تعبيرية.(أرشيف)
تعبيرية.(أرشيف)
الإثنين 28 نوفمبر 2022 / 19:20

كلُّنا مشروع شهيد من أجل الإمارات

شعب الإمارات يؤمن أن الشهيد يبقى في كلِّ الأزمان والدهور رمزًا للحريَّة والكرامة التي ينعم بها الوطن حاضرًا ومستقبلً

آلت الإمارات على نفسها أن تحتل دومًا أعلى المراتب في التصنيفات العالميَّة، وقد نحجت في ذلك وأصبحت تتفوَّق على أكثر دول العالم؛ وهذا يُلقي مسؤولية كبيرة على كاهل كلِّ فرد فيها، لكنَّ كلَّ هذه التضحيات ستظلُّ محفورةً في قلب كلِّ إماراتي بل وكل عربي؛ لما قدَّمته من تضحية وتفانٍ وإخلاص في سبيل القيام بالواجب، ومساندة الحقِّ والدفاع عن الأشقاء في مواجهة الأخطار، والذود عن حياض الأوطان العربيَّة، والانتصار لقضايا أمتها، وكل هذا بدافع الوفاء والمروءة والنخوة العربيَّة الأصيلة، والالتزام بتعزيز الأمن الخليجي والعربي المشترك، والسير قُدُمًا في نهجها الوطنى والقومي للانتصار لقيم الخير والعدالة والسلام، ونجدة الأشقاء، حتى لقد أصبح هذا نهجًا ونموذجًا عالميًّا يُحتذى.

وأبدًا لن تتخلَّى دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة عن أداء واجبها تجاه الأشقاء، ولا عن نصرتهم في حفظ الأمن والاستقرار، ومواجهة دعاة الفوضى والتخريب، وحماية الحاضر والمستقبل، فهذا موقفها الثابت الذي لا يتغيَّر؛ لأنه يستند إلى منطلقات خيرة وواضحة ونزيهة.

وإذا كان هذا دأب شعبها في السِّلم، فهو أكثر تجليًا في أوقات الحرب، لأن شعب الإمارات يؤمن أن الشهيد يبقى في كلِّ الأزمان والدهور رمزًا للحريَّة والكرامة التي ينعم بها الوطن حاضرًا ومستقبلًا.

وإن خلف كلِّ شهيد من شهداء هذا الوطن العريق ملحمة بطوليَّة وأمجاد ستفتخر بهــا أجيال الغد، وتتباهى بسجلهــا الذهبي كلّ الأجيال المتعاقبة، وتسطرها كتب التاريخ حتى تكون طاقة إلهام لكل وطني مخلص لوطنه.

وإن أيَّ عبارات أو أشعار نكتُبها عن التضحية للأوطان تظلُّ هامدة، بل ميتة، حتى إذا ما استشهد في سبيلها شهيد أو غذّيناها بدمائهم الزكيَّة، انتفضت هذه الأرواح الزكيَّة لتحيا بين الأحياء ملهِمَةً؛ لتشعل مشاعل الأمل والخير؛ فإنَّ كلماتنا الجوفاء عن التضحية والولاء للوطن تصبح بلا معنى، إلا إذا أكَّدتها النيَّة الخالصة، التي تدفع أصحابها إلى الشهادة والفداء من أجل الوطن ضدّ أعدائه.

وإن مكانة الشهيد عند الله مكانة عالية مرموقة، إذ هو- بإذن الله تعالى- مخلَّد بالعاقبة المحمودة فى الآخرة، أما في الدنيا فإن جهوده مقدرة من شعبه ومن وطنه، فالشهداء هم النور الساطع الذى أنار درب الكرامة والاستقرار، وهم الوقود الذى لا غنى عنه من أجل تحقيق العدل والحريَّة والحق للشعوب، وهؤلاء هم رجال الوطن الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فقد سالت دماؤهم الزكيَّة من أجل الحريَّة والكرامة والسؤدد.

إن يوم الشهيد هو بمثابة إشعار بالمسؤوليَّة الوطنيَّة، تلك المسؤوليَّة التي يحب أن يتحمَّلها كلُّ فرد يحيا على هذه الأرض، وأن يعلم أن يوم الشهيد يمثل كلَّ الفخار والسؤدد، وأن يتعهَّد بمواصلة الدرب على خُطى الشهداء الكرام، من أجل الحفاظ على قيم وثوابت الأمة، والدفاع عن رسالة الشهداء، والحفاظ على أوطاننا حرَّة عزيزة تنعم بالاستقرار والرفاهيَّة.

إن مَن يُقدِّمون أرواحهم رخيصةً تلبيَةً لنداء الواجب والحقِّ، ينتابنا بعض الحزن عليهم، لكنه ذلك الحزن المفعم بالاعتزاز والفخر والإباء؛ لأن الإمارات تستحقُّ ذلك الابن البارَّ بوطنه، الذي انتصر لقيمة الوفاء للوطن، ذلك الوطن الذي نحن جميعًا مشاريع شهداء في سبيل عزَّته وكرامته.

فالوطن الذي حباه الله بشعوب مستعدة للتضحية من أجل حريَّته وكرامته، هو ذلك الوطن الذي يملك القدرة على الانتصار على كل التحديات، وإن الشهادة تجعل الأوطان رايتها خفَّاقة وشامخة.

اسمحوا لي في هذا اليوم أن أدعو إلى أن ننحني جميعًا بكل إجلال للشهداء الذين جادوا بأرواحهم رخيصةً، وأن نبتهل إلى الله أن يجعل جزاءهم جنات النعيم، وأن يحمي بلادنا من كلِّ مكروه وسوء.

كما يطيب لي أن أختم بالآية الكريمة؛ فهي خير ختام: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (آل عمران: 169).