زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس راشد الغنوشي (أرشيف)
زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس راشد الغنوشي (أرشيف)
الأحد 18 سبتمبر 2022 / 15:40

في تونس .. قيادات الإخوان الإرهابية أمام القضاء

24 - أحمد إسكندر

بدأت السلطات التونسية التعامل بجدية كبيرة مع فتح التحقيقات في ملف تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب من قبل قيادات نافذة في حركة النهضة الإخوانية في تونس وبتوجيه مباشر من زعيمها راشد الغنوشي والقيادي في الحركة ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض.

فتح التحقيقات بملف التسفير جاء بعد تطهير القضاء من سيطرة قوى سياسية لا تريد كشف الوجه الحقيقي لحركة النهضة الإخوانية

وبطبيعة الحال أنكر الغنوشي معرفته بالأسباب التي دعت الشرطة لاستدعائه للاستجواب على الرغم من نفي الحركة على حساباتها في مواقع التواصل ضلوع الغنوشي بإرسال شباب تونسي لما يعرف بـ"الجهاد" في بؤر متوترة وينشط فيها جماعة إرهابية أبرزها القاعدة وداعش.

تحقيقات
واستدعت السلطات الغنوشي في أغسطس(آب) الماضي للتحقيق بتهمة التحريض على أجهزة الأمن والإساءة لأجهزة الدولة بعد نعته الجهات الأمنية في بلاده بـ"الطاغوت" وهو متهم أيضا بقضايا أخرى، منها قضية جمعية "نماء" التنموية بشبهة "تبييض أموال"، والاعتداء على أمن الدولة، فضلا عن ملف الاغتيالات السياسية.

وكانت السلطات التونسية قد أعلنت في يونيو(حزيران) الماضي أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لـ10 أشخاص، من بينهم الغنوشي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي كما أصدر القضاء التونسي نهاية شهر يونيو(حزيران) الماضي قراراً بمنع سفر الغنوشي في إطار التحقيق في قضية الاغتيالات السياسية للمعارضين السياسيين أبرزهم شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، والتي يُتهم فيها الجهاز السري لحركة النهضة بالتخطيط والتنفيذ لإقصاء المعارضين.

وبحسب ما ذكرت إذاعة "موزاييك أف أم" أمر القضاء التونسي، بتوقيف المتحدث الرسمي السابق باسم تنظيم "أنصار الشريعة" المحظور سيف الدين الرايس، وقيادي آخر بارز من التنظيم وجاء القرار القضائي على خلفية قضية تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال خارج البلاد على غرار سوريا والعراق، وذلك خلال فترة حكم الترويكا من 2011 وحتى  2013 وهي الفترة التي شهدت صعود حكم حركة النهضة الإخوانية في البلاد.

وتتزامن هذا التطور بعد توقيف النائب البرلماني ورجل الأعمال البارز محمد فريخة المقرب من حركة النهضة الإخوانية بسبب نفس الملف، وذلك وسط اتهامات له بأن شركة الطيران التي كان يملكها "سيفاكس آيرلانز" قد تورطت في نقل التونسيين نحو مناطق النزاعات مثل سوريا وليبيا والعراق.

اعتقالات
ومنذ أيام، اعتقلت السلطات التونسية، العديد من القياديين في حركة النهضة أو المقربين منها، على خلفية شبهات بتورطهم في جرائم إرهابية ومالية تتعلق بملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، على غرار القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز الذي تم توقيفه، صباح الأربعاء، في منزله بمدينة صفاقس جنوب البلاد والقيادي في ائتلاف الكرامة والنائب السابق محمد العفاس، والنائب السابق والإمام المعزول رضا الجوادي حيث تم إطلاق سراح العفاس على ذمة القضية فيما تم التمديد في الاحتفاظ بالجوادي وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.

وأشارت صحيفة "الشروق" التونسية إلى أن أغلب الموقوفين في ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب سواء من السياسيين أو الأمنيين على علاقة من قريب أو من بعيد بحركة النهضة الإخوانية، حيث تولوا مناصب في العشرية الماضي، على غرار العبيدي الذي تولى منصب رئيس غرفة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج الدولي، أو فتحي البلدي الذي تولى منصب مستشار وزير الداخلية الأسبق علي العريض ومناصب أخرى، قبل عزله بعد اتخاذ إجراءات الخامس والعشرين من يوليو(تموز).

وأشارت مصادر تونسية إلى أن فتح الملف يعود إلى شكاية تقدمت بها النائبة السابقة فاطمة المسدي في ديسمبر(كانون الأول) 2021 لدى القضاء العسكري، للكشف عن حقيقة ملف التسفير وكانت المسدي عضواً في لجنة التحقيق في شبكات التسفير التي أعلن عنها برلمان 2014، حيث أطلعت على أغلب الوثائق والتقارير المتعلقة بالملف.

جهاز سري؟!
وترى صحيفة "الصباح" التونسية أن القضاء خلال العشرية الماضية عمل على التغطية على الملف كما هو الحال مع ملفات أخرى مثل ملف الاغتيالات السياسية والجهاز السري على الرغم من أن الملف يحوي شهادات ووثائق وتسجيلات تصب في اتجاه واحد، وهو وجود جهاز سري ساهم بالتعاون مع تنظيم إجرامي محلي ودولي في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، سواء إلى سوريا أو العراق أو ليبيا.

واستمعت لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير، في السابق، إلى عائلات الشباب التونسي المغرر به، كما استمعت إلى وزراء ومسؤولين حكوميين، وممثلين عن المنظمات الحقوقية، ولاحظت تسهيل دخول قرابة 70 داعية إلى تونس، خلال فترة تزعم حركة النهضة للمشهد السياسي، علاوة على اتهام نحو 200 جمعية بالتورط في عمليات التسفير.

ويرتبط ملف تسفير الجهاديين بأنشطة لجنة برلمانية، تم تنظيمها لسفر عدد من البرلمانيين التونسيين إلى سوريا خلال شهر مارس(أذار) من سنة 2017، لمناقشة الملف والاطلاع على خفاياه، غير أن تعطل أعمالها، علاوة على الضغوطات السياسية المتنوعة، حالا دون التوصل إلى بلورة اتهامات جدية.

ويرى مراقبون أن فتح ملف التسفير يؤكد نية السلطات، في الكشف عن ملابسات الملف الذي كان محل تجاذبات وتوافقات طيلة السنوات الماضية، وتحديداً بعد قيام الرئيس قيس سعيد بتطهير القضاء من سيطرة بعض القوى السياسية التي لا تريد كشف الوجه الحقيقي لقيادات حركة النهضة الإخوانية خلال فترة حكمها.