المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي محاطاً برموز من النظام الحاكم (أرشيف)
المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي محاطاً برموز من النظام الحاكم (أرشيف)
الجمعة 7 أكتوبر 2022 / 00:23

حكام إيران يستعدون لسحق الاحتجاجات...هرباً من مصير الشاه

رجح 4 محللين أن حكام إيران سيتمكنون من احتواء الاضطرابات في الوقت الراهن، وأن احتمالات فجر نظام سياسي جديد في رحم ما يحدث ضئيلة للغاية، إذا استرشدنا بالتاريخ.

بدأت الاحتجاجات اعتراضاً على وفاة الشابة مهسا أميني، 22 عاماً، لكنها تطورت إلى انتفاضة ضد ما يصفه المحتجون بتفاقم لديكتاتورية رجال الدين في البلاد.

لكن فرص تطور الأحداث إلى نوع الانتفاضة التي أطاحت بحُكام مُخضرمين في الشرق الأوسط في 2011 مثل مصر وتونس، تبدو مستبعدة في وقت قريب، طالما ظل حكام إيران عازمون على الحفاظ على قبضتهم محكمة على السلطة، بأي ثمن.


فعلى مدى عقود، تستعين المؤسسة الدينية الحاكمة بالحرس الثوري الإيراني المخلص لسحق انتفاضات عرقية بعنف، وأي اضطرابات للطلبة أو احتجاجات على اقتصادية. وحتى الآن، أحجم الحرس الثوري نسبيا عن التدخل في الاحتجاجات، لكن يمكن حشده بسرعة ليفعل.

ويقول كسرى أعرابي، مدير برنامج إيران في معهد توني بلير للتغيير العالمي، إن الاحتجاجات إذا استمرت فستلجأ طهران إلى الحل المعتاد "العنف بلا قيود في التعامل مع مدنيين غير مسلحين لسحق الاحتجاجات تلك المرة أيضاً".

والاحتجاجات مستمرة بالفعل منذ ما يقرب من 3 أسابيع ما يجعلها واحدة من أكبر موجات المظاهرات المعارضة للحكم في إيران.

ويقول محللون إنه رغم أن نطاق الاحتجاجات لا يمكن مقارنته بثورة 1979 عندما نزل الملايين للشوارع، إلا أن التضامن والوحدة بين المحتجين وهم يطالبون بسقوط المؤسسة الدينية الحاكمة تُذّكر بذات الأجواء.

وقال أعرابي: "التشابه الأساسي المدهش بين الاحتجاجات الحالية مع ما حدث في 1979 هو الأجواء في الشوارع التي تتسم بثورية صريحة. لا يريدون الإصلاح، يريدون تغيير النظام".

وتابع قائلاً: "بالطبع لا يمكن لأحد التنبؤ متى ستحين تلك اللحظة ربما بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات.. لكن الشعب الإيراني اتخذ قراره".

وفي تحد واضح للنظام، أحرق محتجون صورا للزعيم الأعلى علي خامنئي وهتفوا "الموت للديكتاتور" ولم تردعهم قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات، وفي كثير من الأحيان، الرصاص الحي أيضاً.
الضعف مرفوض
تعقد النخبة الحاكمة في إيران العزم، رغم ذلك، على رفض إظهار نوع الضعف الذي تعتقد أنه حدد مصير الشاه الذي كان مدعوماً من الولايات المتحدة.

فبالنسبة للنشطاء في الدفاع عن حقوق الإنسان وقتها، كانت غلطة الشاه الكبرى أنه نفر الناس بالتعذيب وسفك الدماء، لكن فيما بعد قال بعض المؤرخين إن الشاه كان أضعف من اللازم وتباطأ وتردد في القمع.

وقال مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط أليكس فاتانكا: "نهج هذا النظام يعتمد أكثر بكثير على القمع من نظام الشاه".

وتقول جماعات دفاع عن حقوق الإنسان إن "قمع الدولة للاحتجاجات أسفر حتى الآن عن مقتل 150 على الأقل وإصابة المئات واعتقال الآلاف".

