الإمارات.
الإمارات.
الجمعة 28 أكتوبر 2022 / 18:54

الإمارات أيقونة التحضّر والتنوير

حجزت الإمارات مكانتها التي تليق بها على خارطة الدول الريادية عالميًّا، عندما طوَّرت مزيجاً خاصاً من الأفكار لتشجيع الرخاء الاقتصادي وجودة الحياة

 في البداية هناك حقائق لا بدَّ من تأكيدها، أهمُّها أن وطننا عظيم بقيادته، فقد أثبتت الإمارات أنها "المعجرة الكونية"، ليس فقط في قدرتها على استتباب الأمن في الداخل، بل إن التحدِّي الحقيقي هو أن تصبح هي البلد الآمن وسط إقليم جغرافي ملتهب ومتفجِّر، إقليم مليء بالصراعات والأزمات، ما جعل الإمارات "الإعجوبة الأمنية"، وتتبوَّأ بهذه الريادة مقعدها الحضاري والتنويري بين الأمم.

فالأمة العربية- بكل أسف- تحيا اليوم واقعًا أليمًا، وتعيش مناخًا غير مسبوق من التوتُّر والتعصُّب والتمذهب والطائفية والإثنية، بل انهيار حضاريّ في معظم الميادين، فنعمة الأمن في الأوطان العربية باتت أملًا مفقودًا، وإن بلدًا فاقًدا للاستقرار يترصَّده الجوع من كل حدب وصوب، فلا يوجد الأمن إلا بوجود مقوِّماته، ولا يدوم إلا بدوام أسبابه.

وإن النماذج والوثائق التاريخية تُؤرِّخ لمسيرة كفاح الأجداد والآباء، من أجل سعيهم لتوفير الحياة الكريمة، رغم التحديات الشائكة حينذاك، واستكشاف مسارب غير مألوفة لتجاوز المعضلات، وصولًا إلى ما نشهده الآن من رقي اجتماعي وحضاري تسيره حالة القابلية للتحضر، وهي تلك المادة الخام التي تضع الذات الوطنية في وضع التحفُّز والتأهُّب من أجل الفعالية، والولوج نحو المستقبل، والتصدِّي لكل ما يعطل أفكارنا وتقدُّمنا ونهضتنا.

وقد نجحت السياسة الخارجية الإماراتية في الترويج للإسلام السمح عالميًّا، وهو نوع من الثقافة الإنسانية التي تتَّسم بالروحانية والتسامح، والرحمة للعالمين، وهذه المعايير باتت مطلباً مهمّاً للمسلم المعاصر، إذا كنّا فعلًا نريد الحياة أو العيش الآمن الهادئ البعيد عن العنف والظلم والقهر؛ لأن هذه القيم والمبادئ هي التي تُشكِّل معايير الخلود والبقاء الإنساني.

كما حجزت الإمارات مكانتها التي تليق بها على خارطة الدول الريادية عالميًّا، عندما طوَّرت مزيجاً خاصاً من الأفكار لتشجيع الرخاء الاقتصادي وجودة الحياة، والقابلية للتصالح مع العصر وثوراته العلمية والتكنولوجية، بعيدًا عن الجمود والرجعية.

فالإمارات- بفضل الله ثم بحكمة قادتها الأوفياء- امتلكت ناصية الأمن، وحازت الاستقرار، وباتت تمتلك كلَّ المقومات لتحمي نفسها من التأثيرات السلبية، وإن جوهر الرؤية التنموية التي قامت عليها النهضة في الإمارات تعتمد على الإنسان، ذلك المواطن الذي يمتلك القابلية للتحضر والتنوير؛ من أجل خلق مجتمع متسامح وإيجابي، وهو أسلوب حياة يحياها الانسان الإماراتي.

وإن من أهم دعائم هذه الحياة هو الاقتصاد القائم على بنية تحتية متطورة ومعرفة تنموية مستدامة، ثم تحفيز المواطن على التطور والازدهار، وإثراء المجتمع بفعاليات وطنيّة وتراثية ودينيّة وثقافية، والمضي في مشروع الوسطية، وتكريس خطاب التنمية، وتعزيز الاستقرار، والتصدِّي للأفكار الظلامية، وكل هذه العوامل كان مفعولها قويًّا ومحركًا فاعلًا. كل هذه المقومات جعلت الإمارات وجهة للنخب من الزوار، وخيرة العقول، والصفوة من المستثمرين من كل أنحاء العالم، هذه الثقافة القيادية والوطنية العظيمة تعتبر المسرِّع التاريخي نحو التغيير النوعي، والتصدي للأزمات، وتحقيق التعافي السريع، ومسايرة أهداف التنمية والرخاء.

وإن التحديات الراهنة تؤكد صواب موقف الإمارات، وأنّها استطاعت بجدارة أن تصنع ثقافة التحضر، وأضحت طرفًا مؤثّرًا دائم البحث عن كل السبل الممكنة نحو تحويل العالم إلى مكان للسلام، فكان بناء الوعي لصناعة إرث إنساني حضاري، يرفض جميع المحاولات التي تربط الإرهاب بأيِّ دين أو عرق أو ثقافة، أو أصل إثني أيًّا كان نوعه، بل محاولة تجفيف منابعه المالية والفكرية، ومنع المواد التحريضيّة والدعائيّة، التي تستهدف ضرب الوحدة الوطنية.

ولقد كان كل هذا السعي الحثيث من أجل أن تتفرغ الإمارات حينئذٍ لرسالتها الأخلاقية والمعرفية، بنشر العلوم والآداب والمعارف والفنون؛ كي لا نترك الشباب نهبًا للأفكار المتصارعة، أو للتيارات التي تُفرِّخ العنف بهدف الحصول على ما تريد من مكاسب اجتماعية وسياسية.

ورغم الأدلة الدامغة على ما لدى الإمارات من قدرات علمية وعملية استثنائية، فإنها أبدًا لم تفرط في القيم الإنسانية الأصيلة، وإن أياديها الكريمة والحانية تمتدُّ للبشر في كلِّ مكان في العالم، دون أن يدعوها ذلك إلى أن تتهاون مع كلِّ من تسوّل له نفسه زعزعة استقرارها.