرغبتها القوية في تطبيق الشريعة الإسلامية في أفغانستان، وإقامة إمارة إسلامية هناك.

وأوضح أن التشابه الوحيد بين طالبان والقاعدة وداعش، أنها جميعاً جماعات جهادية تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية عبر الجهاد المسلح، وفيما تحصر طالبان نشاطها داخل أفغانستان، فإن لكل من القاعدة وداعش فروعاً في دول عدة.



عداء وخلاف
وبدوره، قال أحمد سلطان الباحث المتخصص في شؤون الحركات المسلحة لموقع الحرة "تبدو تلك الحركات للبعض بأنها متقاربة، إلا أن الحقيقة على العكس تماماً، إذ أنهم على خلاف وعداء دائم، خاصة أن طالبان لا تتعامل مع المنشقين عنها بتسامح، واتبعت مقاربة صدامية في التعامل مع هذه المجموعات وقتلت العديد من قياداتهم في مواجهات مختلفة".

وأضاف أن "بداية طالبان هي حركة دينية إثنية قومية، لا علاقة لها بالجهاد المعولم، تبقي نشاطاتها داخل نطاق أفغانستان، إذ خرجت من رحم قبائل البشتون وتحكمها علاقات قبلية، وأما داعش خراسان فهو تنظيم يمثل مجموعة جهادية مسلحة ترتبط بتنظيم مركزي في سوريا والعراق، ولديه رؤية عالمية لإقامة الخلافة في جميع أنحاء الأرض".

وحول الفوارق ما بين طالبان وداعش خراسان، أكد أنها ترتبط في أمور تنظيمية وعقائدية وغيرها من الاختلافات، فطالبان تختلف عن تنظيم داعش، بأن الأخير يتوسع في تكفير الجماعات الإسلامية الأخرى، ويعتبر حركة طالبان "حركة وطنية مرتدة"، حتى أن إحدى تبريرات تكفير داعش لطالبان تعود إلى أن الحركة قد تقاتل داعش خراسان في المستقبل، وتمنع التنظيم من إقامة دولته الإسلامية.



تصعيد إرهابي
وخلال الشهور التي تلت سيطرة طالبان على البلاد، وسع داعش خراسان نفوذه ليصل إلى جميع ولايات أفغانستان تقريباً، بحسب ما قالته بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، كما صعّد أيضاً من وتيرة هجماته حيث شن تفجيرات انتحارية، وأقام كمائن إرهابية، وارتكب عمليات اغتيال.

وتبنى التنظيم مسؤولية 224 هجوماً في أفغانستان من أغسطس(آب) 2021، 30 منها اعتبرت كبيرة، بحسب مجموعة "سايت" للاستخبارات، ومعظمها استهدف تجمعات لطالبان، وفي نهاية العام الماضي، قدم تنظيم داعش الأساسي 500 ألف دولار في شكل تمويل جديد لداعش خراسان، بحسب فريق المراقبة بالأمم المتحدة، وقدرت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2017 أن لدى تنظيم داعش في خراسان أقل من 1000 مقاتل، حيث انخفض من2500 منذ عام 2015.

وقال خبراء "لا نعتقد أن يشكل داعش خراسان تهديداً بشن حرب أوسع ضد طالبان أو حتى إسقاطها"، مشيرين إلى أن طالبان لديها عدد أكبر بكثير من المقاتلين مقارنة بتنظيم داعش خراسان.



مخاوف من تنامي النفوذ
وفي صحيفة العرب اللندنية، حذر تقرير فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع لمجلس الأمن الدولي من تنامي نفوذ داعش فرع خراسان، منوهاً إلى ما يمتلكه التنظيم من قدرات مالية وتحكمه في مبالغ هائلة من النقد تتراوح بين 25 و50 مليون دولار، بما في ذلك احتياطيات بالعملات الرقمية.

وكشف التقرير الدولي نصف السنوي المختص بتطور قدرات داعش والقاعدة، والذي تناول الفترة من يناير(كانون الثاني) إلى يونيو(حزيران) 2022، عن أن هجمات داعش تهدف إلى تقويض مصداقية قوات أمن طالبان وإظهار عجزها عن السيطرة على الحدود واجتذاب مجندين جدد من المنطقة.

وخلص التقرير إلى أن داعش لديه قدرة ميدانية وعسكرية وبشرية على تكريس سيطرته على أراض واسعة في شرق أفغانستان، وإذا حدث ذلك سيصبح من الصعب على طالبان مواجهته والحد من خطورته، ما يشكل في النهاية تهديداً للعالم كله انطلاقاً من أفغانستان.