الأربعاء 7 ديسمبر 2022 / 19:38

قبل تشكيلها.. حكومة نتانياهو الجديدة تُزعج الليبراليين

قوبلت جهود رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتانياهو، لإرضاء شركائه المتطرفين في الائتلاف برد فعل عنيف من قبل الليبراليين الإسرائيليين، فبعد أن وافق على تسليم السيطرة على الأمن الداخلي لإسرائيل لقومي متطرف، تعهد بإعطاء حزب يعارض القيم الليبرالية سلطات واسعة على بعض البرامج التعليمية، كما وعد حزباً دينياً يسعى إلى ضم الضفة الغربية.

ووفقاً لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، كان رد الفعل عنيف جداً ضد جهود نتانياهو لتشكيل حكومة يمينية جديدة سريعاً، حيث قال منتقدون إسرائيليون ليبراليون والعديد من المحافظين إنه "يقوض القيم الديمقراطية في البلاد".

ألغام سياسية
وبينما يعود نتانياهو إلى السلطة في موقع قوة بعد انتخابات 1 نوفمبر(تشرين الثاني) حيث فاز تحالفه اليميني والديني بـ64 مقعداً، وأغلبية في البرلمان المكون من 120 مقعداً، كان طريق عودته مليئاً بمناورات الألغام السياسية.

وذكر التقرير أن النقاشات الدائرة بشأن حكومة نتانياهو أثارت ضجة داخل النظام المدرسي بعد أن وعد الأخير الأسبوع الماضي بإعطاء سلطات واسعة على المحتوى اللامنهجي وبرامج الإثراء في نظام المدارس الحكومية لآفي ماعوز، زعيم حزب نعوم اليميني المتطرف الذي يروج لسياسات يصفها النقاد بأنها معادية وعنصرية وكارهة للنساء.
وفي غضون أيام، تعهد مئات المعلمين ومئات مديري المدارس بالإضافة إلى العشرات من رؤساء البلديات والمجالس المحلية علانية بتجاهل أي إملاءات من ماعوز والحفاظ على روح التعددية في فصولهم الدراسية، بحسب الصحيفة.

صراع في المستقبل
كما كانت الاتفاقيات الأولية مع شركاء التحالف المحتملين الآخرين مثيرة للجدل، مما يبرز ما يصفه معارضو الحكومة الناشئة بأنه صراع في المستقبل للحفاظ على الديمقراطية الليبرالية في البلاد، وقضائها المستقل، والوضع الراهن في شؤون الدولة والدين.
ويعود نتانياهو صاحب أطول فترة رئاسة وزراء في إسرائيل إلى منصبه بعد أكثر من عام في المعارضة حتى أثناء محاكمته بتهم فساد متهماً الحكومة الراحلة بالسعي لإثارة تمرد ضد الحكومة المقبلة، فيما يحاول طمأنة جمهوره المحلي والدولي بأنه وحده المسؤول عن سياسيات حكومته.

لكن على الرغم من موقعه القوي في البرلمان الجديد، يقول الخبراء إن نتانياهو قد أضعفته مشاكله القانونية، تاركين السؤال مفتوحاً حول مدى رغبته في كبح جماح شركائه القوميين المتطرفين.

يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس رؤوفين حزان لـ"نيويورك تايمز": "قد يكون نتانياهو الآن على استعداد للنظر في أشياء ليست في مصلحة الدولة إذا ساعدته على البقاء سياسياً.. شركاؤه يعرفون ذلك ويدركون أن بإمكانهم الضغط عليه أكثر".

وتشير الصحيفة إلى أن الصفقة الأولى التي توصل إليها نتانياهو مع إيتامار بن غفير من حزب القوة اليهودية القومي المتطرف ستجعل الأخير وزيراً للأمن القومي مع الإشراف على الشرطة ومع السلطة الموسعة حديثاً للسيطرة على قوات إضافية، بما في ذلك وحدة حرس الحدود التي تعمل في الضفة الغربية.
أدى ذلك بوزير الدفاع المنتهية خدمته بيني غانتس، وهو من الوسط وقائد الجيش السابق، إلى إعلان أن السلطات الموسعة "نابعة، في أفضل الأحوال من عدم فهم الأمن القومي، وفي أسوأ الأحوال، من الرغبة في إنشاء ميليشيا خاصة لبن غفير".

"فوضى"
أما بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، الذي يسعى في نهاية المطاف لضم الضفة الغربية، قد وُعد أيضاً بالسيطرة على وكالات وزارة الدفاع التي تتعامل مع بناء المستوطنات والحياة المدنية الفلسطينية والإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، مما يعني بحسب الصحيفة "تقسيم السلطات مع وزير الدفاع المستقبلي، وهو ما قال المتحدث العسكري السابق رونين مانيليس إنه سيؤدي إلى الفوضى".

