الأربعاء 30 نوفمبر 2022 / 20:55

في عيدها الـ30.. الرسائل النصية القصيرة "تقاوم"

تبدو خدمة الرسائل النصية القصيرة "إس إم إس" نوعاً رقمياً في تراجع، بعد مرور 30 عاماً على ولادتها، في ظل تنامي الشبكات الاجتماعية وخدمات المراسلة عبر الإنترنت كـ"واتس آب" و"مسنجر" و"تليغرام" ، لكنها مع ذلك لا تزال صامدة على الهواتف المحمولة.

وليس أدلّ على تحوّلها مجرّد تذكار يهواه جامعو الأغراض القديمة من كون أول رسالة نصية قصيرة في التاريخ، اُرسِلَت بواسطة المشغل "فودافون" في 3 ديسمبر (كانون الأول) 1992، بيعت في ديسمبر (كانون الأول) 2021 في مزاد لدار "أغوت" في فرنسا... على شكل رمز غير قابل للاستبدال (إن إف تي)، وهي منتجات رقمية مصحوبة بشهادة تثبت اصالتها، تشكّل ثورة في عالم الإنترنت.

تتألف الرسالة التي تلقاها عام 1992 ريتشارد غارفيس المتعاون مع "فودافون" خلال فترة عيد الميلاد، من 15 حرفاً وفيها عبارة "Merry Christmas" (ميلاد مجيد). وقد أحدثت هذه الرسالة التي أرسلت من جهاز كمبيوتر ثورة في أساليب الاتصال بفضل بساطة استخدامها.

وهي "تقنية أوروبية المنشأ"، وفق ما يذكّر مارك أنطوان دوبوي، نجل المهندس الفرنسي فيليب دوبوي الذي يُعتبر المخترع المشارك لـ"جي إس إم"، شبكة الهاتف المحمول من الجيل الثاني التي أتاحت الاستخدام الواسع للرسائل النصية القصيرة في أواخر تسعينات القرن العشرين.

ولأن الحد الأقصى المتاح لحجم الرسالة النصية يقتصر على 160 حرفاً، لجأ مستخدموها إلى اختصار كلماتهم، فباتت كتابة الـ"إس إم إس" أشبه بنصوص مشفّرة، مطعمّة بوجوه "إيموجي" المعبّرة عن المزاد وردود الفعل والمشاعر، لكنّ تطور تكنولوجيا الاتصالات وقدرات الهواتف الذكية فتح باباً غير محدود أمام إثراء هذه الرسائل بالصور ومقاطع الفيديو وغيرها من المواد.

ومع أن الإقبال على استخدام الرسائل القصيرة بقي كبيراً حتى مطلع سنة 2010، وخصوصاً لتبادل المعايدات والتهاني، فإن استخدام الرسائل القصيرة في المحادثات بين الأشخاص آخذ في التراجع.

ففي بريطانيا وحدها، بات معدل الاستخدام ربع ما كان عليه قبل عشر سنوات، وانخفض إلى ما دون عشرة مليارات في النصف الأول من 2022 ، وفقاً للهيئة الناظمة للاتصالات في المملكة المتحدة (Ofcom).

ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى ظهور الشبكات الاجتماعية "فيس بوك" و"سناب تشات" و"إنستغرام" وخصوصاً خدمات المراسلة عبر الإنترنت مثل "واتس آب" و"مسنجر" و"آي ميسدج" و"فايبر" و"تلغرام" التي أتاحت تجنّب رسوم التجوال في الخارج من خلال توفير التواصل الهاتفي والنصي من خلال الإنترنت.

وفي آسيا أيضاً، قفزت إلى الواجهة خدمات المراسلة "وي تشات" الصيني و"لاين" الياباني و"كاكاوتوك" الكوري الجنوبي، بفضل ابتكارات جذبت الأجيال الشابة، منها مثلاً إمكان إنشاء مجموعات محادثة أو حتى تأكيد قراءة الرسائل.

ويرى البعض أن الرسائل القصيرة لا تزال ضرورية أيضاً باعتبارها "أداة للتحقق من الهوية والأمان" ، سواء في ما يتعلق بدخول المودعين في المصارف إلى حساباتهم، أو في مجال تسلّم الطرود البريدية مثلاً، أو حتى الفحوص الطبية، كاختبار كورونا.

وقال مارك أنطوان دوبوي إن "الرسائل القصيرة هي إحدى الوسيلتين الإجباريتين الممكنتين لإرسال التحذيرات إلى السكان" في مواجهة الأخطار الطبيعية أو الصناعية أو الصحية أو الإرهابية.

ومن مؤشرات استمرار حيوية الرسائل القصيرة الإقبال الكبير على استخدامها من تطبيقات الإعلانات و "المعاملات" التي يُتوقع أن تتجاوز العوائد من رسائلها القصيرة 50 مليار دولار عام 2023 على مستوى العالم، وفقاً لمؤسسة "جونيبر ريسيرتش" للأبحاث.