وقال مسؤولون إيرانيون إن العديد من قوات الأمن قُتلوا على يد "خارجين عن القانون ومثيرين للشغب مرتبطين بأعداء أجانب" مُرددين تصريحات لخامنئي، يوم الإثنين، ألقى فيها بالمسؤولية على الولايات المتحدة، وإسرائيل في تشجيع "مثيري الشغب".

وقبل الثورة بقليل ظهر شاه إيران على التلفزيون الرسمي قائلاً: "بصفتي شاه إيران.. سمعت صوت ثورتكم.. لا يمكنني إلا أن أسلم بثورتكم". واعتبر معارضوه ذلك علامة ضعف.

وقال فاتانكا: "فطن خامنئي للدرس، باعتبار أنه عاصر الثورة، وهو أنك إذا قلت للناس إنك سمعت أصواتهم، وأنك مخطئ فإن هذا هو نهاية قيادتك. هو لا يريد ذلك".

وقال فاتانكا، إن خطاب خامنئي غير المتجاوب ينطوي أيضاً على مخاطرة، وأضاف "إذا لم يسمع خامنئي، ولم يتوقف عن هذا الهراء الذي يذهب إلى أن قيادة الاحتجاجات بالكامل أجنبية، سيكون هناك المزيد من الاحتجاجات".

وامتدت المظاهرات من محافظة كردستان، موطن مهسا أميني، إلى جميع محافظات إيران، وعددها 31، وانضمت إليها جميع طبقات المجتمع بما في ذلك الأقليات العرقية والدينية.

وقال المتخصص في الإسلام السياسي واحد يوسيسوي، من كندا : "جذبت هذه الاحتجاجات العريضة القاعدة جميع قطاعات المجتمع تقريباً التي لم يستجب النظام لشكاياها".

وهناك هتاف سياسي كردي شعبي رددته حركة الاستقلال الكردية "المرأة، الحياة، الحرية"، الذي ظهر  للمرة الأولى في جنازة مهسا أميني في 17 سبتمبر(أيلول) في بلدة سقز الكردية، واستُخدم على المستوى العالمي في الاحتجاجات على وفاتها.

ويقول المحللون إن المؤسسة السياسية انتابها الخوف من انتفاضة عرقية وأنها تبنت لذلك قمعاً مقيداً عوض القبضة الحديدية التي أظهرتها في الماضي.

ثورة على رجال الدين
قال أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة تينيسي في تشاتانوغا سعيد جولكار، إن الاحتجاجات "علمانية، غير أيديولوجية مناوئة للإسلام إلى حد ما". ومضى قائلاً: "الإيرانيون ثائرون على رجال الدين الذين يستخدمون الدين لقمع الشعب".

وارتفع صوت الثورة على الشاه، وتردد صداها في المدن والبلدات والقرى بالمحافظات. لكن ما أصاب حكمه بالشلل هو إضرابات عمال النفط الذين أغلقوا الصنابير، وحجبوا معظم عائدات البلاد، وكذلك تجار البازار الذين مولوا رجال الدين الثائرين.

وفي حين أن طلاب الجامعات لعبوا دوراً أساسياً في الاحتجاجات وأضربت عشرات الجامعات فإن هناك القليل مما يشير إلى أن البازار وعمال النفط انضموا إليها.

وقال فاتانكا: "كان دور تجار البازار مهما خلال ثورة 1979 لأنهم رأوا في ذلك الوقت أن إصلاحات الشاه الاقتصادية ضد مصالحهم فساندوا الثورة".

ومضى قائلاً: "اليوم البازار ليس لديه ما يدافع عنه في الوقت الذي لم يعد يسيطر فيه على الاقتصاد الذي أصبح الآن في أيدي الحرس الثوري".

فالحرس الموالي لخامنئي إمبراطورية صناعية إلى جانب أنه قوة عسكرية قوية ويتمتع بنفوذ سياسي ويسيطر على صناعة النفط في إيران.