إطلاق صاروخ لشركة سبيس إكس لايلون ماسك إلى الفضاء (أرشيف)
إطلاق صاروخ لشركة سبيس إكس لايلون ماسك إلى الفضاء (أرشيف)
الأحد 27 نوفمبر 2022 / 12:59

فايننشال تايمز: أوكرانيا كشفت أهمية الفضاء في الحروب

24- طارق العليان

لفت أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا أظهر أهمية الفضاء في الأمن. ففي يناير(كانون الثاني) الماضي، كشفت صور جهاز تحديد المواقع للقوات الروسية التي احتشدت عند الحدود الأوكرانية، أن الغزو وشيك. وأثناء الحرب، ضمنت الاتصالات بالأقمار الصناعية الاتصال بين الجنود على الجبهة وقادتهم.

سلط تدخل ماسك في السياسات الضوء على مخاطر احتكار الفضاء. فلا يمكن أن تسمح أوروبا بتعريض بنيتها التحتية الأساسية لنزوات الأثرياء أو تغريداتهم.

وفي الأثناء، ساعدت قاذفات صواريخ هيمارس المُوجهَة بنظام تحديد المواقع في ترجيح كفة أوكرانيا في الحرب، وسمحت لها بتحديد مستودعات الذخيرة والمدفعية الروسية وتدميرها.

وأضاف راسموسن، عضو المجموعة الاستشارية لوكالة الفضاء الأوروبية لاستكشاف الفضاء البشري والروبوتي، في مقال بـ "فايننشال تايمز" البريطانية أن هذا هو الصراع الأول الكبير الذي عولَ فيه الجانبان بكثافةٍ على قدرات فضائية، ولكنه لن يكون الأخير.

وتعكس أهمية الفضاء في الحرب الدائرة في أوكرانيا كيف أمست الأنشطة في مدارات الأرض محورية. وفي السنوات الماضية، عززت الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند قدراتها الفضائية بقوة. وفي وقت تفاقم فيه التوتر الجيوسياسي، على أوروبا اللحاق بالركب.

وأشار أمين عام ناتو السابق إلى أن الوزراء الأوروبيين سيجتمعون في الأسبوع الجاري في باريس لمناقشة مستقبل برنامج الفضاء الأوروبي. "من النتائج المتوقع أن يخلصوا إليها، أن أمن قارتنا وازدهارها سيعولان على نحوٍ متزايد على قدرتنا على التحرك في الفضاء. ولتحقيق هذه الغاية، فإننا في حاجة إلى بنية تحتية آمنة والقدرة على الوصول السهل والآمن والنشاط البشري المُستدام في الفضاء".

ولفت الكاتب إلى أن روسيا تستهدف على نحوٍ متزايد البنية التحتية المدنية الحيوية في أوكرانيا. فشنت هجمات صاروخية مُتكررة على شبكة محطات الطاقة والكهرباء الأوكرانية. والهدف واضح وجلي، جعل الحياة صعبة قدر الإمكان على المدنيين في الشتاء.

واستهدفت روسيا أيضاً البنية التحتية خارج أوكرانيا، لتخريب خطوط الأنابيب تحت المياه التي تحمل الغاز إلى أوروبا.

وأوضحت موسكو أنها ترى البنية التحتية الأساسية هدفاً مشروعاً في أي صراع. ويشمل ذلك الأصول في الفضاء. وفي الأيام الأولى للحرب، شنّت روسيا هجمات سيبرانية على نُظم اتصالات الأقمار الصناعية الأوكرانية.

وفي العام الماضي، أجرت اختبارات مضادة للأقمار الصناعة في مدار الأرض المنخفض، فأثبتت أن لديها القدرة على تنفيذ ضربات مادية في الفضاء إن شاءت.

وتجلى هذا التهديد بوضوح في الشهر الماضي، عندما صرّحَ مسؤول روسي رفيع المستوى لمنظمة الأمم المتحدة بأن الأقمار الصناعية التجارية للولايات المتحدة وحلفائها يمكن أن تكون "أهدافاً مشروعة لهجمات انتقامية".

مخاطر احتكار الفضاء
وأكد راسموسن ضرورة تصرف أوروبا بشكلٍ مُستقل في الفضاء. ففي الشهر الماضي، غردَ إيلون ماسك، صاحب شركة "سبيس إكس"، مُعلناً "خطة سَلام" في أوكرانيا، وهددَ أيضاً بحرمانها من الوصول إلى أقمار ستارلينك الصناعية لشركته.

كان يمكن أن تَصْدُر هذه الخطة مباشرةً من إحدى وحدات بث المعلومات المغلوطة للكرملين، إذ طالبت كييف بالتخلي عن مساحات كبيرة من أراضيها لروسيا والالتزام بالحياد العسكري.

وسلط تدخل ماسك في السياسات الضوء على مخاطر احتكار الفضاء. فلا يمكن أن تسمح أوروبا بتعريض بنيتها التحتية الأساسية لنزوات الأثرياء أو تغريداتهم.

سوق أكثر انفتاحاً
إن الطريقة المثلى لتفادي ذلك، حسب راسموسن، أن يضغط القادة الأوروبيون من أجل سوق أكثر انفتاحاً وتنافساً في الفضاء "يجب أن تكون شركاتنا قادرةً على المنافسة على قدم المساواة مع غيرها من الشركات، وتضمن لنا أن نحافظ على قدرات أساسية داخل القارة الأوروبية. وهذا أمر بالغ الأهمية لأن استكشاف الفضاء يدفع عجلة الابتكار، ويوسّع آفاقنا التقنية، ويخلق صناعات جديدة، ويرتقي بفهمنا لمكاننا في الكون على اتساعه. ويمكن أن يُحقق الاستكشاف كل هذه المنافع فقط إذا كانت أنشطتنا آمنة ومُستدامة. والآن، ليس ثابتاً أن الوضع كذلك".

100 ألف قمر 
أوضح الكاتب أن مدار الأرض المنخفض أصبح عرضةً لخطر تكدس أجسام لا تفتأ أحجامها ترتفع بسبب إطلاق مجموعات عملاقة من الأقمار الصناعية من شركات مثل "سبيس إكس" و"أمازون".

ففي 2018، بلغَ عدد الأقمار الصناعية في المدار 2000 قمر. وبنهاية هذا العقد، يمكن أن يصل العدد إلى 100 ألف، أي بزيادة 50 ضِعفاً. ودقت وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" جرس الإنذار من التكدّس الفرط، والاصطدامات، وتراكم الحطام في الفضاء.

وأضاف أن الفضاء القريب من الأرض، شأنه شأن الهواء والأرض وموارد الماء، هش، وأن
الحاجة تقضي بفرض قواعد جديدة لإدارة النشاط البشري هناك. ومن سوء الطالع أن الإجماع العالمي مستحيل في المناخ الراهن.

وتابع "آن الأوان لأوروبا لتتحرك وترقى لمستوى الحدث. لقد كُنا في طليعة الأطراف المعنية بالتصدي للمخاوف البيئية على الأرض، وعلينا أن نكون بالمثل في الفضاء".

واختتم أمين عام الناتو سابقاً مقاله بالقول: "على أوروبا أن تتحلى بالجرأة. فإذا فشلنا في التعاطي مع المخاوف الأمنية، فنزيد ضُعفاً. وإذا أخفقنا في ضمان المساواة في هذا المجال، سيزيد موقفنا سوءاً. وإذا فشلنا في جعل نشاطنا الفضائي آمناً ومُستداماً، فستدفع الأجيال المقبلة الثمن".