جندي باكستاني عند الحدود مع أفغانستان (أف ب)
جندي باكستاني عند الحدود مع أفغانستان (أف ب)
الأحد 27 نوفمبر 2022 / 16:11

العلاقات الأفغانية الباكستانية... إلى أين؟

24- طارق العليان

في أعقاب استيلاء طالبان على أفغانستان، تقدمت باكستان بالتماسٍ للمجتمع الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية ورفع العقوبات المفروضة على جارتها للحيلولة دون أزمة إنسانية فيها.

على باكستان أن تدرك أن طالبان التي تسيطر على الحكومة ليست طالبان التي تعاملت معها في الماضي.

لكن، تغيرت الكثير من المعطيات في عامٍ واحد. فباكستان تركز اليوم على إحباط الإرهاب العابر للحدود، ومنع الهند من التسلل إلى أفغانستان، حسب أحمد وقاص وحيد، المدير التنفيذي لمبادرة الطرق وأستاذ مساعد في كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية في الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا في إسلام أباد، في تحليل على منصة "منتدى شرق آسيا" للتحليلات والبحوث والتعليقات السياسية حول منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشؤون العالمية.

وأضاف الكاتب "حتى حكومة طالبان أخفقت في الحد من مخاوف السياسة الخارجية الباكستانية. فمنذ أن اعتلت  طالبان سدة الحكم، زادت الهجمات الإرهابية التي نُفِّذت في باكستان بنسبة قياسية بلغت 56%. ولا نزال الكيانات الإرهابية تنَشِط في أفغانستان، بما فيها القاعدة، وطالبان باكستان وتنظيم داعش". 

حذر مدروس

وتابع الكاتب "حل محل مطالبات الدعم الدولي لأفغانستان الآن الحذر المدروس. فالابتهاج بانتصار طالبان يفسح المجال أمام صحوةٍ بشعة تشي بأن الموقف الأمني تحت حكم طالبان يعني أن النوبات الإرهابية في باكستان لم تنتهِ بعد. وفي كلمة ألقاها رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر(أيلول) الماضي، قال إنه شاركَ المجتمع الدولي مخاوفه من عمل الجماعات الإرهابية في أفغانستان".


وفضلاً عن ذلك "تنافس طالبان الآن باكستان على المزيد من السيادة والحكم الذاتي، وأظهرت انفتاحها على تحسين العلاقات مع الهند. وتحث الهند على زيادة مشاركتها في أفغانستان عبر التجارة الثنائية واستئناف المساعدات الإنسانية، وأعربت عن اهتمامها بالتماس دعم الهند لتدريب قوات أفغانية. إن دعم طالبان لمشروع ميناء جابهار في إيران، الذي طُوِّر لينافس ميناء جوادار الباكستاني، مثال آخر على النحو الذي تتمنى به طالبان تقويض المصالح الباكستانية".

ولأن تحالف باكستان مع أفغانستان محوري في سياستها الخارجية، وفق الكاتب، فإن "العلاقة المتداعية في حاجة إلى إصلاح ورأب صدع. وعلى باكستان أن تدرك أن طالبان التي تسيطر على الحكومة ليست طالبان التي تعاملت معها في الماضي. ولا يمكن أن تستمر العلاقة بينهما إذا كانت علاقة كفيل بعميل، إذ أخفقت الإجراءات القوية والقسرية التي اتخذتها باكستان ضد طالبان في تحقيق الأثر الذي كانت باكستان تنشده".

إن السبيل الوحيد للمضي قدماً يكمن، في رأي الكاتب، "في استغلال القوة الناعمة والجهود الدبلوماسية لحث طالبان على التحرك في الاتجاه الذي تهدأ فيه مخاوف باكستان الأمنية. وعلى باكستان أن تقنع حكومة طالبان بالنظر بجدية في قضايا حقوق الإنسان، ومنها تعليم المرأة، لتحصل على قبول واعتراف دوليين. وعليها أن تشجعها على التصدي لطالبان باكستان والسيطرة على الإرهاب العابر للحدود لتظهر للدول الإقليمية والمجتمع الدولي أنها جادة في اتخاذ إجراءات صارمة ضد النشاط الإرهابي".

وأكد الكاتب أن على باكستان أن تفتح أبوابها للطلاب الأفغان الذين يلتمسون التعليم العالي، وتُشجِّع على التواصل بين الشعبين.

وعليها أيضاً أن تنفتح على مطالبات أفغانستان بتأمين المساعدات الإنسانية والمالية. غير أن النكسات السياسية الخارجية الباكستانية، تزامنت مع كارثة مناخية غير مسبوقة ووضع سياسي مُتقلب، ما يجعلها عاجزة سياسياً واقتصادياً نوعاً ما.

فقد أودت الفيضانات الأخيرة بحياة أكثر من 1500 باكستاني، وشرّدت 33 مليوناً آخرين. وفاقمت الكارثة الوضع الاقتصادي المتأزم، في وقت تواجه فيه إسلام أباد مناخاً سياسياً مُتقلباً. فقد أدت الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان في ظهور حركة شعبية لا تفتأ تتنامى عبر الفجوات الاجتماعية.

ثغرات
يزعم رئيس الوزراء السابق أنّ الإطاحة به مؤامرة من الولايات المتحدة لأنه كان يسعى إلى سياسية خارجية بمعزلٍ عنها، خاصة في ضوء الأزمة الروسية الأوكرانية.

واتُّهِمت الحكومة الجديدة أيضاً بقيادة رئيس الوزراء شريف بأنها صنيعة واشنطن. ورغم أن نظرية المؤامرة هذه تشوبها ثغرات جسيمة، حسب الكاتب، فقد أخفقت حكومة شريف في إقناع الجماهير بزيفها، بسبب شعبية خان.

وفي انتظار تغلب السياسة الباكستانية الداخلية على مناخ الشكوك هذا، لن تتمكن سياستها الخارجية من أي دور استباقي. و

وفي هذه الفترة التي تشوبها اضطرابات سياسية واجتماعية، على باكستان النظر إلى الخارج لا إلى الداخل. والسعي إلى تحالفات جديدة وتعزيز القديمة منها لتضخ حياةً في اقتصادها بالتجارة والمساعدات الخارجية. وعليها أيضاً أن تقنع المجتمع الدولي بالتزامها بالسلام في أفغانستان ومواصلة الكفاح لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان.