الأحد 25 سبتمبر 2022 / 09:26

إيران بين النووي.. والحجاب

أسعد عبود- النهار العربي

أشعل حادث وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني خلال توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" احتجاجات واسعة، هي الأكثر اتساعاً منذ احتجاجات 2019، التي اندلعت تعبيراً عن الرفض لزيادة أسعار الوقود.

الاحتجاجات الأخيرة، زادت بلا أدنى شك من الأعباء على القيادة الإيرانية، التي تتعرض لضغوط من الغرب كي تقبل بالاقتراح الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015. وعقدة التفاوض عالقة الآن وفق ما يصرح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عند مسألة منح ضمانات أميركية، في أن الرئيس الذي سيخلف جو بايدن، لن يعمد إلى تمزيق وثيقة الاتفاق على غرار ما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

ردّ واشنطن على المطلب الإيراني تكرر كثيراً على لسان المسؤولين الأميركيين، ويتلخص في أن الرئيس الحالي لا يمكنه إلزام الرئيس الذي سيخلفه بعدم الانسحاب من الاتفاق، الذي لا يرتقي إلى مستوى المعاهدة، التي تتطلب موافقة الكونغرس عليها، وهذا أمر مستحيل بالنسبة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي)، التي تلاقي معارضة قوية في مبنى الكابيتول، سواء من الديموقراطيين أو من الجمهوريين.

إذن هي عقدة دفعت بالأوروبيين إلى إبداء التشاؤم حيال فرص التوقيع على اتفاق في فيينا في المستقبل القريب، بعدما كان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، قد أبدى الشهر الماضي تفاؤلاً قوياً في إمكان التوصل إلى اتفاق "في أيام".

ولا يستطيع بايدن المخاطرة بالمضي في توقيع الاتفاق في ظل الشرط الإيراني، وهو على أعتاب الانتخابات النصفية التي ليس مضموناً أن يفوز بها الحزب الديموقراطي وإن كان تحسناً طرأ على شعبيته، بفعل قرار المحكمة العليا الفدرالية بحظر الإجهاض. هذا القرار جعل جميع الأميركيين المؤيدين لحرية المرأة في اختيار القرار بالإجهاض أم لا، يلتقون موضوعياً مع موقف الحزب الديموقراطي. وبعث الناخبون برسالة تحذير إلى الجمهوريين من طريق الهزيمة التي لحقت بالمرشحة الجمهورية في الانتخابات الفرعية إلى مجلس النواب في ولاية آلاسكا سارة بايلين الشهر الماضي، لمصلحة مرشحة الحزب الديموقراطي ماري بلتولا. وكانت هذه المرة الأولى التي يخسر فيها مرشح جمهوري الانتخابات في الولاية لمصلحة مرشح ديموقراطي منذ خمسين عاماً.

وعلى رغم الواقع الانتخابي في الولايات المتحدة، فإن بايدن لا يبدو أنه في طريقه إلى الانسحاب من المفاوضات النووية، وهو كرر في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، أن "الدبلوماسية هي السبيل الأفضل" لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني.

وإيران بدورها، على رغم المنحى المتشدد لقيادتها، لا تبدو هي الأخرى عازمة على الانسحاب من المفاوضات النووية. لكن لا يمكنها أن تنكر أنها لم تكن تتحسب للاحتجاجات التي تفجرت ضد ممارسات "شرطة الأخلاق" وسقوط قتلى في أنحاء مختلفة من البلاد، في مرحلة حساسة جداً.

والسؤال المطروح بقوة الآن، هل تؤثر الاحتجاجات في تليين موقف طهران في المفاوضات، ويحملها على تقديم تنازل أساسي، يمكن أن يفضي إلى القبول بالاقتراح الأوروبي؟

لا شيء مستبعد في ظل ظروف دولية متأججة من الحرب الروسية - الأوكرانية وتصاعد التهديدات الروسية باللجوء إلى الأسلحة النووية، لمواجهة ما باتت موسكو تراه تدخلاً غربياً في الحرب لمصلحة كييف. كما أن التوترات الأميركية - الصينية حول تايوان، لا تزال تزداد.

والوضع بين أرمينيا وأذربيجان متفجر، وكذلك هو الحال في آسيا الوسطى بين طاجيكستان وقيرغيزستان. ويضاف إلى ذلك أزمتا الغذاء والطاقة وتحسّب أوروبا لشتاء صعب.

وإذا اقتربنا من الشرق الأوسط، لا تزال هدنة اليمن هشة، والعراق في نفق سياسي مظلم، لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيؤول إليه في صراعات داخلية، وسوريا تسويتها بعيدة، ولبنان يغرق أكثر فأكثر في لجة الانهيار.

وكل هذه المناخات لا بد أن تأخذها القيادة الإيرانية في الاعتبار، عندما تجري جردة لحسابات الربح والخسارة، في حال تم إحياء الاتفاق النووي من عدمه.