الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الأربعاء 26 أكتوبر 2022 / 16:08

سياسات بايدن تعمق جراح الاقتصاد الأمريكي

رغم أن أغلب مشاكل الاقتصاد الأمريكي سابقة على وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم فإن سياساته أدت إلى زيادة حدتها، مع خفض معدل النمو في المستقبل وجعل الاقتصاد أقل مرونة وتكافؤا .

وتقول المحللة الاقتصادية الأمريكية أليسون شارجر في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ، إن الرئيس لا يملك تأثيراً كبيرا على حالة الاقتصاد الراهنة، فهو لا يحدد أسعار الطاقة ولا أسعار الأصول. لكن إدارته تصبح مؤثرة بشكل خاص عند وضع السياسة الاقتصادية.

وأغلب هذه السياسات كانت سيئة. فالاقتصاد السليم هو الذي ينمو مع معدل تضخم منخفض أو مستقر ومرونة في مواجهة الصدمات، وقدرة على خلق أو تبني التكنولوجيات الجديدة. لكن سياسات بايدن تدمر هذه السمات لتقود أكبر اقتصاد في العالم نحو كارثة إذا لم يتدارك الرئيس وإدارته الأمر.

ويصر الرئيس بايدن على أن الاقتصاد الأمريكي قوي وهو أمر صحيح إلى حد ما، فمعدل البطالة منخفض، والأوضاع المالية للأسر جيدة.

لكن التضخم مرتفع ومعدلات نمو الاقتصاد ضعيفة، والركود وشيك، والأجور الحقيقية تتراجع نتيجة التضخم، وكذلك أسواق الأسهم.

لم يتسبب بايدن في ارتفاع التضخم الذي نتج عن اختناق سلاسل الإمداد  بسبب جائحة كورونا المستجد، والسياسة النقدية المرنة، وحزم التحفيز الاقتصادي  في عهد سلفه دونالد ترامب.

ولكن بمجرد أن بدأ الاقتصاد في التعافي، جاءت خطة الإنقاذ الأمريكية  في 2021 لتجعل التضخم أسوأ، على حد قول شارجر الباحثة في معهد مانهاتن، والشريك المؤسس لشركة لايف سايكل فاينانس بارتنرز للاستشارات المالية.
 
ويرى خبراء أن هذه الخطة كانت كبيرة للغاية وربما أضافت بين نقطتين و4 نقاط مئوية إلى معدل التضخم الأمريكي.

فهذه الخطة جاءت بعد إنفاق تريليونات الدولارات على خطط الإنقاذ في عهد الإدارة الأمريكية السابقة.

كما كانت خطة الإنقاذ الأمريكية مفرطة، جزئياً بسبب المساعدات السخية التي قدمتها للأسر التي لا تحتاجها في الطبقتين المتوسطة والمتوسطة العليا، التي لا يقل دخلها السنوي عن 100 ألف دولار.

ربما حققت هذه الخطة شعبية للرئيس في ذلك الوقت لكن التضخم الناجم عنها أضر بشكل أكبر بالأسر ذات الدخل الأقل، التي تتأثر بشدة بتحركات الأسعار، والتي ستعاني أكثر نتيجة أي ركود سبب جهود مكافحة التضخم.

ولا يتحمل بايدن مسؤولية أسعار الطاقة العالية، التي بدأت الارتفاع مع خروج العالم من جائحة كورونا، ثم واصلته بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.

لكن خطابه القوي ضد شركات النفط وتعليق تأجيرها الأراضي العامة، وتعهده بالقضاء على استخدام الوقود الأحفوري، أدى إلى زيادة صرف الأرباح لمساهمي شركات النفط التي قللت إنفاقها الاستثماري في مشاريع إنتاج جديدة.

كما ألغى مشروع خط أنابيب كيستون XL من كندا الذي كان مقررا الانتهاء من مده أوائل العام المقبل، ما أدى إلى تقليص قدرة سوق الطاقة الأمريكية على التعامل بمرونة مع صدمات الأسعار في السوق الدولية.

ثم جاء بايدن  بخطة تحديث البنية التحتية الأمريكية بـ 550 مليار دولار. وهذه الخطة تبدو جيدة للاقتصاد، حيث ستؤدي إلى تحسين حالة الطرق والموانئ، وخفض الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، وتوسيع نطاق خدمة الإنترنت فائق السرعة في الولايات المتحدة.

لكن طريقة تحقيق هذه الأهداف تمثل مصدرا كبيراً للقلق. وعلى سبيل المثال تضمنت الخطة وصول أكبر عدد ممكن من الوظائف الجديدة إلى العمال النقابيين.

من حيث المبدأ لا خطأ في توظيف العمال المسجلين في النقابات. لكن عندما تعطي الحكومة للنقابات احتكار التوظيف في مشاريعها فإنها تتسبب في ارتفاع كلفة المشروع وزيادة مدة تنفيذه لسنوات عديدة.

كما أن فتح باب العمل فيها أمام التنافس بين العمال سيزيد كفاءة التنفيذ دون زيادة التكلفة على دافعي الضرائب.

وتقول شارجر الكاتبة في وكالة بلومبرغ ومجلتي "إيكونوميست" و "بيزنس ويك": " لا يوجد اهتمام كبير من الإدارة الأمريكية بالحد من كلفة تنفيذ مشاريع الخطة. كما أن للكثير منها دوافعها سياسية لا اقتصادية".

وتضيف "الحقيقة أن الاستثمارات في الاقتصاد العام يمكن أن تكون مثمرة، لكن مثل كل الاستثمارات يجب أن تكون موجهة بشكل جيد ولا تكون باهظة التكلفة، وإلا فإنها تؤدي إلى زيادة عجز الميزانية دون أن تزيد معدل النمو الاقتصادي".

وفي وقت سابق من العام أصدرت الإدارة الأمريكية قانون خفض التضخم، بدعوى كبح جماح أسعار المستهلك، في حين أن أغلب بنود القانون مخصصة لزيادة الإنفاق العام، وهو أمر سيء عند مكافحة التضخم.

وكان الأمل أن يؤدي ذلك إلى تراجع التضخم في المستقبل بخفض عجز الميزانية في العقد المقبل. ولكن بعد أسابيع قليلة من تمرير القانون، تلاشى الخفض المحتمل للعجز بسبب الأمر التنفيذي الرئاسي باسقاط جزء من قروض الطلبة.

وأخيراً، فإن أفضل شيء يقال عن استراتيجية بايدن الاقتصادية، أن الجمهوريين المنافسين لا يملكون شيئاً أفضل. 

فبغض النظر عن نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الشهر المقبل، تحتاج الولايات المتحدة لسياسات تستعيد ديناميكية ونمو الاقتصاد، وليس ضخ الأموال في مشاريع مفضلة ذات دوافع سياسية، حسب شارجر.