الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الرئيس الأمريكي جو بايدن (أرشيف)
الخميس 1 ديسمبر 2022 / 17:36

فايننشال تايمز: أوكرانيا دليل على أن أمريكا تنجح حين تكون هادئة

رأى الكاتب السياسي في صحيفة "فايننشال تايمز" إدوارد لوس، في رد الولايات المتحدة، على ما اشتبه في أنه هجوم صاروخي روسي على بولندا مثالاً يحتذى به في التصرف.

وتجاهل الصخب الانتحاري للمطالبة بتفعيل بند الدفاع الجماعي في معاهدة حلف شمال الأطلسي، حلل الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفاؤه الوقائع، ووجدوا أن الصاروخ أطلق من أوكرانيا، لم يكن يقفزوا إلى الاستنتاجات، أو ‘إلى حافة الهاوية. إن كتم أصوات صقور واشنطن الدائمين يجب أن يكون قاعدة أساسية في إدارة أمريكا الأعمال.

النزعة العدوانية
يعاكس هذا الأمر التيار بالتأكيد حسب "فايننشال تايمز"، دعا أكثر رئيس أمريكي هجومية تيدي روزفلت، الولايات المتحدة لتتحدث بليونة وأن تحمل عصا غليظة، فعلق في الأذهان النصف الأول من قول روزفلت بما أنه كان معاكساً لشخصية دولة هدفت حتى في ذلك الحين إلى إعادة صياغة العالم على صورتها. الطلب من الآخرين أن يكونوا مثلك هو نزعة عدوانية حتى حين ينبع عن حسن نية. إن الدليل التوجيهي على كيفية تصرف أمريكا مكتوب في الإخفاقات الأخيرة، وفي النجاحات الأقل إثارة للاحتفالات.



في أسوأ حالاتها
من فيتنام إلى العراق، تكون الولايات المتحدة في أسوأ حالاتها عندما تحاول فرض النتائج على الآخرين وفق لوس. غالباً ما يمنع الميل إلى رؤية العالم بالأبيض والأسود الولايات المتحدة من النظر إلى الواقع. . لم يكن تمرد فيتنام، دومينو في لعبة لوحية شيوعية. لقد كان كفاحاً ضد الاستعمار. لم يكن عراق صدام حسين شريكاً للقاعدة. لقد كان مجرد نظام بلطجي آخر. وبين كل الدول، لم تكن أفغانستان لتتشكل من جديد على صورة الآخرين. إن هذا الفشل المتكرر في فهم العالم كما هو، يقلص قدرة أمريكا على إعادة صياغته. لهذا السبب، تعد أوكرانيا دراسة حالة قيمة.

نتيجة غير مقصودة
كانت قائمة مهام بايدن  في السياسة الخارجية الأمريكية تتمحور كلها حول الصين لا بروسيا. حسب لوس، بذل الرئيس الأمريكي قصارى جهده لتهدئة جنون الارتياب لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقد قمة تدغدغ غروره في جنيف بعد أشهر قليلة من استلام بايدن منصبه، وقبل أشهر قليلة من الغزو الروسي.

كان الهدف رفع روسيا عن قائمة المخاوف لتتمكن أمريكا من إكمال استدارتها نحو آسيا. لكنه لم ينجح كما كان يخطط له. كانت النتيجة غير المقصودة لاعتداء بوتين على أوكرانيا إخراج أفضل براغماتية لدى الولايات المتحدة، أي أن تكون في موقع رد الفعل على الأعمال العدائية بدل أن تطلقها.

كلمة حاسمة
رغم أن بايدن سيكون حكيماً في تجنب الجملة سيئة السمعة "القيادة من الخلف"، كان هذا ما تفعله الولايات المتحدة. يقود الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الحرب بشكل علني. أدت أمريكا دور ضابط الإمداد ومقدم المعلومات الاستخبارية، والمشجع الديبلوماسي. إن الشروط التي ستنتهي بها الحرب سيضعها زيلينسكي أيضاً، رغم أن الولايات المتحدة ستتمتع عملياً بكلمة حاسمة.

من المبكر جداً الحكم على التأثير الشامل، لكن نجاحات أوكرانيا لغاية اليوم استندت إلى عزم أمريكا الهادئ والثابت. هذه هي صفات قوة عظمى فعالة ومعاصرة. إنها مختلفة جداً عن الصفات الطنانة لأمة خطيرة تظهر في أحلام الصقور. قد تكون "العملية العسكرية الخاصة" لروسيا فريدة. لكن في رد أمريكا عليها بسمات عامة يجب تطبيقها على نطاق واسع، أبرزها اثنتان. 

ماذا يقول شركاء أمريكا؟
السمة الأولى، أن شركاء أمريكا يفضلونها بهذا الشكل. نادراً ما يخشون أن تكون واشنطن وديعة، فقلقهم هو تجاوزات الولايات المتحدة. وينطبق الأمر نفسه بشكل مضاعف على التصويت العالمي المتأرجح في قارات مثل أمريكا الجنوبية وإفريقيا، كما يؤكد القلق من لامبالاة دول جنوب العالم بعدوان روسيا، بالامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة ورفض الامتثال للعقوبات التي فرضها الغرب بقيادة الولايات المتحدة.


إن وصف تلك المجموعة بالقاسية أو اللامسؤولة، قراءة خاطئة. يتذكر العالم غزو أمريكا للعراق وأخطاء ما بعد 11 سبتمبر. فالولايات المتحدة لا تزال تدفع فاتورة التهور. في المقابل، لن تستاء أي دولة من دعم أمريكا المثابر وغير المتهور لحق أوكرانيا في الوجود.

الصين
السمة الثانية، تابع لوس، هي أن على الولايات المتحدة إعادة ضبط نهجها تجاه الصين. استراتيجية بايدن هي أن تؤطر العالم في صراع بين الأوتوقراطية والديموقراطية. يجعل هذا الأمر الناس متوترين لأنه يبدو مثل نوع من التأطير المانوي الذي دفع أمريكا إلى حروب بمحض إرادتها. إنه يؤشر إلى فقدان واشنطن الصبر، فتقدم على أي شيء، حتى لو تطلب الوضع تحركاً أقل.

كثيراً ما يدور تاريخ إخفاق القوى العظمى حول الخلط بين الاستباقية والتحكم. في الواقع، غالباً ما تكون الاستباقية أسرع طريق لخسارة التحكم. إن جورج بوش الابن، مثل بوتين، دليل حي على ذلك.

قال أحد صناع القرار الاقتصاديين ذات مرة إن الخطة تتفوق على اللاخطة. حسب لوس، في السياسة الخارجية، العكس هو الصحيح غالباً. وختم قائلاً: "لم تكن لبايدن خطة في أوكرانيا، والخوف من أن تكون لأمريكا خطة في الصين".