الرئيسان الأمريكي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون (أرشيف)
الرئيسان الأمريكي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون (أرشيف)
الإثنين 28 نوفمبر 2022 / 13:04

إيكونوميست: ماكرون في أمريكا غداً.. صدى لزيارة ديغول في 1960

24-زياد الأشقر

في ذروة الحرب الباردة في 1960، ألقى الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول خطاباً أمام الكونغرس الأمريكي، الذي حياه وقوفاً، وقال فيه: "لا شيء تعتمد عليه فرنسا، أكثر من حكمة وحزم وصداقة شعب الولايات المتحدة العظيم".

وجد بايدن أن اتصالات ماكرون بين الحين والآخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مفيدة.

غداً، يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أمريكا في زيارة دولة، وسيردد صدى كلمات ديغول الحارة دون شك. ومع تاريخهما الثوري المشترك، فإن فرنسا وأمريكا ترغبان في القول إنهما حليفتان قديمتان، وتتقاسمان علاقات شائكة يتعين عليهما إدارتها بنجاح في زمن الحرب الأوكرانية والتغيير الجيوسياسي الأوسع.

وتقول مجلة "إيكونوميست" إنه بالنسبة لماكرون، فإن الزيارة تعتبر غير عادية، فهي المرة الأولى التي يستضيف فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة دولة، وسيكون ضيفه الرئيس الفرنسي الوحيد من الجمهورية الفرنسية الخامسة التي وضع أسسها ديغول في 1958، الذي أدى زيارتي دولة لأمريكا، الأولى في 2018، في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

منذ عام تقريباً، كانت فرنسا مستاءة من كشف حلف "أوكوس" الأمني، اتفاق الشراكة التكنولوجية العسكرية بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا، ما أدى إلى نسف صفقة غواصات فرنسية وتقويض استراتيجيتها في المحيطين الهادئ والهندي.

وتلفت المجلة البريطانية إلى أن أولوية أمريكا هي الحفاظ على أوروبا موحدة بسبب أوكرانيا. والآن، مع دفع القوات الأوكرانية الجيش الروسي إلى خارج خيرسون، فإن الحلفاء يرغبون في إدراج مساعداتهم لدعم أوكرانيا وكسب المزيد من الأرض، وتجنب التصعيد مع روسيا ومناقشة دبلوماسية المستقبل لوضع حد للحرب.

احتواء الصين
وبالقدر نفسه، تريد أمريكا دعماً أوروبياً في جهودها لاحتواء الصين في المحيطين الهادئ والهندي، ليس فقط لأن لفرنسا أراضي فيهما.

يقول المحلل في المجلس الأطلسي بواشنطن دانيال فريد: "إذا كنت ترغب في التعامل مع روسيا والصين في الوقت نفسه خصمين، فإنك في حاجة إلى أوروبا عموماً وإلى فرنسا خاصةً".
ويمكن أن تكون بريطانيا أقرب إلى أمريكا استراتيجياً، وألمانيا اقتصادياً. لكن في مرحلة ما بعد بريكست، فإن فرنسا باتت مركز الثقل في الاتحاد الأوروبي، ويعتبر البعض أن ماكرون هو "عميد" الحلفاء.

ويمكن أن تشكل فرنسا شريكاً قوياً يعتز باستقلاله ويزعج حلفاءه. ومع ذلك، فإن انتشارها العالمي وثقافتها العسكرية تجعلها محاوراً مفيداً.

توافق على روسيا
الكثير من الأمريكيين يبدون القلق من دبلوماسية ماكرون الحرة. وقال المحلل في مجلس العلاقات الخارجية تشارلز كوبتشان: "هذه الإدارة تريد أوروبا أكثر طموحاً. لكن ماكرون يميل إلى المواقف النارية، ويعمل بطريقة تجعل من الصعوبة بمكان عليه تكوين إجماع في أوروبا".

ومع ذلك، فإن المواقف من روسيا تلقى توافقاً. ولم تتضمن مراجعة الاستراتيجية الوطنية الفرنسية التي أعلنت في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، طموحات ماكرون السابقة للحرب التي كانت تدعو إلى إشراك روسيا في هيكل أمني أوروبي جديد.

لقد تشدد في نبرته، وأرسل مزيداً من الأسلحة إلى أوكرانيا. إن الخلافات بين الحلفاء ومع أوكرانيا، يمكن أن تبرز بسبب المدى الذي يجب أن تواصل فيه كييف القتال، خاصةً إذا كان يجب أن تستعيد شبه جزيرة القرم، التي خسرتها في 2014. لكن في الوقت الحاضر، فإن هذه القضايا مؤجلة.

دور الوسيط
وفي الواقع، وجد بايدن أن الاتصالات مع ماكرون بين الحين والآخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مفيدة. ويشترك معه في أن إلحاق هزيمة نكراء بالجيش الروسي قد تؤدي إلى تصعيد نووي. لكن بايدن غير متحمس لاقتراح  ماكرون، لعب الصين "دور الوسيط" في أوكرانيا.

إن أصعب القضايا في الزيارة ستكون تجارية، مع المساعدات الأمريكية الضخمة للطاقة النظيفة، وأشباه الموصلات، فالأوروبيون قلقون على صناعاتهم التي تضررت من ارتفاع أسعار الطاقة، وقد يكونون سعداء بتصدير أمريكا الغاز إلى أوروبا، لكنهم غير سعيدين بالأسعار التي يدفعونها.

وسيكون التوصل إلى لغة مشتركة حول هذه الأمور بمثابة اختبار، حتى بين الحلفاء.