جنود روس (أرشيف)
جنود روس (أرشيف)
الأربعاء 28 سبتمبر 2022 / 13:41

نيويورك تايمز: بعد قرار "التعبئة"...الروس مرعوبون

يسعى الروس إلى تجنب التجنيد القسري بشتى الطرق، بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية في الأسبوع الماضي، وهو ما ألقت عليه الضوء صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير يكشف معاناة الروس من هذا القرار.

وكتب إيليا كراسيلشيك مدير موقع Helpdesk.media الإلكتروني الذي يقدم المشورة والدعم للمتضررين من قرارات الحكومة الروسية، أن الموقع "يستقبل عشرات آلاف الرسائل التي تعبر عن الغضب والحزن والهزيمة واليأس، من تصرفات الحكومة وقراراتها".

"كيف يمكنني الهروب؟"
وتقول رسالة منها: "مرحباً، زوجتي حامل، وعلي رهن عقاري. زوجتي مذعورة، ولا أملك مالاً للسفر إلى الخارج. كيف يمكنني الهروب؟". كاتب الرسالة جند في الحرب في أوكرانيا، بعد إكمال خدمته العسكرية الإلزامية منذ 7 أعوام، حسب التقرير.

وتابع كراسيلشيك "الحقيقة هي أنهم ربما لا يستطيعون الهروب، ففي حين قدم قرار التجنيد على أنه إجراء محدود يؤثر فقط على الذين خدموا سابقاً في الجيش، إلا أنه من الناحية العملية، يسمح للحكومة بتجنيد أكبر عدد ممكن، كما تريد".

وقال الكاتب إن "العدد الأولي للجنود، 300 ألفاً، أقل بكثير من العدد المطلوب"، لافتاً إلى أن الروس "وقعوا في كارثة أمام نظام وحشي عازم على الحرب والعزلة الدولية.. إنهم مرعوبون".

مصير كارثي
وأشار كراسيلشيك إلى أن "من الواضح أن المستوى الفعلي لدعم الحكومة لشعبها أقل بكثير من المستوى الذي أعلنته وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين"، ويرى الكاتب أن "هناك عدداً قليلاً جداً من المتحمسين للحرب. أما المواطنين العاديين الذين يرغبون في الهروب من هذا المصير الكارثي، فلا يملكون خيارات كثيرة".

وذكر أن "البعض ذهب إلى بيلاروسيا، لكن السلطات البيلاروسية، المتواطئة مع بوتين، تشكل تهديداً آخر.إذا لم يكن بيلاروسيا، أين؟ قبل أيام فقط من بداية التعبئة، فرضت لاتفيا، وليتوانيا، وإستونيا، وبولندا حظراً على دخول جميع الروس تقريباً. وفي الأسبوع الماضي، أعلنت دول البلطيق أن القرار لن يتغير، على الأقل في الوقت الحالي".

حدود مغلقة
وحسب التقرير فإن "الحدود التي يبلغ طولها ألف ميل مع أوكرانيا مغلقة، بينما لا تزال السلطات الفنلندية تسمح للروس بالدخول، لكن المسافر يحتاج إلى جواز سفر وتأشيرة شنغن، وهو أمر يحمله مليون روسي فقط".

وأردف قائلاً: "أما فنلندا، فتخطط لإغلاق الحدود أيضاً، بينما لا يزال الخيار مفتوحاً في جورجيا، قوائم الانتظار الطويلة ويمنع الناس أحياناً من الدخول دون سبب واضح. هناك وجهات بعيدة مثل النرويج، وكازاخستان، وأذربيجان، ومنغوليا، لكن للوصول إلى أي منها سيراً على الأقدام، أو بالدراجة، أو السيارة، مهمة شاقة دون ضمان النجاح".

وحسب تقرير "نيويورك تايمز"، بيعت تذاكر الطائرات إلى الوجهات القليلة التي لا تزال متاحة للروس، بعد إغلاق الجزء الأكبر من المجال الجوي الأوروبي في فبراير(شباط) الماضي، تقريباً. لكن ما هي الأسعار؟ إنها خيالية.

الروس منبوذون
وقال الكاتب إن "تذكرة السفر إلى كازاخستان المجاورة تكلف 20 ألف دولار، أما أرمينيا فنفدت تذاكرها، في حين أن جورجيا التي اعتادت استقبال رحلات جوية يومية مباشرة إلى تبليسي قبل الصراع في 2008، لا يمكن السفر إليها أيضاً".

ولفت كراسيلشيك إلى أن "الحقيقة المروعة هي أن الروس أصبحوا منبوذين، إذ فرضت العديد من الدول بالفعل قيوداً على إقامتهم، وبالتأكيد لا أحد ينتظر الترحيب بالروس الفارين، وليس واضحاً إلى متى ستسمح السلطات الروسية للناس بمغادرة البلاد".

وأصدرت بعض السلطات العسكرية الإقليمية بالفعل أوامر تمنع الرجال الخاضعين للتعبئة، أي جميع الرجال تقريباً، من مغادرة بلداتهم ومدنهم.

اعتقالات
وفي أعقاب هذا القرار، وفي الليلة الأولى بعد الإعلان "اعتقلت الشرطة الروسية أكثر من ألف متظاهر في أكثر من 30 مدينة في جميع أنحاء البلاد. وتعرض بعض المتظاهرين للضرب المبرح".

ويرى كراسيلشيك أنه "بالنسبة للإطاحة ببوتين، فإن المسألة معقدة، إذ أن السياسي المعارض الرئيسي ألكسي نافالني، خلف القضبان، والاحتجاجات محظورة فعلياً، وحتى التصريحات المعتدلة المناهضة للحرب يمكن أن تؤدي إلى سجن الروس بعقوبة شديدة".

واعترف كراسيلشيك بأنه واجه اتهامات جنائية لكتابته على إنستغرام عن تحمل الجيش الروسي مسؤولية المجزرة في بوتشا بأوكرانيا، واختتم الكاتب الروسي مقاله بالقول: "قد تكون عقوبة الإعدام محظورة في روسيا. لكن قرار بوتين هذا أشبه بالإعدام، وسيدفع الكثير من الناس حياتهم ثمناً له".