الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني تشي جي بينغ (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني تشي جي بينغ (أرشيف)
الإثنين 3 أكتوبر 2022 / 10:17

منعطفٌ كبير في حرب أوكرانيا

باسكال بونيفاس- الاتحاد

يوم 21 سبتمبر الماضي، ألقى فلاديمير بوتين خطاباً شرساً للغاية، لوّح فيه بالسلاح النووي ودعا إلى تعبئة جزئية للشعب الروسي من أجل التصدي للهجوم الأوكراني. يأتي هذا بعد أن حقّق الجيش الأوكراني تقدماً مهماً خلال الآونة الأخيرة في إقليم دونباس وبات الجيش الروسي في وضع سيئ.

القرار الأخير القاضي باللجوء إلى التعبئة الجزئية للشعب يمثّل منعطفاً في النزاع وبالنسبة لروسيا. ذلك أنه إذا كان الروس حتى الآن قد استطاعوا متابعة الحرب من بعيد، فإنهم باتوا الآن معنيين بها ومنخرطين فيها بشكل مباشر. وبالطبع، فإن الـ300 ألف شخص القابلين للتعبئة لا يتهافتون على التسجيل. أوكرانيا باتت أكثر معارضة لروسيا من أي وقت مضى وأمله في السيطرة عليها بات ميتا، وحلف «الناتو» صار موحداً ومتماسكاً، والوجود الأميركي في أوروبا بات أقوى من أي وقت مضى. ولئن كانت سياسة العقوبات الغربية لا تشمل تغييراً لسياسة نظام بوتين، فإنه يمكن أن تكون لها عواقب على مستقبله على المدى الطويل.

والواقع أنه كان واضحاً منذ وقت طويل أن العدد المهم للقتلى على الجانب الروسي سيؤثّر على شعبية «العملية الخاصة» – كان هذا هو واقع الحال في الاتحاد السوفييتي إبان التدخل العسكري في أفغانستان، والذي أسفر عن مقتل 15 ألف قتيل في ظرف 10 سنوات، عدد ربما تم الوصول إليه بعد 7 أشهر فقط من الحرب في أوكرانيا.

غير أن الاحتجاجات قد تتسع في البلاد إذا كان القتلى ليسوا عسكريين مجندين أو متطوعين. الشخص الذي عرف كيف يصنع لنفسه صورةَ رجلٍ يمتلك كل الأوراق ليحكم بلاده ويعزِّز قوتها على الساحة الدولية بات يرى الوضع يتغير، وإزاء هذا الوضع، ينبغي أن يكون الغربيون قادرين على الرد بشكل صحيح.
والأكيد أن السعي إلى هزم روسيا ليس الحل الجيد، ولا الخطاب الجيد – وإنْ كانت بعض بلدان أوروبا الشرقية تدفع في هذا الاتجاه. وعلى العكس من ذلك، ينطوي هذا الأمر على خطر تقوية الروابط مع الشعب. وفي هذا السياق، فإن قطع العلاقات الثقافية مع روسيا يمثّل خطأ نظراً لأنها تسمح بالإبقاء على تواصل مع الشعب الروسي، والأمر نفسه ينطبق على القرار الأوروبي القاضي بتقييد التأشيرات الممنوحة للروس.

إن الرسالة التي ينبغي على الغربيين أن يبعثوا بها هي رسالة معارضتهم لبوتين ونظامه، وليس لروسيا وشعبها. وعليه، فإن المعارضة الصريحة والمباشرة لكل ما هو روسي قد تمثّل رد فعل عاطفياً يمكن تفهمه، ولكنها قطعاً لا تمثّل سياسة عقلانية لمواجهة نظام من الأنظمة.