إيرانيون يتظاهرون احتجاجاً على مقتل مهسا أميني.(تويتر)
إيرانيون يتظاهرون احتجاجاً على مقتل مهسا أميني.(تويتر)
الإثنين 3 أكتوبر 2022 / 14:20

إيكونوميست: النظام الإيراني المنهك يعيش على الوقت المستقطع

أكثر المشاهد شاعرية هي أحياناً أكثرها قوة. بهذه الجملة، تستهل مجلة "إيكونوميست" تحليلها للاحتجاجات الإيرانية وما رافقها من مشاهد رمزية بالغة التأثير.

قد يأتي التغيير الحقيقي من داخل صفوف رجال الدين الساخطين لكن هذا السيناريو فشل في كثير من الأحيان بالتمظهر

ترقص شابة أمام النار ثم ترمي حجابها فيه. تسير سيدة متقدمة في السن وحيدة في الشارع كاشفة شعرها الأبيض وتلوح بحجابها على أنغام كلمات "الموت لخامنئي!" انتشرت أفعال التمرد على المرشد الإيراني الأعلى ونظامه في عشرات المدن الإيرانية بعد قتل شابة أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم تغطية كامل شعرها.

تمثل هذه الأفعال أكثر التهديدات خطورة على الحكم الديكتاتوري لآيات الله طوال سنوات. ثار الإيرانيون مرات عدة ضد نظامهم خلال الأعوام العشرة الماضية قبل أن تتبدد التظاهرات الضخمة بفعل منهجية قمع مارسها النظام بشكل جيد. فهل تكون هذه المرة مختلفة؟

الشيء المؤكد
تجيب المجلة بأنه يستحيل توقع ما سيحدث بما أن إيران مغلقة أمام الإعلام العالمي. الغضب بالتأكيد أكثر انتشاراً من قبل. لقد جذبت التظاهرات الشباب والكبار من جميع أنحاء البلاد بمن فيهم الأكراد والأقليات الأخرى. لغاية اليوم، أظهرت النساء الشجاعة الأكثر إثارة للحماسة. لكن إذا أظهر رجال إيران الشجاعة نفسها، فإن إزالة نظام بغيض، بالرغم من أنه غير مرجح في المدى القريب، قد لا يعود مستحيلاً. الدور النسائي المهيمن في التظاهرات جديد. الفرق الآخر هو أن المطالب أكثر تشدداً. الشبان المتصلون بنظرائهم في أماكن أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون بالغضب أكثر من أي مضى تحت حكم رجال الدين ذوي اللحى الرمادية.

النظام يتحمل مسؤولية الفقر
منذ سنة 2012، أصبح دخل الفرد راكداً مما ترك جحافل من الإيرانيين في حال من العوز. ارتفع التضخم وعانت البيئة بشكل واضح. جفت الأنهار والأراضي الزراعية عطشى. بالنسبة إلى العديد من الإيرانيين، إن السبيل الوحيد إلى حياة كريمة هو الهجرة. والنظام أكثر فساداً من قبل. هو حريص على تحميل الأجانب المسؤولية عن علل إيران. بالتأكيد، عمقت العقوبات الأمريكية المصاعب الاقتصادية لكن المسؤول الأساسي عن فقر الناس هو النظام نفسه.

إيران معزولة
في ظل الثيوقراطية الفاسدة، يسيطر العسكر وآيات الله على مساحات واسعة من الاقتصاد وقد بدت سياسات هؤلاء، حتى في ظل أفضل الأوقات، مصممة على إخافة المستثمرين الأجانب. يسيطر المتشددون على البرلمان الإيراني. والسياسيون الإصلاحيون، وهو توصيف نسبي، منع معظمهم من الترشح إلى الانتخابات. علاوة على ذلك، وبعد عقود من السياسة الخارجية العدوانية، إيران معزولة. هي تدعم ميليشيات في العراق ولبنان وتهدد دول الخليج. كما تواصل خططاً نووية ترعب إسرائيل وتوتر المنطقة. والجهود الحديثة لإحياء الاتفاق النووي المدعوم أممياً والذي حد من برنامج إيران النووي محكومة بالفشل.

سياسة غير حكيمة
بينما تستمر التظاهرات، سيكون من غير الحكمة أن يعيد الرئيس جو بايدن التواصل مع النظام وإلا فسيخاطر بالظهور كرئيس يوفر شريان حياة لآيات الله. ورأت المجلة أن الغرب غير قادر على فعل الكثير لتشجيع التمرد، خصوصاً في وقت تنتشر الاضطرابات في أماكن أخرى من العالم. أضعفت العقوبات النظام لكنها فشلت بشكل واضح في إسقاطه. أفضل مساعدة حيوية يمكن للحكومات الغربية أن تقدمها للمقاومين الإيرانيين الشجعان هي ضمان ألا تحول العقوبات دون وصولهم إلى خدمات الإنترنت أو إلى أدوات كالشبكات الافتراضية الخاصة التي تساعدهم على التهرب من الرقابة.

لن ينزعوا حجابهم وحسب
سيكون التخلص من الحكم الفاسد منوطاً بالإيرانيين. إلى الآن، كانت التظاهرات عفوية وغير منظمة. لم يظهر أي قائد محتمل. بعد أكثر من عقد على ضرب الثورة الخضراء، لا يزال أبطالها مقموعين. قد يأتي التغيير الحقيقي من داخل صفوف رجال الدين الساخطين لكن هذا السيناريو فشل في كثير من الأحيان بالتمظهر. التمرد الحالي قد يضمحل كما حصل مع الاحتجاجات السابقة. لكن في يوم من الأيام، لن ينزع الإيرانيون حجابهم وحسب لكن أيضاً أسيادهم البائسين. وتتمنى المجلة البريطانية ختاماً أن يأتي هذا الحدث في أقرب وقت ممكن.