ويقول البروفيسور حزان إنه يجب التعامل مع وعود التحالف في الوقت الحالي على أنها "تخمين"، ولن يكون من غير المعتاد وجود فجوة بين الاتفاقات المكتوبة وما يحدث في الواقع مع استمرار المفاوضات حول تشكيل الائتلاف. من جهته، نفى نتانياهو لمنتقديه ما يجري ووصفهم بأنهم "دعاة خوف لا يقبلون نتيجة الانتخابات".

ودفاعاً عن خططه، قال نتانياهو خلال مقابلة مع قناة "NBC" الجمعة: "لقد تم انتخابي لقيادة دولة إسرائيل وأعتزم القيام بذلك نيابة عنكم وبروح المبادئ الوطنية والديمقراطية التي نشأت عليها في منزل والدي والتي أرشدتني طوال حياتي".

وكتب في منشور آخر الإثنين: "على مدى 20 عاماً، قدت بمسؤولية دولة إسرائيل إلى الأمام في جميع المجالات، وسأفعل ذلك أيضاً هذه المرة".

لكن البروفيسور حزان يقول إن نتانياهو: "سيكون مقيداً بحقيقة أنه من الصعب كبح جماح حلفائه من اليمين المتطرف والدينيين من خلال التهديد بالبحث عن شركاء ائتلافين بديلين، لأن الأحزاب الإسرائيلية الأخرى رفضت أن تكون جزءاً من حكومة ذات رئيس وزراء تحت لائحة الاتهام".

ولا يزال أمام نتانياهو مهلة حتى الأحد لتشكيل حكومة، ويمكنه طلب تمديد مدته 14 يوماً، لكن يجب تغيير القوانين لاستيعاب نقل المسؤوليات بين الوزارات التي اقترحها، حسب الصحيفة.

قضايا شائكة
وتشمل القضايا الشائكة على جدول الأعمال إجراءات للحد من سلطة المحكمة العليا ومشروع قانون عسكري جديد يلبي مطالب الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة بإعفاء واسع من الخدمة لطلاب التوراة.

لكن شركاء نتانياهو المستقبليين في الائتلاف يثيرون المشاكل له بالفعل، إذ وقف بن غفير علناً مع الجنود الذين تم تأديبهم بسبب الإساءة الجسدية واللفظية لنشطاء اليسار الذين كانوا يزورون مدينة الخليل المضطربة بالضفة الغربية، ما أدى إلى نزاع عالي الصوت بين كبار الضباط والحكومة المغادرة والقيادة القادمة.
وتشير الصحيفة إلى أن ماعوز، الذي من المتوقع أن يرأس هيئة للهوية القومية اليهودية كنائب وزير في مكتب رئيس الوزراء، والذي يعارض النساء العاملات في الجيش، لاقى احتجاج كبير على خطة منحه سلطة الموافقة على برامج المحتوى الخارجية أو شطبها من القائمة المعروضة حالياً للمدارس الإسرائيلية، على الرغم من أن حزبه "نعوم" الذي شارك في قائمة مشتركة مع الصهيونية الدينية وقوة بن غفير اليهودية، التي انفصلت عنهما فيما بعد، ولم يكن لها سوى مقعد واحد في البرلمان.

نبذ ماعوز
كتب رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد، رسالة إلى رؤساء السلطات المحلية يخبرهم فيها بعدم التعاون مع وحدة ماعوز وممارسة حقهم في تقرير المحتوى الذي يدخل مدارسهم، فيما قال العشرات من رؤساء مجالس المدينة، بما في ذلك بعض من حزب نتانياهو "الليكود" إنهم سيدفعون مقابل أي برامج مدرسية تروج للتعددية ألغاها ماعوز.

وكتب تسفيكا بروت رئيس بلدية بات يام أحد معاقل الليكود على تويتر: "لا يوجد حزب له خصوصية على اليهودية، تماماً كما لا يمتلك أي حزب خصوصية على التعددية"، مضيفاً أن المدينة ستستمر في تعليم أطفالها بروح "التعددية وقبول الآخر".
ورد ماعوز ببيان متلفز الإثنين قائلاً: "هذه حملة من قبل الأقلية التي خسرت الانتخابات ضد غالبية الناس الذين تحدثوا بوضوح في صناديق الاقتراع. هذه الحملة لا تقل عن الفتنة ". وقال بعض خصومه إن الصفقة كانت بمثابة دعوة لليبراليين الإسرائيليين للاستيقاظ.

وتقول أورلي إيريز ليكوفسكي، المديرة التنفيذية لمركز العمل الديني الإسرائيلي، وهي مجموعة حقوقية تابعة للحركة الإسرائيلية للإصلاح واليهودية التقدمية، والتي تدير برامج مدرسية تروج للتعددية: "لقد جعل الناس يفهمون أنه لا يمكنك أن تكون غير مبالٍ".

وأضافت "لقد أيقظت حتى رؤساء البلديات من اليمين الذين يؤمنون بالقيم الليبرالية.. تم رسم خط يفصل ما بين الليبراليين والمتعصبين".