جانب من خط نورد ستريم 2 تحت البلطيق (أرشيف)
جانب من خط نورد ستريم 2 تحت البلطيق (أرشيف)
الإثنين 3 أكتوبر 2022 / 21:33

رغم الغموض...مؤشرات على تورط روسيا في تخريب نورد ستريم

24- طارق العليان

أعلن في 27 سبتمر(أيلول) الماضي، تسرب كبير من خطي نورد ستريم 1 و2، ما أثار تكهنات بتصعيد جديد في سياسة حافة الهاوية بين أوروبا وروسيا.

ربما أدرك بوتين أن مثل هذه الآمال كانت واهمة، خاصة أن أوروبا وجدت طرقاً لإعادة تخزين الغاز لفصل الشتاء.

أُنشئت خطوط الأنابيب تحت سطح الماء لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا لكنها توقفت عن العمل منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي 29 سبتمبر (أيلول)، أصدر الناتو بياناً قال فيه إن التسرب كان نتيجة تخريب متعمد، مشيراً إلى أن الهجمات على البنية التحتية الحيوية للحلفاء ستقابل "برد موحد وحازم".

وفي هذا الإطار، تناول تحليل لـ"مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" الأمريكي، تداعيات تخريب أنابيب نورد ستريم، معتبراً أن الأضرار التي لحقتها ستكون ذات تأثير فوري محدود على إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا.

ففي 2 سبتمبر(أيلول)، أوقفت شركة غازبروم الروسية تدفق الغاز عبر نورد ستريم 1 إلى أجل غير مسمى، مشيرة إلى أعطال في التوربينات الرئيسية على طول الأنابيب. وحتى قبل الإغلاق، كانت التدفقات عبر نورد ستريم 1 منخفضة، وبلغ متوسطها حوالي 30 مليون متراً مكعباً في اليوم، حوالي 20 %من سعته، منذ أواخر يوليو(تموز).

وحسب التحليل، لا تزال التوقعات حول إمدادات الطاقة الأوروبية وأمنها غير واضحة. وبينما انخفضت أسعار الغاز بشكل كبير منذ ذروتها في أواخر أغسطس(آب)، أدى الضرر الذي لحق بخطوط الأنابيب إلى ارتفاع الأسعار الأوروبية، وسط تساؤلات حول إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط أنابيب بديلة.

ولم تُسلم أي كميات عبر خط أنابيب "يامال" من سيبيريا إلى أوروبا، منذ مايو (أيار)، لكن بعض التدفقات استمر عبر أوكرانيا، وخط أنابيب "ترك ستريم". وتظل هذه الأحجام منخفضة، في وقت تعتبر كل ذرة غاز مهمة لأوروبا مع اقتراب فصل الشتاء.

ورغم هذه التحديات، يقول التحليل، حققت أوروبا تقدماً كبيراً قبل الشتاء. مُلئت أكثر من 80% من مخازن الاتحاد الأوروبي حتى الآن، بما يتجاوز الحد المستهدف قبل الشتاء.

وغطت الولايات المتحدة معظم واردات أوروبا اليومية من الغاز الطبيعي المسال، بمتوسط 381 مليون متراً مكعباً في أغسطس (أب) وسبتمبر(أيلول).

روسيا تهدد  
وأشار التحليل إلى أن السنوات الأخيرة، عرفت زيادة في النشاط الروسي حول البنية التحتية الأوروبية الأطلسية تحت سطح البحر. وأصدرت الحكومات على جانبي المحيط الأطلسي، وكذلك الناتو، تحذيرات من تحرك غواصات روسية قرب الكابلات البحرية في شمال المحيط الأطلسي.

ووفق التحليل، تركز القلق في أوروبا والولايات المتحدة بشكل أساسي على كابلات الألياف الضوئية تحت سطح البحر، وهي جزء آخر من البنية التحتية الحيوية التي تحمل أكثر من 95% من البيانات الدولية. وكانت التكهن بأن النشاط الروسي قرب الكابلات كان في الأساس محاولة لرسم خريطة الخطوط.

ولفت التحليل النظر إلى أنه كثيراً ما تتعرض هذه الكابلات للتلف، لكن السبب الأكثر شيوعاً هو الأضرار المادية العرضية من السفن التجارية، أو الكوارث الطبيعية، من 150 إلى 200 اضطراب سنوياً، في المتوسط. وحتى الآن، لم تلم الولايات المتحدة ولا حلفاؤها وشركاؤها علناً، روسيا على انهيار تلك البنية التحتية تحت سطح البحر.

مملوكة لروسيا
وأشار القادة الأوروبيون إلى أنهم يشتبهون في التخريب، بالنظر إلى تعرض ثلاثة خطوط أنابيب لانفجارات متتابعة وسريعة، وأن المشتبه الرئيسي هو الاتحاد الروسي، الذي يملك الدافع، والوسائل والفرصة.

وحسب التحليل، فإن سياق هذه العمليات مهم، حيث تأتي التفجيرات بعد أن حشدت روسيا للحرب، ونظمت استفتاءات زائفة، ووجهت تهديدات نووية للتعويض عن غزوها المتعثر لأوكرانيا.

قد تشعر روسيا بأن الغرب يستخف بقوتها وتريد توجيه رسالة واضحة مفادها أنه يجب أخذها على محمل الجد.

إلى ذلك، وبقطع خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، يمكن لروسيا أن تشير إلى أنها هي لا أوروبا، من قرر قطع العلاقات في مجال الطاقة وفك الارتباط، وأن لا عودة إلى الوراء.

ووفق التحليل، يبدو أن هذا يتناقض مع الحكمة التقليدية بأن روسيا كانت تأمل تنهار أوروبا هذا الشتاء بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة وستسعى إلى التراجع عن العقوبات والضغط على أوكرانيا للتفاوض.

ولكن ربما أدرك بوتين أن مثل هذه الآمال كانت واهمة، خاصة أن أوروبا وجدت طرقاً لإعادة تخزين  الغاز لفصل الشتاء، وتلجأ الآن إلى تكتيكات جديدة.

البنى التحتية الأخرى
بعيداً عن انفجارات خطوط الأنابيب، يمكن أن تشكل الهجمات الإلكترونية تهديداً كبيراً لأنظمة الطاقة. في مايو (أيار) 2021، أدى هجوم إلكتروني على خط الأنابيب "كولونيال" في الولايات المتحدة إلى وقف التشغيل، وإلى نقص الوقود، وتكالب على شراء الوقود عبر الساحل الشرقي.

وسلط حريق في محطة "فريبورت" الأمريكية للغاز الطبيعي المسال في وقت سابق من هذا العام الضوء على ضعف أوروبا أمام أي اضطراب. وأدى توقف فريبورت إلى تعليق ما يقرب من 17%  من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية، فارتفعت الأسعار في الاتحاد الأوروبي بنحو 12%، بسبب تلك الأخبار.

وفي ظل حرب الطاقة المتصاعدة، يرى التحليل أن الهجمات على الشبكات ستكون مصدر قلق أيضاً، حيث أظهر القراصنة الروس قدرتهم على تعطيل التشغيل في تلك المرافق سابقاً.

وفي 2015، شن قراصنة روس هجوماً على شبكة الكهرباء الأوكرانية، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن 230 ألف شخص.

ويمكن أن تؤدي الهجمات الناجحة على الشبكة إلى انقطاع الكهرباء ما يؤثر على العمليات الحيوية بما في ذلك الرعاية الصحية والوصول إلى المياه.