المعارض الروسي أليكس نافالني خلال جلسة محاكمته (أرشيف)
المعارض الروسي أليكس نافالني خلال جلسة محاكمته (أرشيف)
الجمعة 30 سبتمبر 2022 / 23:41

نافالني: هذا ما يجب أن تبدو عليه روسيا بعد بوتين

من قلب المستعمرة العقابية شديدة الحراسة التي يقبع بها زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني لقضاء عقوبة بالسجن مدتها 9 سنوات، نقل فريقه القانوني مقالاً كتبه نافالني إلى صحيفة "واشنطن بوست" يتحدث فيه عن "كيف تبدو النهاية المرغوبة والواقعية للحرب الإجرامية التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا؟".

يقول نافالني إن الغرب يعلم أن ما يفعله بوتين في كييف هو تكتيك استراتيجي، إلا أن مشكلة التكتيكات "تكمن ليس فقط في غموض الهدف، ولكن في حقيقة تجاهل السؤال: كيف تبدو روسيا بعد تحقيق الأهداف التكتيكية؟ حتى لو تحقق النجاح، فأين الضمان بأن العالم لن يجد نفسه في مواجهة نظام أكثر عدوانية؟".

انتصار استراتيجي
وأضاف "من السهل التنبؤ بأنه حتى في حالة الهزيمة العسكرية المؤلمة، ستبقى في ذهن بوتين أنه خسر ليس أمام أوكرانيا، ولكن أمام الغرب وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي أطلق عدوانه لتدمير روسيا".

وشدد نافالني على ضرورة أن "تتوقف روسيا عن التحريض على العدوان وعدم الاستقرار، وهذا ما يجب اعتباره انتصاراً استراتيجياً في هذه الحرب"، مشيراً إلى العديد من الأشياء المهمة التي تحدث لروسيا والتي يجب فهمها.

هاجس أوكرانيا
وأوضح زعيم المعارضة الروسية قائلاً: "أولاً، الغيرة على أوكرانيا ونجاحاتها المحتملة هي سمة فطرية لقوة ما بعد الاتحاد السوفيتي في روسيا، كما كانت سمة أول بوريس يلتسين رئيس روسي. لكن منذ بداية حكم بوتين، وخاصة بعد الثورة البرتقالية التي بدأت في عام 2004، أصبحت كراهية الاختيار الأوروبي لأوكرانيا، والرغبة في تحويلها إلى دولة فاشلة، هاجساً دائماً ليس فقط لبوتين ولكن أيضاً لجميع السياسيين من جيله".

وأضاف "السيطرة على أوكرانيا هي أهم مادة ملموسة لجميع الروس ذوي الآراء الإمبراطورية، من المسؤولين إلى الناس العاديين، لأنها إلى جانب روسيا جنباً سترقى إلى مستوى الولايات المتحدة. ثانياً، يستخدم بوتين الحرب كوسيلة مذهلة لحل جميع المشاكل، وهي ليست فلسفة جديدة".

حلول بوتين
وأشار إلى أنه "منذ الحرب الشيشانية الثانية، التي جعلت بوتين غير المعروف أكثر السياسيين شعبية في البلاد، إلى الحرب في جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم، والحرب في دونباس، والحرب في سوريا، تعلمت النخبة الروسية على مدار الـ 23 عاماً الماضية قواعد لم تفشل أبداً: الحرب ليست باهظة، بل إنها تحل جميع المشاكل السياسية المحلية".

وتابع "ثالثاً، الآمال في أن يؤدي استبدال بوتين بعضو آخر من نخبته إلى تغيير جذري في وجهة النظر هذه بشأن الحرب، وخاصة الحرب على إرث الولايات المتحدة، ما هي إلا آمال ساذجة على أقل تقدير".

رابعاً، الخبر السار هو أن "الهوس المتعطش للدماء بأوكرانيا ليس منتشراً على الإطلاق خارج نخب السلطة، بغض النظر عما قد يقوله علماء الاجتماع الموالون للحكومة"، بحسب نافالني.

مشاكل داخلية
وقال نافالني إن "الدعاية وغسل الدماغ لهما تأثير كبير. ومع ذلك، يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن غالبية سكان المدن الكبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ، وكذلك الناخبين الشباب، ينتقدون الحرب والهستيريا الإمبراطورية، إذ يتردد صدى رعب معاناة الأوكرانيين والقتل الوحشي للأبرياء في نفوس هؤلاء الناخبين".

وأشار إلى أنه "في محاولة لحل مشاكله الداخلية، بدأ بوتين الحرب ضد أوكرانيا، لكن حزب الحرب الحقيقي هو النخبة بأكملها ونظام السلطة نفسه، وهو استبداد روسي يتكاثر إلى ما لا نهاية، هذا الاستبداد الإمبراطوري الذي تم إنشاؤه ذاتياً هو اللعنة الحقيقية لروسيا وقضية كل مشاكلها، لا يمكننا التخلص منه، على الرغم من الفرص التي يوفرها التاريخ بانتظام".

روسيا جديدة
وذكر نافالني في مقاله أن "النموذج المستقبلي لروسيا ليس القوة القادرة واليد الراسخة، ولكن الانسجام والاتفاق والنظر في مصالح المجتمع بأسره. روسيا بحاجة إلى جمهورية برلمانية، هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف الحلقة التي لا نهاية لها من الاستبداد الإمبراطوري".

يعتقد نافالني أن "هذا العلاج يوفر مزايا حاسمة وهي: تقليص جذري للسلطة في أيدي شخص واحد، وتشكيل حكومة بأغلبية برلمانية، ونظام قضائي مستقل، وزيادة كبيرة في سلطات السلطات المحلية، لم تكن مثل هذه المؤسسات موجودة في روسيا قط، ونحن في حاجة ماسة إليها".

واختتم نافالني مقاله في رسالة إلى الغرب قائلاً: "بينما أثني على القادة الأوروبيين لنجاحهم المستمر في دعم أوكرانيا، أحثهم على عدم إغفال الأسباب الأساسية للحرب، وهي تهديد السلام والاستقرار في أوروبا"، مشيراً إلى أنه الحل يكمن في "إنشاء جمهورية برلمانية لتكون الخطوة الأولى نحو تحويل روسيا إلى جار جيد يساعد في حل المشاكل بدلاً من خلقها".