مجندون روس (أرشيف)
مجندون روس (أرشيف)
الخميس 8 ديسمبر 2022 / 13:10

في روسيا...مزيج غريب من التعبئة والتجنيد

كتب الأكاديمي الزائر في كلية فلتشر للقانون والديبلوماسية بجامعة تافتس بافل لوزين، أنه بقي نحو ثلاثة أسابيع قبل نهاية حملة تجنيد الخريف في روسيا. ويأمل المسؤولون تجنيد 120 ألفاً جدداً في جميع قطاعات القوات الروسية المسلحة، بينهم آلاف للخدمة في الحرس الوطني الروسي.

يبدو أن مواصلة التعبئة في روسيا بعد نهاية الحملة الحالية حتمية مع بداية 2023.

وبعد خمسة أسابيع تقريباً من إعلان اكتمال "التعبئة الجزئية" التي أمر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون أي تشريعات قانونية، ووفق بوتين، أمكن تعبئة 300 ألف روسي،  بينهم 18 ألف متطوع ونُشر 80 ألفاً في منطقة الحرب، بينهم 50 ألفاً شاركوا في عمليات قتالية منذ نوفمبر (تشرين الثاني). منذ ذلك الحين لم تنشر بيانات جديدة لكن أعداداً كبيرة من الجنود الذين حشدوا تواصل  التدريبات في ميادين مختلفة بما فيها في بيلاروسيا.

البنك المركزي يفضح الرقم
رغم هذه التصريحات، يشير الكاتب في تعليقه الذي نشرته "مؤسسة جيمس تاون" إلى أن العدد الحقيقي للذين خضعوا للتعبئة حتى بداية نوفمبر (تشرين الثاني) يبقى 120 ألفاً، ولا يرجح أنه ارتفع بشكل كبير.

وبشكل عام، تألفت غالبية الوحدات المعبأة رسمياً من العسكريين النشطين الذين فقدوا فرصة إنهاء أو فسخ عقود خدمتهم. وتأكد هذا التقدير بشكل غير مباشر بإحصاءات البنك المركزي الروسي.

حسب القانون الاتحادي رقم 377-أف.زد. الذي سُن أخيراً، يسمح للروس المشمولين بالتعبئة في الأشهر الأخيرة ولعائلاتهم بإعادة هيكلة جميع أنواع القروض. وفي هذا الصدد، أعيدت هيكلة 101.500 قرض لمواطنين خضعوا للتعبئة وعائلاتهم بين 21 سبتمبر (أيلول) حين بدأت التعبئة، و31 أكتوبر (تشرين الأول) حين أعلنت نهايتها.

بالنظر إلى أن أكثر من 42 مليوناً قد حصلوا على قروض في روسيا، فهذا يعني حتماً أن في الغالبية الساحقة من العائلات في روسيا مقترض واحد على الأقل، وقرض واحد بالحد الأدنى. وبالتالي، إن رقم القروض التي أعيدت هيكلتها يجب أن يكون أقرب إلى عدد  الذين شملتهم التعبئة. مع ذلك، يمكن أن تعاد مراجعة عدد الروس المعبئين مع ظهور بيانات جديدة كما يوضح لوزين.

شراء ولاءات
إن الحجم الإجمالي للقروض المعاد هيكلتها بلغ 725.5 مليون دولار. يعني هذا أن معدل حجم كل قرض أعيدت هيكلته 7200 دولار. وفي الأثناء، يبلغ معدل حجم القرض في روسيا نحو 10 آلاف دولار. معنى ذلك أنّ غالبية المعبئين وعائلاتهم الذين أعادوا هيكلة ضرائبهم، من أصحاب المداخيل دون المتوسط.

لهذا السبب، تحاول السلطات الروسية شراء ولاء الجنود المعبئين بمدفوعات لمرة واحدة تقدمها الإدارات المحلية والحكومة الفدرالية، وتجبرهم على توقيع عقود ممددة الأجل للخدمة العسكرية. ليس الهدف الأساسي هنا استعادة أعداد القوات الروسية في أوكرانيا بعد خسائر هائلة، لكن أيضاً تقاسم المسؤولية السياسية عن الحرب وعن التعبئة نفسها مع المجتمع الروسي.

حملة التجنيد
تحاول وزارة الدفاع الروسية إظهار أن حملة التجنيد في الخريف تسير وفق الخطة دون نقص في عدد المجندين الجدد، الأمر الذي يناقض بشكل حاد حملة التجنيد في الربيع الماضي.

بعد الشهر الأول في الحملة الحالية، أعلنت مراكز تجنيد عدة أن تنفيذ خطة التجنيد تخطت 50%. حتى أن المركز الإقليمي في أورنبورغ أعلن أنه نجح في تجنيد 80% من العدد الذي نصت عليه الخطة الأساسية، وهو أمر سريع بشكل غير اعتيادي حسب الكاتب.

ومع ذلك، وفي مناطق أخرى مثل بيرم، تخطى تنفيذ خطة التجنيد (نحو 3 آلاف شخص) 15% في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) وبالكاد بلغ 20% بعد. 

لم يتضح بعد إذا كان التجنيد المستمر ناجحاً بالنسبة إلى السلطات الروسية، لكن التنافس البيروقراطي الواضح بين مراكز التجنيد الإقليمية يعني أن العملية تنحرف بشكل كبير عن الإجراءات الروتينية.

وإضافة إلى ذلك، فإن العدد المتزايد للتهم الجنائية التي توجه ضد الشبان الروس الذين يحاولون التهرب من التجنيد يشهد على أن السلطات في موسكو تعتبر وقف التهرب من الخدمة، أولوية مطلقة.

مشكلة أخرى
إن تحدي تحسين الاقتصاد العسكري أولوية أساسية أخرى لدى الكرملين، يتابع لوزين. تتضمن القضايا الأساسية هنا نقصاً في التنسيق والمرونة ضمن البيروقراطية العسكرية الروسية مترامية الأطراف، ومشاكل في الإنتاجية، وفي الجودة العامة للإنتاج العسكري.

وعلى سبيل المثال، حتى إصلاح محركات الدبابات الأساسية، والعربات المدرعة، ومدفعية هواتزر ذاتية الدفع يواجه نقصاً في بعض قطع الغيار الأساسية.

وثمة تشكيك أيضاً في الحالة الفعلية لإمداد الإلكترونيات المدمجة لهذه الأنظمة وتكنولوجيا الرقائق. وبالتالي، فإن الزيادة المخططة والتي تبلغ 50% من مشتريات الأسلحة في 2023 والمقدرة بما يقرب من 44.7 مليار دولار لا تعني زيادة بـ 50% في تصنيع الأسلحة.

أمر حتمي
نتيجة لذلك، أضاف لوزين، قد تكون استعادة القوة البشرية أهم عند الكرملين لأنها الإجراء الأقل كلفة للتنفيذ بصرف النظر عن قضايا التعليم، والتدريب، والمعدات. وفي نهاية المطاف، فإن استعادة العدد الصوري للجنود أسهل بكثير من استعادة الدبابات والمروحيات وذخيرة المدفعية.

بهذه الطريقة، يبدو أن مواصلة التعبئة في روسيا بعد نهاية الحملة الحالية حتمية مع بداية 2023. مع ذلك، ستتضمن الموجة الجديدة المزيد من الإكراه على المستوى الشعبي، وستثير أسئلة بشكل شبه حتمي عن فائدة إرسال عشرات الآلاف إلى الجبهة في أوكرانيا حسب لوزين.