جنود أوكرانيون (أرشيف)
جنود أوكرانيون (أرشيف)
الإثنين 28 نوفمبر 2022 / 14:08

أوكرانيا وروسيا...ماذا يعني النصر في الحرب

لا تزال الحرب الروسية في أوكرانيا بلا نهاية في الأفق، رغم مرور أشهر شهدت خسائر كبيرة للطرفين وتداعيات طالت العديد من الدول الأخرى.

ويقول المحلل السياسي ألكسندر إي جيل، المتخصص في الأمن والعلاقات الدولية،  في تقرير نشرته "ناشونال إنتريست" الأمريكية إنه مع تطور الأحداث في أوكرانيا بطرق غير متوقعة في كثير من الأحيان، يعيد صناع السياسات في كييف وموسكو تقييم المعايير التي قد تحدد النصر المقبول، أو الهزيمة.

ويضيف جيل، أنه عندما أطلقت روسيا "عمليتها العسكرية الخاصة" في فبراير (شباط)، كانت التوقعات بصمود كييف قاتمة.

وتوقعت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، أن القوات الروسية ستخترق بسرعة الدفاعات الأوكرانية وتستولي على كييف في غضون أسابيع.

وعلى نحو مماثل، يتردد أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي تنبأ بأن لا تصمد الحكومة الأوكرانية أكثر من 72 ساعة.

دولة قابلة للحياة
وفي الأشهر الأولى من الحرب، شاركت أوكرانيا في نظرة مماثلة. وكان الهدف الرئيسي لكييف هو ضمان بقاء دولة أوكرانية قابلة للحياة، ربما تحكم إقليما متضائلا إلى حد كبير.

وبسبب الاحتمال الكبير لهزيمة عسكرية، اتخذ الدبلوماسيون الأوكرانيون ترتيبات مع الغرب لتشكيل حكومة في المنفى، تُنتقل بموجبها الحكومة إلى بر الأمان في عاصمة أوروبية، بينما تتحول بقايا الجيش الأوكراني إلى حرب غير متكافئة ضد القوات الروسية.

ورغم الصعاب، نجحت أوكرانيا إلى حد كبير في مقاومة الغزو، وفق التقرير.

هجوم مضاد
وبحلول أواخر الصيف، كانت أوكرانيا في وضع قوي بما يكفي لشن هجوم مضاد، ما أجبر روسيا على التنازل عن الأراضي التي استولت عليها قبل أشهر فقط.

وفي أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، اضطر كبار المسؤولين العسكريين الروس إلى الاعتراف بأن موقعهم في خيرسون لا يمكن الدفاع عنه، وأعلنوا سحب قواتهم عبر نهر دنيبرو لإنشاء خطوط دفاعية جديدة، قبل فصل الشتاء.

وشجع النجاح، أوكرانيا على مراجعة أهدافها بالنظر إلى أن النصر العسكري الكامل يبدو الآن ممكناً إلى حد بعيد.

وعلى هذا النحو، وضعت كييف نصب عينيها طرد روسيا تماماً من الأراضي التي احتلتها منذ فبراير (شباط). وناقش بعض المسؤولين الأوكرانيين إنهاء ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في 2014، وقبضتها الخانقة على أجزاء من شرق وجنوب أوكرانيا.

وفي سبتمبر (أيلول)، شدد وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف على أن أوكرانيا لن تتهاون في جهودها لاستعادة الأراضي المفقودة.

وقال في الاجتماع السنوي الـ 17 لاستراتيجية يالطا الأوروبية : "لا يسعنا إلا أن نتحدث عن استعادة كاملة لسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها داخل الحدود المعترف بها دوليا اعتباراً من 1991. وهذا يعني أن شبه جزيرة القرم أوكرانية ودونباس أوكرانية".

وبالمثل، علق أندريه يرماك، رئيس إدارة فولودويمير زيلينسكي الرئاسية، قائلاً: "سيكون هناك سلام عندما ندمر الجيش الروسي في أوكرانيا ونصل إلى حدود 1991".

وفي مقارنات مع محاكمات نورمبرغ، قال ريزنيكوف أيضاً إنه "سيتعين محاكمة كبار المسؤولين الروس على جرائم الحرب خلال النزاع"، مضيفاً "ستكون هذه محاكمات نورمبرغ في جوهرها حيث ستقدم المجرمون الذين يقودون الآن الاتحاد الروسي والذين يصدرون أوامر جنائية إلى العدالة".

وأردف "على روسيا أن تدفع، وعلى أجيالها القادمة أن تدفع".

ويقول جيل إن "مقارنات ريزنيكوف بما بعد الحرب العالمية الثانية، إشارة غير دقيقة إلى الهزيمة الكاملة للجيش الروسي، والإطاحة بحكومة فلاديمير بوتين".

وفي أكتوبر (تشرين الأول) ردد زيلينسكي مشاعر ريزنيكوف الواثقة، وقال: "سنحرر بالتأكيد شبه جزيرة القرم، سنعيد هذا الجزء من بلدنا ليس فقط إلى الفضاء الأوكراني بالكامل، بل أيضاً إلى الفضاء الأوروبي بالكامل".

ويشير هذا الخطاب إلى أن كييف تتحول إلى رؤية أكثر تطرفا للنصر. ومع ذلك، يبقى أن نرى إذا كانت أوكرانيا قادرة على مواصلة هجومها المضاد، خاصة مع حلول فصل الشتاء.

ولكن حتى الآن يبرر اعتماد مجموعة أكثر طموحاً من الأهداف الاستراتيجية بالنجاحات التشغيلية. وعلى النقيض، أجبرت الانتكاسات وضعف أداء الجيش الروسي موسكو على تقليص طموحاتها.

النصر الكامل
وفي بداية الحرب، كان من الواضح أن بوتين تصور انتصاراً كاملاً. وكانت خطة روسيا هي الاستيلاء بسرعة على كييف، وقطع رأس الحكومة الأوكرانية، وكان من المتوقع أن تكون المقاومة خفيفة.

ومع سقوككييف في أيدي روسيا وسجن حكومة زيلينسكي أو قتلها أو نفيها، سيكون الكرملين قادراً على إقامة حكومة عميلة موالية لموسكو.

وكان النصر الكامل سيرقى إلى الاستيعاب الكامل لأوكرانيا في مجال النفوذ الروسي. وسيشبه النظام الذي ينصب في كييف حكومة ألكسندر لوكاشينكو الموالية لبوتين في بيلاروس، حسب جيل.

وفي الوقت الراهن، يبدو أن رؤية النصر هذه، خيال من الماضي. 

مفاوضات
وكييف في وضع عسكري أفضل للاستفادة من التنازلات في مفاوضات محتملة. وكان هناك بعض التذمر من حلفاء أوكرانيا الغربيين لأن كييف يجب أن تضغط من أجل الحوار.

ومع ذلك، تصر حكومة زيلينسكي على أنه لا مفاوضات قبل اتسحاب القوات الروسية من أوكرانيا بالكامل. 

وهذا يعني أن وقف إطلاق النار ليس في الأفق وأن القتال سيستمر حتى يحقق أحد الجانبين ميزة عسكرية حاسمة للضغط من أجل التوصل إلى نتيجة إيجابية.

ول يرجح أن يوافق أي من الطرفين على حلول وسط على طاولة المفاوضات إلى أن يتغير ميزان القوى بشكل كبير، بطريقة أو بأخرى.