جندي أوكراني في غابة (أرشيف)
جندي أوكراني في غابة (أرشيف)
الأربعاء 28 سبتمبر 2022 / 17:12

نيويورك تايمز: الحرب بين روسيا وأوكرانيا تفاقم أزمة المناخ

تساءل الصحافي والمحلل توماس إل فريدمان في تحليل بصحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على الكوكب، لافتاً إلى أن هذه الحرب "غير المبررة" حولت أنظار العالم واهتمامه عن أزمة المناخ المتفاقمة.

واعتبر فريدمان أن "هجوم روسيا على أوكرانيا هو الحرب العالمية الأولى الحقيقية، إذ يمكن الآن لثلثي سكان الكوكب مشاهدة أحداثها وتطوراتها على هواتفهم الذكية، وقد تأثر الجميع تقريباً أو سيتأثر بهذه الحرب اقتصادياً وجيوسياسياً وربما الأهم بيئياً".

السكان الأصليين
وأشار إلى أن "أفضل طريقة لتقدير ذلك هي التحدث إلى الذين يعيشون في بعض النظم البيئية النائية في العالم، مثل مجتمعات السكان الأصليين في أعماق العالم، وتحمي الغابات المتبقية فيه، لا سيما الغابات الضخمة الخالية من الطرق، وخطوط الكهرباء، والمناجم، والمدن، والزراعة الصناعية".

وأضاف "هذه الغابات السليمة هي نظام دعم الحياة في العالم، حيث تخرج مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتولد الأكسجين، وتصفي المياه العذبة للشرب، وتعزز عموماً مرونتنا ضد ضغوط تغير المناخ".

وأوضح فريدمان أن "هذه الغابات وسكانها الأصليين كانوا بالفعل تحت ضغط القوى الاقتصادية العالمية، لكن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أحدثت سلسلة من الآثار السلبية".

وأوضح قائلاً: "روسيا، واحدة من أكبر منتجي الأسمدة في العالم، وهي أكبر مصدر للنفط إلى الأسواق العالمية، وعادة ما يصدر أكثر من ربع القمح في العالم من قبل روسيا وأوكرانيا، ما يوفر الخبز للمليارات، وكذلك الشعير وزيت عباد الشمس والذرة".

ضغوط على الغابات
وذكر أنه "بسبب الحرب والعقوبات المفروضة على روسيا، ارتفعت أسعار هذه السلع، ما زاد الضغوط في جميع أنحاء الكوكب لتجريد المزيد من الغابات السليمة للتنقيب عن النفط، وزراعة المحاصيل للأعمال التجارية الزراعية وخلق الأراضي لرعي الماشية".

ونقل فريدمان عن إحصاءات لمنظمة "نيا تيرو" غير الربحية التي تدعم الشعوب الأصلية، أن أراضي السكان الأصليين تشمل أكثر من ثلث غابات الأرض السليمة، وأجزاء مماثلة من النظم البيئية الحيوية الأخرى، ما يحمي حصة كبيرة من التنوع البيولوجي في العالم.

وقال: "لسوء الحظ، كلما دمرنا هذه الغابات وأراضي الخث وأشجار المانغروف، أصبح من غير المرجح أن نقترب من هدف اتفاقية باريس للمناخ للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة".

العرض والطلب
ونقل الكاتب عن جون ريد، كبير الاقتصاديين في نيا تيرو "أصبحت صدمات العرض من أوكرانيا وروسيا صدمات الطلب في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الغابات السليمة، لأن الغابات السليمة كلها موردة محتملة كبيرة للسلع الزراعية، والذهب، والنفط، والغاز، والخشب".

هندو عمارو إبراهيم، زعيم شعب مبورورو الرعوي في تشاد، قال لفريدمان: "من السيئ بما فيه الكفاية أن بحيرة تشاد فقدت حوالي 90% من مياهها، لا يفهم الناس كيف يمكن أن تشع صدمات الحرب في أوكرانيا بعيداً بما يكفي لتضرب حتى تشاد غير الساحلية في جنوب الصحراء الكبرى".

أفريقيا في الواجهة
وأضاف إبراهيم "عندما بدأت الحرب، طُلب من الدول الأفريقية اختيار جانب. وكل ما كنا نفكر فيه هو أننا في حاجة إلى الطعام، أصبحت هذه الحرب مشكلة لنا جميعاً".

ثم هناك أوكرانيا نفسها، ويوضح فريدمان أنها "قبل الحرب كانت تملك غابات شاسعة لم يمسها التأثير البشري، وفقاً للصندوق العالمي للطبيعة. لكن منذ الغزو، دمر النشاط العسكري الروسي 900 منطقة طبيعية محمية، وما يقدر بنحو 1.2 مليون هكتار، أو حوالي 30%من المناطق المحمية في أوكرانيا".

علاوة على ذلك، شكلت روسيا، وبيلاروسيا، وأوكرانيا ربع تجارة الأخشاب حول العالم في العام الماضي، وبسبب الحرب والعقوبات على موسكو، تضاعف الدول الأخرى المنتجة للأخشاب والمصدرة لها، لتعويض النقص بخفيف الحماية البيئية، حسب التقرير.

مخاوف أوكرانية
ونقل فريدمان عن تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز"أنه "بعد فترة وجيزة من غزو فبراير(شباط)، رفعت كييف لائحة تحظر قطع الأشجار في الغابات المحمية في الربيع وأوائل الصيف للمساعدة في جمع الأموال للحرب، لكن الجماعات البيئية تخشى أن يؤدي القرار إلى خسائر واسعة في المناطق التي ينتشر فيها بالفعل قطع الأشجار غير القانوني، وسوء إدارة الغابات".

واختتم الكاتب تقريره بالقول: "هذا هو السبب في أن حرب بوتين ليست مجرد جريمة ضد أوكرانيا والإنسانية، بل هي أيضاً جريمة ضد المنزل الذي نتشاركه جميعاً، كوكب الأرض".