متظاهرون ضد النظام الإيراني (أرشيف)
متظاهرون ضد النظام الإيراني (أرشيف)
الإثنين 28 نوفمبر 2022 / 13:36

دون إصلاحات.. "نار الفتنة" لن تخمد في إيران

24- طارق العليان

تستمر الاحتجاجات في إيران على مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في طهران منذ أكثر من شهرين.

وفي أعقاب إطلاق النار الإرهابي في ضريح شاه شيراغ في مدينة شيراز في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، والذي أعلن داعش مسؤوليته عنه، ألقى القائد الأعلى للحرس الثوري حسين سلامي باللوم به على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل والسعودية. وبعد ذلك نصحَ الشباب الإيراني قائلاً: "عودوا إلى دياركم، ولا تكونوا ألعوبة في يد الأعداء".

ضخّمت روبوتات الإنترنت والمواقع الإعلامية بالإيرانية سردية تغيير النظام. ولكن، بإضفاء الطابع الخارجي على القوة الدافعة للاحتجاجات، على النخبة الحاكمة في إيران ألا تأمل على التخلص من الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التي أجبرت الشباب بانتظام على الخروج للتظاهر في الشوارع، حسب ديبيكا ساراسوات، باحثة مشاركة في معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية في الهند، في صحيفة "إنديان اكسبريس" الهندية بالإنجليزية.

نظام سياسي خليط
وقالت الباحثة إن إيران في الأساس نظام سياسي خليط، تُمثِّل فيه "ولاية الفقيه" السيادة المُقدسَة، ومؤسسات الرئيس والبرلمان، السيادة الشعبية. ومنذ أوائل التسعينيات، حدد معالم الثقافة السياسية الإيرانية التنافس بين المحافظين، والإصلاحيين. ومع ذلك، أكدت المؤسسات غير المنتخبة التي يهيمن عليها رجال الدين سيطرتها بسردية عن غزو ثقافي من الغرب المعادي.

وفي 1999، عندما أرغمت المحاكم الخاضعة لسيطرة المحافظين صحيفة "سلام" اليومية الإصلاحية على إغلاق أبوابها، اندلعت احتجاجات الطلاب في البلاد. واستمرت التظاهرات ستة أيام حتى داهمت ميليشيا الباسيج بالحرس الثوري، والشرطة مهاجع جامعة طهران في حملة قمع عنيفة.

وبعد عشرة أعوام، احتشد آلاف الشباب الإيرانيين في الشوارع احتجاجاً على تزوير الانتخابات لصالح الرئيس المتشدد أحمدي نجاد. وتحت لواء الحركة الخضراء، أكدت شعارات "فليسقط الديكتاتور"، و"لا غزة، ولا لبنان"، و"حياتي فداء لإيران" الوعي السياسي القومي وما بعد الأيديولوجي والليبرالي للشباب الإيراني.

اللاحركات الاجتماعية
ورغم أن إيران نجحت في الصمود في وجه الاحتجاجات الشعبية، فإنها وجدت صعوبةً في التعاطي مع ما وصفه عالم الاجتماع آصف بيان بـ"اللاحركات الاجتماعية" التي تُجسد الممارسات المُشتركة لعددٍ كبير من الناس التي تفضي أفعالهم المختلفة وإن كانت مُتشابهة، إلى تغيير اجتماعي. ونادراً ما تسترشد هذه الممارسات بالأيديولوجيا أو القيادة والمنظمات المُعترف بها.

ازدهر نموذج "اللاحراك" في إيران خلال العقد الماضي. ويشهد عليها انتشار المقاهي بوصفها أماكنَ ثقافية بديلة في المدن الإيرانية الكبرى، وزيادة عدد الشابات اللائي يتحدّينَ قوانين اللباس التي تفرضها الدولة، ونحو 45 مليون مُستخدم لإنستغرام، ما يطمس الحدود الفاصلة بين الواقعين الافتراضي والفعلي.

وقالت الباحثة: "خلال زيارة لي إلى طهران في يناير (كانون الثاني) 2020، ترددت على مقهى في العاصمة عرضَ صورةً للناشطة النسائية الإيرانية الشهيرة والشاعرة فروغ فرخزاد إلى جوار صورة مارلين مونرو. وفي مقهى آخر في مدينة شيراز، عُلقت جدارية للموسيقار الإيراني محمد رضا شجريان إلى جوار ملصق للمخرج العالمي ألفريد هيتشكوك".

وفي 2019، أغلقت شرطة طهران ما يربو على 200 مقهى ومطعم لم تراع "المبادئ الإسلامية".

وقُوبلت الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، التي لم يواجه فيها الرئيس إبراهيم رئيسي أي خصم معتدل أو إصلاحي جاد، بفضل التدقيق المُشدد من مجلس صيانة الدستور للمرشحين، بلامبالاة الشباب.

إطفاء نار الفتنة
وربما ساهمَ قصور الآفاق الاقتصادية، والنظام السياسي الذي يفتقر للمرونة، في خلق نزعات قتالية بين الشباب. ويُروج النظام لفكرة أن الاحتجاجات في صالح الأعداء الخارجيين، ليستميل مشاعر القوميين، ويبرر قمعه العنيف للشعب الإيراني.

ولكن دون إصلاحات حقيقية، ربما اكتشف قادة إيران أنهم يطفئون نار الفتنة مؤقتاً لا أكثر، وفق الباحث ديبيكا ساراسوات.