الأربعاء 28 سبتمبر 2022 / 22:27

تكتيكات جيمس بوند.. مرحلة جديدة في حرب الطاقة

24. إعداد: الحسن معاوية

هل عادت الحرب الباردة بكل تكتيكاتها السرية منها والمعلنة؟ أم أن هذا السؤال لم يعد في حكم المطروح مع تلاحق الأحداث وردات الفعل المتشنجة بين دول الناتو بقيادة أمريكا وبريطانيا، من جهة، وروسيا وريثة الاتحاد السوفياتي من جهة.

في يوم واحد تعرض خطا أنابيب نقل الغاز الطبيعي بين روسيا أوروبا نورد ستريم 1 ونورد ستريم2 لثلاثة حوادث تسريب كبيرة في ثلاثة أماكن منفصلة. لذلك تقفز كلمة "التخريب المتعمد" إلى الذهن بصورة تلقائية. وتجلب معها شبح "العميل السري 007" المعروف بـ"جيمس بوند"، صاحب المهمات السرية المدمرة ضد "الاتحاد السوفياتي"، السابق وما يصاحبها من  أعمال تخريبية لما كان يعرف بالـ"كي جي بي".

ويرى المحلل الاقتصادي خافيير بلاس، في تصريحات نشرتها ولكالة "بومبيرغ" أن الحادث يمكن أن يكون رسالة تحذير روسية موجهة للغرب باستعداد موسكو لفتح جبهة جديدة للمواجهة متمثلة في تخريب البنية التحتية لشبكة إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا الغربية.
ولهذا حذر الاتحاد الأوروبي الأربعاء من أي هجوم على منشآت الطاقة التابعة له في بيان صادر عن مسؤول السياسة الخارجية جوزيف بوريل، الذي أكد: "أي عبث متعمد بمنشآت الطاقة الأوروبية غير مقبول بتاتا وسيقابل برد قوي وموحد". كما شدد بوريل على أن "كل المعلومات المتوافرة تشير إلى أن تسرب الغاز (الحاصل في خطي الأنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 في بحر البلطيق) ناجم عن عمل متعمد
لكن محللين آخرين يسيرون في اتجاه آخر معتبرين أن العمل جاء بتخطيط وتنفيذ من دول حلف الناتو نفسه مذكرين بوعد قطعه الرئيس الأمريكي على نفسه قبل حرب أوكرانيا، متعهدا بـ"وضع حد لخط الأنابيب".
وكان بايدن تعهد حينها خلال مؤتمر صحفي جمعه بالمستشار الألماني أولاف شولتز في واشنطن: "بوضع حد" لخط أنابيب نورد ستريم 2 الذي تستخدمه روسيا لنقل الغاز إلى أوروبا عبر ألمانيا، إذا تم غزو أوكرانيا. لكن بايدن لم يوضح طريقة تعطيل هذا الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق. وقال في رده عن سؤال لأحد الصحافيين: "نحن سوف.. أعدك.. سوف نكون قادرين على القيام بذلك".
ويقفز سؤال إلى الذهن من المستفيد مما حدث؟ هناك كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي يقولون إن الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد "بالقضاء" على الخط، ونظرية المؤامرة ترى دائما يد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في كل شيء.
لكن العديد من الخبراء يرى أن المستفيد الأوضح من توقف خطي نورد ستريم هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وحذرت المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" منذ أشهر الأوروبيين من هجوم محتمل ضد خطي نورد ستريم، حسب ما قالت جريدة نيويورك تايمز وأيضا مجلة دير شبيغل.

ووفقاً للمصدر، فإن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أصدرت تحذيراً غير محدد في يونيو(حزيران) لعدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، حيال هجمات محتملة ضد خطي أنابيب الغاز نورد ستريم اللذين يضخان الغاز الطبيعي من روسيا، وفق ما ذكر ثلاثة مسؤولين كبار على دراية بالمخابرات". وذكرت مجلة "دير شبيغل" بحسب مصدر من الدوائر الأمنية الألمانية أن "السي آي إيه" سبق حذرت ألمانيا في الصيف من هجوم مماثل تحديداً. فهل لم تأخذ المستشارية هذه التحذيرات على محمل الجد. وتضيف المجلة: كعادتها، لم تشأ الحكومة الفدرالية التعليق على كل ما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية".

وخلف الأبواب المغلقة يتحث المسؤولون في صناعة الطاقة الأوروبية عن مخاوفهم من ألا تقتصر مخاطر القطاع خلال الشتاء المقبل على نقص الإمدادات وإنما قد تشمل التعرض لهجمات إلكترونية وعمليات تخريب تستهدف شبكات توزيع الطاقة.

وعلى مدى شهور يبحث مسؤولو الحكومات والشركات هذه المخاطر في جلسات مغلقة. لكن يبدو الآن أن تلك الجلسات أصبحت حديثاً مجتراً "بعد خراب نورد ستريم".