يهود في حرم المسجد الأقصى (أرشيف)
يهود في حرم المسجد الأقصى (أرشيف)
الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 / 15:48

كاتبان إسرائيليان يتجادلان حول حق اليهود في الصلاة بالحرم القدسي

اختلف كاتبان إسرائيليان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على صلاة اليهود في الحرم القدسي، واستعرض أحدهما أسباباً تمنعها، ما اعتبره زميله غير مقنع، معتبراً أن لا شيء يمنع صلاة اليهود فيه.

وسأل البروفسور الإسرائيلي، إسحاق رايتر الخبير في دراسات الشرق الأوسط وإسرائيل: "لماذا لا يحق لليهود الصلاة في الحرم القدسي؟" كما تطالب مجموعات "أنصار جبل الهيكل" اليهودية المُتشددة، التي تعتبر المنع  "تمييزاً" ضدها في أكثر الأماكن اليهودية قدسية.

وترى تلك الجماعات أن على السلطات الإسرائيلية أن تسمح لهم بالصلاة، وربما أيضاً بناء كنيس يهودي على الجبل، وهو أمر يطالب به اليهود المتطرفون، إلا أن الكاتب الإسرائيلي قال في "يديعوت أحرونوت" إن هناك 7 أسباب تمنع اليهود من الصلاة هناك.

الأسباب السبعة
وفقاً لما يراه الكاتب الإسرائيلي، السبب الأول أنه لا يمكن فصل الحرم القدسي الشريف عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مضيفاً: "يشعر اليهود بالتمييز ضدهم في ذلك المكان، إلا أن الفلسطينيين أيضاً يتعرضون للتمييز في جميع المجالات الأخرى، ولذلك فإن المسجد الأقصى هو آخر ما يتبقى لهم باعتباره ثالث أقدس مكان في الإسلام".

في العصور القديمة كان من المقبول أن يحول أي شعب استولى على أماكن مقدسة إلى أماكن صلاة، ولكن تغيرت القاعدة في القرن الـ19 وفقاً لمبادئ القانون الدولي، لذلك فإن السبب الثاني يمنع ذلك، بعد إنشاء الأمم المتحدة وتوقيع اتفاقيات جنيف، التي نصت على أنه "لا يجوز للأمة التي احتلت منطقة أن تلحق الأذى بالأماكن المقدسة فيها".


أما الثالث هو "الأقدمية"، إذ يقول الكاتب إن المكان بالفعل كان يضم معبداً يهودياً استمر حوالي 800 عام، إلا أنه وفقاً للمعايير المعاصرة فإن المسجد الأقصى قائم منذ 1400 عام، مُعلقاً: "إذا قبلنا مبدأ أن لكل أمة الحق في العودة وإقامة العبادة في مكان كان مقدساً منذ مئات السنين، رغم تغيير أصحابه، فسيؤدي ذلك إلى فتح صندوق قضايا كبير، وبعد ذلك من سيحمينا؟".

وأشار إلى أن هناك العديد من الأماكن المُقدسة لدى اليهود في إسرائيل تقدسها أيضاً طوائف مسيحية مُختلفة في الفترتين البيزنطية والصليبية، قبل تكريسها من اليهود، والأمر نفسه ينطبق على "جبل صهيون" ومجمع قبر داود الذي كان كنيسة وديراً فرنسيسكانياً، وإسرائيل لم تمتثل لمطلب الفاتيكان بإقامة العبادة الرسمية على الأرض فوق قبر صهيون.

أما السبب الرابع فهو ادعاء أن استعادة العبادة اليهودية في مكان مقدس قديم أصبح منذ سنوات عديدة مكان العبادة الحصري لأتباع دين آخر، يستند إلى قواعد قديمة، ما يعني تطبيق قوانين التوراة في العالم المعاصر، وهذا أمر سخيف في معظم العالم اليهودي اليوم.



 والسبب الخامس، أن الذين يرغبون في الصلاة بالحرم القدسي يشكلون أقلية بين اليهود المتدينين في إسرائيل والعالم. وأشار الكاتب إلى أن الحاخامية الكبرى تعارض الصعود إلى الجبل ومعها العديد من الحاخامات، بمن فيهم حاخامات مهمون في "الصهيونية الدينية". 

أما السادس لأن تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي يهدد المصالح السياسية والأمنية لإسرائيل، وسيتسبب بزيادة العنف واتساع كراهية اليهود.

السبب الأخير فهو أنه "طالما استمر النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لا يمكن للمسلمين استيعاب صلاة اليهود في الحرم القدسي، رغم أن مبادئهم الدينية لا تمنع ذلك"، لافتاً إلى أنه بعد انتهاء النزاع، يمكن إجراء حوار بين المسلمين واليهود على ذلك، وربما التوصل إلى اتفاق على صلاة اليهود في الحرم القدسي الشريف، بشروط يحددها الطرفات.

نيساني يرد على رايتر
في الصحيفة نفسها، رفض الكاتب الإسرائيلي تون نيساني الأسباب التي أوردها زميله، معتبراً أن الأمر ليس ديمقراطياً وإنما تمييزاً واضحاً.

وكتب نيساني في مقال، أن "من حق إسرائيل أن تضع مبادئ من شأنها منع التمييز الصارخ وغير القانوني وغير الأخلاقي كما في الحرم القدسي"، مضيفاً أن "ادعاءات رايتر لا صحة لها. ففي البداية يقول إن اليهود في الحرم القدسي يشعرون بالتمييز ضدهم، ولكن عندما تحدث عن الفلسطينيين كتب أنهم يتعرضون بالفعل للتمييز ولم يكتب كلمة شعور، وعندما تعلق الأمر بالعرب أصبح التمييز حقيقياً".

أما عن حديث رايتر عن الأقصى "آخر" ما تبقى للفلسطينيين، فقال إن اليهود قلقون لأن المكان الأكثر قدسية منذ عصر الرومان، أُخذ منهم، ووصف ما قاله رايتر عن تعرض العرب للتمييز في جميع المجالات الأخرى، فقال: "هذه كذبة، ولا مكان في إسرائيل تحظر فيه الصلاة للعرب بسبب دينهم".

أما منع الصلاة في مكان أصبح منذ سنوات حصرياً لأتباع دين آخر، فقال إن هذا الأمر لا تفسير له، مستطرداً "لماذا لا يستطيع اليهود الصلاة في الحرم القدسي مع المسلمين؟ هل هو صحيح أخلاقيا؟ هل هو قانوني؟ هو هو إنساني؟".



عن أن اليهود الذي يرغبون في الصلاة بالأقصى أقلية، وحسب نيساني فإن جوهر الديمقراطية ينص على الحفاظ على الحقوق الأساسية للجميع، أما "الحجة الأمنية لإسرائيل" فتساءل: "لماذا لم تستخدم الحجة نفسها عندما كتب عن التمييز ضد الفلسطينيين؟".

أما عن رفض المسلمين لليهود في الحرم القدسي، فقال إن "ذلك مجرد خيال، لأن مسلمين من جميع أنحاء العالم صرحوا، حتى على مسمعي، أنه لا سبب يمنع اليهود من الصلاة في الحرم القدسي الشريف".